تقريرٌ جديدٌ لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: محمد بن سلمان سيلقى المصير نفسه لجمال بن مبارك.
إب نيوز 31 مايو
نشر معهدُ واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تقريراً مطولاً للكاتب والمحلل السياسي حسين نجاح قارن فيه بين نجل الرئيس المصري السابق حسني مبارك وبين نجل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز من حيث النشأة وتوقع له نفس المصير.
وكشف التقرير أن بعد ثورة 25 يناير 2011 تملكت الخشية والرهبة دول الخليج، وعلى رأسها السعودية التي باتت تتخوف من انتقال عدوى الاحتجاجات إليها، فسارعت إلى احتواء مظاهر الغضب بين شبابها حيث أصدر العاهل السعودي آنذاك الملك “عبد الله بن عبد العزيز”، مجموعة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية لاستيعاب الشباب والفئات المحرومة.
وأضاف التقرير أنه بعدَ سنوات من تخبط مسار الثورات العربية، يبدو أن السعودية قد اطمأنت إلى أن وصول الثورة إلى أراضيها بات أمراً بعيداً، خاصَّة مع تغيير القيادة، وتولي الملك “سلمان بن عبد العزيز” مقاليد الأمور.
وأوضح التقرير أن ثمة مؤشراتٍ تشير إلى أن التاريخ يعيد نفسه بثوب مختلف في السعودية، ولا يستبعد احتمال نشوب ثورة، قد تضرب ـ في غضون السنوات القليلة القادمة ـ أركان المملكة.
وأضاف التقرير “فالصعود السياسي السريع لولي ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” نجل ملك السعودية، يذكرنا بالصعود السياسي والدعم اللامحدود من قبل الرئيس مبارك لنجله، وتسخير كل إمكانيات الدولة في خدمته وخدمة طموحاته السياسية، حيث أصبح “جمال مبارك” ـ خلال بضع سنوات ـ الرجل الأول في مصر، تتسابق كل الدوائر لإرضائه والسير في كنفه.”
وبالنسبة للأمير السعودي الشاب، فإن الأمر لم يقتصر على تعيينه ولياً لولي العهد فحسب، بل تولى أيضاً منصب وزير الدفاع، فأصبحت إمكانيات المملكة العسكرية تحت تصرفه، ليتخذ أولى قرارته العسكرية بخوض الحرب ضد الحوثيين في اليمن، والتي لم تحقق نتائج تذكر على الأرض، غير استنزاف موارد السعودية.
وقال التقرير إن الأمير لم يكتفي بمنصب ولي العهد ووزير الدفاع وإمكانيات دولة أصبحت في يده بل قام وبشكل مفاجئ، بإطلاق ما سمَّاه “التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب” في منتصف كانون الأول/ديسمبر2015، مما أثار استغراب جميع الحلفاء المذكورين في هذا التحالف.
وحسب اعتقادي، أنه لم يفعل ذلك سوى لتصوير نفسه على أنه رجل المرحلة القوي.
وأضاف التقرير “إلى جانب هذه القوة العسكرية، سعى الأمير الشاب إلى امتلاك القوة الاقتصادية أيضاً، حيث عينه والده في منصب النائب الثاني لرئيس الوزراء، ومنصب رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية، وهو المجلس المسؤول حالياً عن تشكيل سياسات المملكة اقتصادياً، وتأكيداً لمكانته وسيطرته على اقتصاد المملكة، أطلق “محمد بن سلمان” في أبريل2015 «رؤية المملكة 2030» لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي.”
واعتبر التقرير أن هذا الصعود وهذه الشهوة نحو امتلاك القوة العسكرية والسيطرة الاقتصادية، بل وهندسة السياسة الخارجية للمملكة، جعل الدبلوماسيين الغربيين يطلقون على الأمير “محمد بن سلمان” لقب “سيد كل شيء”، وفقاً لما نشرته وكالة أنباء “بلومبيرج” في نيسان/أبريل 2016. والمثير في الأمر، أن “جمال مبارك” في سنواته الخمس التي سبقت الإطاحة بوالده قام تقريباً بالدور نفسه، مع بعض الفروق، إذ هيمن على الحياة الاقتصادية، وأحاط نفسه برجال الأعمال، وكان مهندس مشروع الخصخصة في مصر الذي شابه فساد كبير.
