طريقُ النجاة

إب نيوز ٢٤ يونيو

جهاد فايع

في عصر قد قضاه الشباب في المقاهي ، وهواتف لاتخلو من جميع مواقع التواصل ،
ضحكات تعلو وتملأ مجالس القات ، قصات الشعر أصبحت لاتختلف شكلاً عن دول أوروبا والأجانب ،

أصبحت الصداقات والاختلاط شيء عادي وربما أُس من أساسيات الحياة ،

أصبح الأب غافلاً والأم متغافلة وكلاهما لا يعرفون عن أبنائهم سوى أسمائهم وماذا يلبسون ،

أصبح الانعزال بين أربعة جدران هو الدارج كونهُ يتفق مع الخواطر والتراهات التي ينشرونها في هذه الأيام ، وتتوافق مع ما يختلقونه من مسميات وأعياد ،

أصبحت المزاجية وتقلب الشخصية شيء عادي ومرغوب به ظناً منهم أنه من الطبيعي الاختلاف أو ما يسمونه الحرية في التفكير والرأي ،

أصبح صوت الفتاة يعلو فوق صوت أمها بحجة أن أمها متحجرة الفكر ولا تفهم ما تفعله ابنتها ،

أصبح الولد لايطيق الجلوس في البيت بسبب تعديلات والده له في حركاته التي أصبحت خارجة عن إطار الدين والعفة والحياء ،

اصبح النهوض وصلاة الفجر عادة قديمة تعود للبدو والغير متطورين ،

صلاة الجمعة لم تعد بذلك التقديس لأن خطبها لاتتفق مع أراء وأفكار الشباب ،

الجلوس على مائدة واحدة مع العائلة سلوك غير مرغوب به لأن الاولاد يشعرون أن والديهم أصبحوا محطة للمحاضرات المستمرة في التخويف من عذاب الله والوقوع في الضلال ،

أتى طريق النجاة وجاءت المراكز الصيفية التي أعادت لأولادنا الشعور بالمسؤولية والالتزام بأوقات الوجبات ،

وتبادل الأخوة والحب في الله فيما بينهم والمثابرة بالأعمال والإيثار لبعضهم البعض ،

سكينة وطمئنينة تعتري كل بيت ابنهم يتردد على هذه الأماكن ،

عادت للأم مكانتها واحترامها بعد أن هجرها ابنائها ، هاهم قد عرفوا معنى كلمة أم ، وأصبحوا يقدرون قيمتها ،

تداركوا أنفسهم قبل أن يخطف الموت أحد والديهم ، فإن ناموا لا يأتي أحد منهم لتغطيتهم ، ويشعرون بالفراغ حين يقبلون على الطعام ولم تكن أمهاتهم قربهم لتهتم بأخبارهم وبما صنعته لهم من لذيذ الوجبات التي يحبونها ،

لم يعد والدهم بقربهم ليمضي الساعات لكي يشرح لهم الدروس ويحاول أن يأتي له بكل الطرق التي تسهل لهم الفهم وتمهد لهم الطريق نحو النحاح ،

قبل أن يفقدوا وجود أواتهم اللواتي تحاولن جاهدات إرضاءهن بما يحبون وكيف يتبادلن معهم الأحاديث ويضحكن معهم ،

قبل أن يفقدوا ذلك الأخ الذي ياخذهم معه للجلسات ويعمل على إخبار أصدقائه أن هذا هو اخوه وسنده ،

عرفوا معنى الالتزام والصبر
التزموا الصمت عندما كانت المحاضرات يسمع صداها في كل المنطقة ،
علموا أن الراحة والسكينة هي في القرب من الله والالتزام بالطاعات ،

تركوا هواتفهم فأدركوا أنها ليست منبع التطور والارتقاء ،

سمعوا آيات الله فزعزعت نفوسهم أكثر مما تفعله تلك الشيلات والعبارات المحطمة والمدمرة للنفسية ،

قرأوا الملازم فعلموا معنى لا إله إلا الله ومعنى التسبيح ومفعوله ،

عرفوا معنى أن تحذوا حذو بني إسرائيل ، فقدروا أوقاتهم بعد أن كان لا يوجد لديهم وقت وإن وجدوا فسيكون كله في الإتصال الدائم والكلام الطويل الذي لاينتهي مع صداقات الواتساب والفيسبوك ،

الآن أصبح أطفالنا وشبابنا في مأمن من كل تلك المخاوف التي كانت تراودنا عند جلساتهم المتواصلة وهواتفهم التي لا تفارق أيديهم ،

أصبحت صلاتهم تؤثر حتى على ملامحهم وأصبح التسبيح مطمع يتمنى كل منهم أن يذكره قبل أن يتذكره البقية

الغيرة لم تعد من كم تصادق من أشخاص أو ما نوع الهاتف الذي تحمله أو كم يحوي هاتفك من رصيد ،

غيرتهم من هو الذي كان السباق في صلاة الفجر والاستغفار
ومن هو الذي نقاطه أكثر أثناء المحاضرة أو الدرس
المسابقه هي الآن في عدد السور التي يحفظونها

إرتقاء جيلنا إلى الأفضل وأصبحوا في ودائع الله وفي أماكن إعادتهم إلى وعيهم وعادت لهم أنفسهم القديمة والنظيفة ،
احترامهم للكبير أعاد لهم مكانتهم عند كل من يعرفهم وأصبحت حتى ألفاظهم كلها قرآنية ،
أصبحوا يدعون بالهداية لزملائهم الذين ما زالوا في ذلك الطريق المظلم

شبابنا أصبحوا في طريق النور والنجاة فتلافوا ما تبقى من الأطفال ورغبوهم في الانظمام إلى هذه المراكز ، امنحوهم فرصة أن يقدسوا أوقاتهم ، لتحسسوهم بعظمتها ونتائجها ، فاجعل واجعلي من طفلك محب للمراكز راغباً في منهجها وفي أساتذتها وفي أماكنها وحتى في أجوائها ليصبحوا الفتية الذين ءامنوا بربهم فزادهم الله هدى .

You might also like