المرتزقة.. ظاهرة الخيانة المدفوعة الأجر
إب نيوز ٢٣ إبريل
بقلم: “حمزة منيع”
في مشهد متكرر عبر التاريخ، تعود ظاهرة المرتزقة لتتصدر المشهد، كلما ارتفعت وتيرة الصراعات، وضعفت المبادئ، وازدهر سوق الولاءات المؤقتة. هؤلاء الذين يبيعون أنفسهم لأعلى مزايد، لا يحركهم انتماء، ولا تردعهم قيم، يشكّلون أحد أخطر التهديدات للأمن القومي، والسيادة الوطنية، والسلم الاجتماعي في أي دولة تمزقها النزاعات.
من هم المرتزقة؟
المرتزق، بتعريفه البسيط، هو شخص يُجنَّد للقتال أو العمل الأمني مقابل المال، خارج صفوف الجيش النظامي، ودون انتماء حقيقي للقضية التي يُزجّ بها فيها. لكنّ التعريف لا يُنصف حجم الضرر؛ فالمرتزقة ليسوا مجرد مقاتلين مأجورين، بل أدوات فعّالة في تنفيذ الأجندات الخارجية، وإطالة أمد الحروب، وبث الفوضى.
المال مقابل الولاء
ما يجعل المرتزقة خطرًا مضاعفًا، هو أنهم لا يتحركون بدافع الوطنية أو الدفاع عن مبادئ، بل بدافع المال فقط. فهم على استعداد للانقلاب على أوطانهم، ومساندة خصوم شعوبهم، وتدمير أوطانهم لقاء حفنة من المال.
ولعل أخطر ما في الأمر، هو أن كثيرًا من هؤلاء باتوا يختبئون خلف شعارات زائفة؛ يتحدثون عن “السلام” و”الحرية”، فيما هم في الواقع مجرد أدوات قذرة في معارك غير شريفة.
دور المرتزقة في الصراعات الحديثة
شهدت المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة تصاعدًا في استخدام المرتزقة، سواء عبر شركات أمنية خاصة أو عبر تجنيد أفراد من بلدان أخرى للقتال في حروب لا تعنيهم.
وفي اليمن، برزت أسماء عديدة لمجموعات ومليشيات مدفوعة من الخارج، عملت على تنفيذ عمليات عسكرية، وتقديم خدمات استخباراتية، وحتى التحريض الإعلامي، في مقابل رواتب مجزية وتمويل مستمر.
مصير المرتزقة… لعنة التاريخ
التاريخ لا يُجامل المرتزقة، ولا يمنحهم شرفًا في صفحاته. فقد ارتبطت أسماؤهم دومًا بالخذلان والخيانة والذل. فبينما يُخلَّد الشهداء والرموز الوطنية، يُلقى بالمرتزقة إلى مزابل الذاكرة، لا يُذكرون إلا كمجرّد أدوات، تم التخلص منهم عند انتهاء مهمّتهم.
الخلاصة
في زمن تتعالى فيه الأصوات المطالبة بالحرية والكرامة والسيادة، يبقى المرتزق نقيضًا لكل هذه القيم.
إن مواجهة هذه الظاهرة لا تكون بالسلاح وحده، بل بتعزيز الوعي، وكشف الأقنعة، وتحصين الأوطان من الداخل. فالأوطان لا تُبنى بالمأجورين، بل بالأحرار، ولا تحميها الأموال، بل الإرادة الحرة والولاء الصادق.