وأضافت التقرير نقطة تشابه جديدة بين بن سلمان وبم مبارك هو سعي بن سلمان إلى تسويق نفسه للخارج، من خلال حوارات مع بعض وسائل الإعلام الغربية، وهو الشيء نفسه الذي فعله “جمال مبارك” بحسب التقرير .
واختار الأمير السعودي بحسب الصحيفة الشاب وكالة “بلومبيرج” من أجل الشيء نفسه، إذ من خلال حوارين نشرتهما على حلقات متفرقة، رسمت “بلومبيرج” صورة للأمير “محمد بن سلمان”، يبدو فيها المنقذ لاقتصاد المملكة بعد أن أوشك على الإفلاس، وعرضت خططه الاقتصادية، ورؤيته نحو تخفيض الدعم وخصخصة المؤسسات الاقتصادية السعودية العملاقة، مثل: شركة “أرامكو”.
ويقول التقرير “كما لعَبَ “جمال مبارك” على وتر الشباب، وأسس جمعية “جيل المستقبل”، وبدأ في تدريب الشباب والاهتمام بالقيادات الشابة، يسير “محمد بن سلمان ” على الدرب نفسه في مداعبة أحلام الشباب، عبر مؤسسة “مسك” الخيرية التي تعمل أيضاً، على دعم وتمكين الشباب عبر شراكات مع مؤسسات دولية كبيرة، مثل: جامعة “هارفارد” العريقة في برنامج للقيادات الناشئة، وقادة المستقبل”.
ويؤكد التقرير أنه وبالإضافة إلى تشابه المسار الذي اتخذه الرجلين، فإن الظروف المجتمعية تتشابه في بعض النواحي، وأهمها في تصوري هي ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب المصري الذي يشكل ثلثي المجتمع والتي بلغت في عام 2011 حوالي 21 في المائة، وهي نفس المشكلة التي يعاني منها الشباب السعودي الذي يشكل ثلثي المجتمع أيضاً، حيث تشير آخر الإحصاءات إلى أن نسبة البطالة تجاوزت 11 في المائة.
ويستشهد التقرير على خطورة القضية بفيديو حقق تفاعل كبير بين الشباب السعودي يحرق فيه شهادته الجامعية، والذي سرعان ما تحول الأمر إلى حملة شارك فيها الشباب السعودي بكثافة على موقع “تويتر” بعنوان (#حمله_احراق_الشهادات) للتعبير عن غضبهم من البطالة.
وأضاف إلى حالة التشابه بين بن سلمان وبن مبارك ما اسماه ” ذلك العدد الهائل من الشباب السعودي الذي سافر للدراسة في أمريكا والدول الغربية، والذي يقدر بأكثر من مائة ألف طالب، وقد بدأ هذا الجيل من الشباب في العودة إلى المملكة بعدما عاش في مجتمعات ديمقراطية حرة تتمتع بقدر كبير من الشفافية، وبالتالي سوف يكون له دور في مستقبل المملكة، لأن نظرته للأمور ستتغير بعد عودته.
كما ذكر التقرير بأن أن المجتمع السعودي ـ مقارنة بباقي مجتمعات العالم ـ هو الأكثر نمواً على موقع التواصل “تويتر”، الذي كان أحد العوامل التي حركت المياه الراكدة في الحياة السياسية والاجتماعية في المنطقة
وأضاف التقرير في هذا الخصوص “فها هي آخر الحملات التي دشنتها فتيات السعودية على تويتر بعنوان #قيادة_المرأة_للسيارة، للمطالبة بحقهن في قيادة السيارات في تحدى للتقاليد وسيطرة رجال الدين على المجتمع.
وأكد التقرير أن جميع هذه المؤشرات تشير إلى أن السعودية تسير على الدرب، دون أن تنتبه أو تكترث لفشل جمال مبارك “سيد كل شيء” في مصر الجمهورية، أو “أحمد علي عبد الله صالح” في الجمهورية اليمنية، أو “سيف الإسلام القذافي” في الجماهيرية الليبية، أو “بشار الأسد” الذي يقود الجمهورية السورية نحو الهلاك… وتساءل التقرير قائلاً ” فهل ستختلف الملكية عن الجمهورية، أم أن رياح التغيير قادمة باتجاهها لا محالة؟ ذلك ما سوف يكشف عنه المستقبل الذي قد يحمل بعض المفاجآت، وربما يكون مستقبلاً قريباً، حتى وإن رآه البعض بعيداً