رحيل الأُباة يحرق الطغاة

إب نيوز ٢٠ إبريل

رويدا البعداني

ياصوت أعرني من رعد البروق علاوةً، وزدني من قواميس اللغات بلاغةً، وأرفقني من أمجاد التاريخ فصاحةً، وألهمني من سير النوابغ قصةً؛ لأكتب مقاصدي من عمق العزاء، وأسطر مأتمًا مكبدًا بالاحتواء، لأكتب من وقع البلاء، وحكم القضاءعن ارتقاء روحٌ طاهرة، انتحبت لرحيلها أرجاء السماء، منذُ استفاقة الفجر وحتى المساء.

فهاهي الذكرى السنوية لشهيدنا الصماد، تُطل علينا لعامها الثالث؛ تُذكرنا بتواطئ مخز، وتكالب سافر، من قبل أيادٍ غاشمة، عجزت عن المقارعة في ساحة المواجهة، فما كان منها إلا الغدر من وراء حجاب، والنيل من رجل عظيم جليل، اقتفى أثره شعب بأطفاله وكهولته، ورجاله ونسائه فلا لوم لطفل بات اليوم يبكي رحيله، ولا لوم لشيخ لازال ينعي مصابه. لاذنب للأرض إن تكورت غصاتها، وتفاقمت أحزانها، وتنامى الجرح العصي بين أحضانها.

ففي الوقت الذي تهاوت فيه القيم، وتنصلت منه المبادئ والأحكام والسنن، كان هو خير الدليل، ونعم الخليل لشعب شُنت عليه أعتى الأسلحة المحرمة بطرق وضيعة خالفت صكوك الحرب، أو بالأحرى حرب دميمة شُلت أخلاقها السياسة، وهوت قيمها الإنسانية، لذا كان الجزاء من جنس العمل، ففي الآونة الأخيرة تبين مدى عجزهم، وكيف أن من كان بالأمس صيادا، هاهو اليوم أضحى طريدة. ذلك أنهم أمام شعب يهوى الحرية ويأبى الرضوخ، ينتصب في ساحات المعارك متعطشًا للإطاحة بالعدو، والتنكيل به ليكون درسا أزليا لكل من ولج في هاوية الخيانة، متناسبًا مامعنى الوطن؟

نعم… أحب الله لقاءه، وتعطشت السماء لمعانقة روحه، لذا غادرنا على حين غرة. يومها تبرجت ضواحيها، وانهلت أنواءها، وانفرجت قسمات محياها، شوقا وتلهفا لقدومه. فهاهي الذكرى تبللنا بندى الشوق الذي لم يبرحنا منذ استشهاده،غير أننا لانجد غير الكتابة سبيلا لتهدئة الشجون، كما أننا سنكون على دربه ماضين، وعلى نهجه سائرين، فسلام الله لمن اقتفى أثره إلى يوم الدين..كُنا..وسنظل..صامدين..صامدين.

You might also like