الداعم الإقليمي للحركات الإرهابية في سوريا
إب نيوز ١٤ مارس
عدنان عبدالله الجنيد
تعتمد قوى الاستكبار العالمي على استراتيجيتين رئيسيتين في الحروب، وهما:
الاستراتيجية الأولى: الحرب النفسية
ترتكز هذه الاستراتيجية على التضليل الإعلامي، وتزييف الحقائق، واستغلال غياب وعي الشعوب تحت غطاء مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والديمقراطية. وقد استخدمت القوى الاستعمارية هذه الأدوات لإرسال حاملات الطائرات والبوارج الحربية إلى البحار والمحيطات تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”، مصحوبة بحملات إعلامية مكثفة تهدف إلى بث الخوف والرعب. تمكنت هذه القوى عبر هذه الحرب النفسية من صناعة الهزيمة المعنوية للأنظمة الحاكمة، وفرض هيمنتها على الشعوب، واستعبادهم، ونهب ثرواتهم، وإشعال الحروب الطائفية، وتمويلها، وإنشاء الجماعات التكفيرية والإرهابية لتنفيذ مخططاتها.
إلا أن عملية “طوفان الأقصى”، إلى جانب جبهات الإسناد التي هزمت قوى الاستكبار العالمي في غزة والبحر الأحمر، كشفت زيف هذه الاستراتيجية وعرتها أمام الشعوب، مما أدى إلى كسر حاجز الخوف لدى الجماهير، وإيقاظ وعيهم بحقيقة هذه المخططات. أصبحت إدعاءات قوى الاستكبار بحماية حقوق الإنسان مفضوحة، ولم يعد لهذه الاستراتيجية التأثير نفسه، بل فقدت مصداقيتها وفشلت بعد عملية “طوفان الأقصى”.
وأمام هذا الفشل الذريع، لجأت هذه القوى إلى استراتيجية جديدة لضمان استمرار نفوذها ونهبها لثروات الشعوب، وهي:
الاستراتيجية الثانية: توظيف المشروع العثماني
سعت قوى الاستكبار العالمي إلى إعادة إحياء المشروع العثماني عبر أدواتها، وفي مقدمتهم رجب طيب أردوغان، الذي يعمل على تدوير الاحتلال الصهيوني، وتمكين الماسونية العالمية من دخول المنطقة العربية عبر البوابة التركية تحت غطاء إسلامي. يهدف هذا المخطط إلى تحقيق الهيمنة الاستعمارية على سوريا، ومصر، ودول الخليج، وصولًا إلى منطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط) بالكامل.
وقد تم تكليف أردوغان بمهمة إعداد وتفريخ الجماعات التكفيرية والإرهابية من مختلف أنحاء العالم وتوجيهها نحو سوريا، حيث بدأ بتنفيذ هذا المشروع بصقله شخصية الجولاني وتقديمه على أنه رجل دولة لا زعيم حركة تكفيرية إرهابية إجرامية من خلال الآتي :
1. دعم التنظيمات التكفيرية
تقديم الدعم العسكري والسياسي لهذه الجماعات، وإظهارها كـ”قوات أمنية شرعية”، تحت شعارات مثل “رفع مستوى العلاقات الاستراتيجية”.
لكن هل كان قتل المدنيين العزل في سوريا جزءًا من “رفع العلاقات الاستراتيجية” التي يتحدث عنها أردوغان؟ أم أن الهدف الحقيقي هو تعزيز التحالف الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني؟
2. إنشاء تحالفات عسكرية وأمنية داخل سوريا
إقامة قواعد جوية تركية في وسط سوريا تحت غطاء “التعاون الأمني”.
ولكن، هل كان قتل الأبرياء السوريين جزءًا من هذا “التعاون الأمني”؟ أم أن الهدف هو تنفيذ المشروع الاستعماري لقوى الاستكبار العالمي؟
3. تقديم أمريكا وإسرائيل كقوى “منقذة” للشعوب
ارتكاب المجازر بحق الشعب السوري وفق هندسة مخططة لتشوية الإسلام وتفكيك النسيج الاجتماعي للمجتمعات، بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
استغلال الحروب الإبادية التي شنتها الجماعات التكفيرية في الساحل السوري لتقديم أمريكا وإسرائيل كقوى “مخلصة” لشعوب المنطقة، في تكرار لنفس الخطاب الذي استخدمه فرعون مصر لتبرير ظلمه.
هدف الاستراتيجية العثمانية الجديدة
الهدف الأساسي لهذه الاستراتيجية هو:
حماية الأمن القومي الإسرائيلي والاستكبار العالمي، عبر توجيه أسلحة الجماعات التكفيرية نحو المقاومة الإسلامية التي كان لها دور أساسي في إسناد عملية طوفان الأقصى.
إعطاء الكيان الصهيوني فرصة لاستعادة توازنه بعد الهزائم التي تعرض لها، وصرف الأنظار عن جرائمه عبر إذكاء الصراعات في المنطقة.
إضعاف المقاومة الفلسطينية والتقليل من انتصاراتها، لتسهيل تمرير مشروع “الشرق الأوسط الجديد” وفق الأجندة الصهيونية.
بعد أن فشلت قوى الاستكبار العالمي في فرض هيمنتها عبر الحرب النفسية، لجأت إلى استراتيجية جديدة، وهي توظيف المشروع العثماني عبر أردوغان، بهدف إعادة رسم خارطة المنطقة بطريقة تخدم الاحتلال الصهيوني، وتضمن استمرار نهب ثروات الشعوب بأقل تكلفة. لكن كما سقطت الاستراتيجية الإعلامية، ستسقط الاستراتيجية العثمانية، فوعي الشعوب قد استيقظ، ولم يعد بالإمكان خداعها كما كان في الماضي.