التحولات الاستراتيجية في السياسات الخارجية الترامبية..!!

إب نيوز ١٤ فبراير

غيث العبيدي

يعتقد الرئيس الأمريكي ”دونالد ترامب“ بأنه رئيس من الصنف الفاخر، أستثنائي وغير مسبوق، وأسمى وأفضل عمل من غيره، وصانع مجد أمريكا المستقبلي، وكثير التطلع للاهداف الاقتصادية الأمريكية العليا، وبعهده ستتطور أمريكا كثيراً، تبعاً لنوع السياسات الخارجية التي سيستخدمها في قارات العالم القديم والجديد على حدآ سواء” أفريقيا، وآسيا الوسطى، وقارة أمريكا الجنوبية، أو سيكمل السياسات التي كان من المقرر تطبيقها بولايته الأولى، بأعتبارها سياسة تغيير الأولويات الخارجية الأمريكية، ضد المصالح الصينية والروسية المنتشرة في العالم، إلا أن الوقت لم يكن في صالحه في دورته الثانية، التي خسر فيها الانتخابات من جانب، والوهج والجرأة السياسية من جانب آخر، فعاد اليوم ليبيع منتجات سياساته الخارجية للعالم بأغلى الأثمان.

▪️ ترامب وأفريقيا.

في الوقت الذي تحاول فيه القارة السمراء، تقوية السيادة الاقتصادية لمعظم بلدانها، وتنويع مصادر دخلها، وتقوية سياساتها الاقتصادية، مع باقي البلدان التي ترتبط معها بعلاقات محترمة، وكسب ثقة الأسواق العالمية، قرر ترامب، تجميد المساعدات الخارجية الأمريكية لأفريقيا لمدة ثلاثة أشهر، تجنباً للانتقادات الداخلية، علمآ بأن الدعم الأمريكي يدخل في الكثير من المبادرات الأفريقية المهمة للغاية «الاستقرار السياسي، الطاقة، الصحة، التعليم، العمليات العسكرية، البرامج التنموية المتكاملة، وغيرها الكثير» ويعد مثل هكذا قرار من المؤثرات السلبية على العلاقات الأفريقية الأمريكية، وربما يدفع دول القارة إلى مراجعة علاقاتها بأمريكا، والبحث عن بدائل تمويل جديدة، تحديداً وأن هناك من يتربص بالمصالح الأمريكية في المنطقة العامرة بالنفائس المعدنية المهمة، للانقضاض عليها، كروسيا والصين، المنفتحتين على أفريقيا بعلاقات مرنة واكثر إيجابية من العلاقات الأمريكية. وقد يسهم هذا القرار في تقليل النفوذ الأمريكي المتراجع من الأساس فيها، لصالح منافسي أمريكا التقليديين، روسيا والصين.

▪️ ترامب وأمريكا اللاتينية.

على مايبدوا أن هناك موقف إقليمي سري ثاني سيتبلور قريباً، سيتخذ ضد أمريكا، بعد سياسات ترامب العدائية تجاه دول قارة أمريكا اللاتينية، كندا وقضمها أمريكيآ، المكسيك والرسوم الجمركية ومشاكل الحدود والهحرة، فنزويلا المتأثرة سلفاً بسياسات ترامب الانقلابية، كولومبيا والحرب التجارية، وعقوبات التأشيرات، كوبا وعودتها لرعاية الإرهاب بقرار أمريكي مجدداً، بنما والسيطرة عليها أمريكيآ، وأغلب دول القارة مرشحة للمزيد من التوتر، حتى وان كانت مواقفهم المعلنه غير حادة، لأن سياسات ومواقف ترامب استفزازية وصدامية ومبالغ فيها ولن يتوقف عند موقف واحد، فكلما خضعت الدول اللاتينية أكثر تمادى ترامب أكثر، وكالعادة فأن الصين تنتظر الهدايا التي قدمها ترامب لهم في افريقيا، وبعض المناطق الأخرى في العالم، ودائما هي الشريك الأمثل لملء الفجوة التي تتركها هستيريا المواقف الترامبية، وستكثف وتعزز من وجودها لاتينيآ، كما عززت وجودها وغرزت مخالبها في أوربا وأفريقيا وآسيا، وستكون الصين عبارة عن ”مارد نائم ياويل أمريكا منه إذا فاق“

▪️ ترامب وآسيا الوسطى.

تعتبر دول آسيا الوسطى مهملة أمريكيآ، وذات اهتمام ثانوي في السياسة الخارجية الأمريكية، ويزداد الاهتمام فقط في الأوقات الاستثنائية وغير العادية، كالحروب وبعض الأزمات الأخرى، لأن أغلبها مرتبطه سابقاً بالاتحاد السوفيتي، وتعتبر فناء خلفي لروسيا اليوم، وبعضها الاخر مرتبط ارتباط قومي وعرقي وديني بتركيا، فضلا عن تأثيرات إيران السياسية والاقتصادية على قسم منها، وعليه فأن قارة آسيا الوسطى، يمكن أن نقول عنها انها قارة مرتبطة بالمحور الصيني الروسي الإيراني أكثر من ارتباطها بأمريكا، وقد تختلف لاحقا إذا حاول ترامب إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ورفع العقوبات عن روسيا، إلا أنها بالمحصلة النهائية، مهيمن عليها أقتصاديآ من الصين وروسيا بمستويات كبيرة.

▪️ ترامب والشرق الأوسط.

أما في الشرق الأوسط فالوضع مختلف تماما، وتمثل سياسة ترامب فيه لحظة نادرة ولن تتكرر، وهناك إمكانية لفرض المزيد من القوة والخطط والمشاريع الأمريكية، تبدأ بتهجير سكان قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن، ولا تنتهي عند حدود عقد اتفاقيات دفاع وتطبيع جديدة مع السعودية، وفتح الأبواب أمام مجموعة أوسع من الدول العربية الاخرى، لبناء نظام إقليمي جديد يرتكز على السلام مع إسرائيل، وطارد لإيران وروسيا من المنطقة.

▪️ الخلاصة.

السياسة الخارجية الترامبية، وتحولاتها على العالم، وعدم أستقرارها، وتداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولربما العسكرية، ستأتي بنتائج عكسية لن تعجب ترامب نفسه، ولا الشعب الأمريكي برمته، وستؤثر بالدرجة الأهم على مكانة أمريكا عالمياً، ولن تعيد تشكيل العالم مثلما يريد ترامب إطلاقاً.

وبكيف الله.

You might also like