ويبقى الجنوب جرح اليمن النازف .

 

إب نيوز ٣١ اغسطس

بقلم/ بلقيس علي السلطان

هي تلك الجواهر المطلة على البحر الأحمر والبحر العربي ، والتي كانت مطمعاً لقراصنة التاريخ الاستعماري على مدى العصور وحلماً يراود كل الطغاة والمستكبرين من أجل نيل شرف السيطرة عليها والاستحواذ على مقدراتها وثرواتها .

لا تكاد تفيق هذه المدن الجنوبية من كابوس استعماري حتى تغوص في أخر ، وتظل أجيالها التي تأبى إلا أن تظل بها وتنعم بعبق شواطئها وخيرات بحارها ، لكنها رغم ذلك _والمقصود أجيال الجنوب _ تظل عرضة وفريسة لمن يهيمن عليها بالإكراه .

لقد ظل الاحتلال البريطاني قابعا وجاثماً على صدر الجنوب نحو مايربو على قرن و تسعة وعشرين عاما ، كانت كفيلة بنهب وسلب واستغلال خيراتها ومقدراتها ، دون أن يكون له بصمة تذكر في إعمار وتقدم المدن التي كانت قابعة تحت احتلاله ، بل عمل على زرع الفتن في أوساط المواطنيين وتقسيم الجنوب إلى سلطنات لتطبيق سياسته المعهودة ( فرق تسد ) .

وبعد هذه الأعوام خرج المستعمر البريطاني مذموما مخذولا وسط فرحة عارمة من أبناء الجنوب في استقلالهم ونيل حريتهم ، والعمل على إعمار مدنهم من خيراتها وثرواتها ؛ لكن هيهات أن تنال ذلك والقوى المتجبرة مازالت تحوم حولها ، ومن تغييرات رئاسية إلى أخرى والأمل من كل ذلك إحداث التطور والتقدم ونيل الحرية المطلقة ، إلى أن باتت الوحدة اليمنية بين شطري اليمن هي الطموح والهدف من أجل الخروج من دائرة الخضوع والانقياد ، وبالفعل حدثت الوحدة المرجوة والتي لم تكن على قدر ماعولت عليه ، فقد كانت هذه الحسناء مطمع لكل الطامعين والفاسدين فدخلوا عليها بباطن تطويرها وظاهر استغلالها وبيع موانئها بثمن بخس ، وتوجيه ثروات الشمال تحت دعاية إعمارها وسلب ثروات الطرفين الشمالي والجنوبي ، حتى خاب أمل الجنوبيين من أن تكون الوحدة هي ظالتهم بسبب فساد المفسدين ومن كانوا يحكمون من العابثين .

ضاق الجنوب ذرعا من الحال التي وصلوا إليها ولو أنها لا تختلف عن أحوال الشمال فكلاهما ضحية للأفساد والمفسدين ، ووسط استغلال ذلك من الطغاة والطامعين في إشاعة فكرة الانفصال كمخرج من ما يعشون فيه وبأن الاستغاثة بالخارج هي الملاذ والمخرج من كل ذلك ، وهذا ماحدث جاء الطامعون تحت ذريعة المنقذ ، حاملين سكاكين الغدر وراء ظهورهم ، لوح الجنوب للاحتلال ورفعوا كف الترحيب والأمل السابق والاحق هو نيل الحياة الكريمة ، وأنى لهم ذلك وهم كمن استغاث بالذئب لحراسة الأغنام .

ظلت الذئاب المستعمرة تخفي لعابها السائل على فريستها وباتت تطفئ لظى جوعها بنهب الثروات واحدة تلو الأخرى وجعل أبناء الجنوب كجدار يحمي قبح أفعالهم وتجنيدهم للدفاع عنها وإدخالهم في تيه المخدرات والخمور ، والإذلال تحت مسمى الحماية وإعادة الشرعية ، حتى ضاق النهم بالثروات ذرعاً بذئاب بل وكلاب الاحتلال حتى تنابحت فيما بينها على الفريسة وأخذ كل منه يقطع أوصالها من جهة ، ويغرقها في بحر الدماء ، وماكان ذنبهم من كل ذلك إلا أنهم أوجعتهم قسوة الأيام السابقة حتى ظنوا أن لا ملجأ من الفساد سوى استدعاء رؤساء الفساد والقائمين عليه لمساعدتهم ، بالرغم أن سفينة الإنقاذ وصلت إليهم لكنهم وسط وابل من الغباء والجهل ظنوها سفينة كسابقاتها فخرقوها وأغرقوها حتى جاءت سفينة القراصنة فاحتضنوها وأرسوا مرساتها فنزل من عليها ليعيثوا في الأرض الفساد وإغراق أهل الجنوب في شلالات دماءهم وبدلا من كونها ثغر اليمن الباسم باتت ثغر اليمن الباكي .

ويبقى التعويل على من تبقى من أحرار الجنوب في مد يد التصالح مع أبناء وطنهم الواحد والتكاتف والتمترس في خندقٍ واحد لطرد المحتل ونيل الحرية والتعاون في بناء الوطن الجريح الذي عمل طغاة الشر على تقسيمه والعدوان عليه ، ويبقى الوعي الكامل بخطط العدوان الاستعمارية هو المرجع الأساسي لتوحد الصف وتحقيق النصر المبين الذي يشرق بالحرية على جميع أرض اليمن الغالي .

.

You might also like