“حين يرحل العظماء.. ويبقى أثرهم”

إب نيوز ٢٥ فبراير

هناك لحظات في التاريخ تتجاوز كونها مجرد وداعٍ لشخصٍ عظيم، لتتحول إلى شهادةٍ على أثره العميق الذي لا يزول. حين يرحل رجلٌ لم يكن مجرد فردٍ في المجتمع، بل كان قيمةً متجسدة، تصبح خسارته فقدانًا لكنزٍ لا يُعوّض سما حة السيد حسن نصر الله. ليست العبرة في عدد المشيعين الذين ساروا خلفه، بل في مشاعرهم الصادقة التي حملت فيضًا من الحبّ النقيّ، ذاك الحب الذي لا يصنعه النفوذ ولا تفرضه المصالح، بل ينبع من الإيمان العميق بقيمة الإنسان وأثره.

إن تأثير العظماء لا يُقاس فقط بإنجازاتهم الملموسة، بل بما يتركونه في نفوس من عرفوهم. قد يرحلون بأجسادهم، لكنّهم يظلون خالدين في وجدان الناس، في الدروس التي تعلموها منهم، في القيم التي زرعوها، وفي الأثر الذي يتجدد مع الأجيال. الفقراء الذين لم يشعروا معه بالحاجة، والشباب الذين تعلموا منه كيف يكون الولاء أسمى من المصالح العابرة، والمثقفون الذين وجدوا في رحيله لغزًا لا يُكتب بالحبر بل يُنقش في الوجدان، كلهم كانوا جزءًا من هذه الخسارة العظيمة.

إن فقدان القادة الحقيقيين لا يعني فقط غيابهم الجسدي، بل هو لحظة إدراك لعمق الفراغ الذي يتركونه. لكن في ذات الوقت، فإن هذا الفراغ لا يبقى عتمة، بل يتحول إلى شعلةٍ من الوعي والمسؤولية. الوداع ليس النهاية، بل هو بداية لاستمرار الأثر، لأن القيم التي يعيشها العظماء لا تموت، بل تتجدد في من يحملون إرثهم.

ربما يكون الموت نهاية الجسد، لكنه ليس نهاية الأثر. فالتاريخ يشهد أن القيم الحقيقية تبقى خالدة، وأن الرجال الذين وهبوا حياتهم للناس لا يُمحى ذكرهم، بل يصبحون جزءًا من ذاكرة الأمم ووجدان الشعوب. وهكذا، لا تكون الخسارة مجرد غياب شخص، بل تكون لحظة وعيٍ جديدة، تذكر الجميع أن الكنز الحقيقي ليس في الذهب أو المال، بل في الأشخاص الذين يصنعون الفارق في حياة الآخرين.

ريما فارس

You might also like