هل “بتر” يد السارق أمر إلهي أم مفهوم بشري؟!
إب نيوز ٧ فبراير
وفاء الكبسي
أعلم بأن هذا المقال سيثير الجدل كثيراً ولكن لابد منه ، لتصحيح مفاهمينا لآيات القرآن الكريم، للأسف يعتقد الكثير أن قطع يد السارق تعني بترها، لكن القطع معناه المنع وليس البتر ولا الفتك، ومن ذلك قولنا فلان قطع الطريق هل معناه حفر وإزال الطريق أم هو منع المرور فيها؟
كذلك قولنا قطع الكهرباء معناه عدم وصول التيار الكهربائي للمنزل، وقولنا قطع الماء معناه منع وصوله للبيت ،وقولنا قطع الرواتب معناه عدم وصوله للموظف وهكذا…
البعض يحتج بقصة النسوة في سورة يوسف أولا علينا أن نفهمها جيداً قال تعالى:{قطعن أيديهن}كل الناس يفهمون أن معناها بترن أيديهن!!
فهل يمكن لأي إنسان عاقل واعي أن يقطع يده أي يفصل يده كامله ومع ذلك يبقى عنده الوعي رغم الألم الفضيع ويتابع الحوار ولايبالي فقلن:{وقلن حاشى لله ماهذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم}
تخيلوا معي لوكان هناك مجزرة أيدي مقطعة ونزيف هائل يصل لحد الموت ومع ذلك لايوجد حالة اسعاف، وامرأة العزيز غير مبالية وكأن شيئا لم يكن تواصل حوارها وتقول:{ذلك الذي لمتنني فيه}
تخيلوا الحوار شغال ويوسف عليه السلام لم يبالي بقطع أيديهن ولم يجزع من منظر المجزرة؟!
حدثوا العاقل بمايعقل ،فالمعنى الدقيق لقطعنّ أيديهنّ هو قطعنّ أيديهنّ عن الطعام أي أمتنعنّ عن الطعام من شدة الدهش، وحدوث أمر مذهل،ولربما أنهنّ جرحنّ أيديهنّ جروح بسيطة، وليس أنهنّ فصلنّ أيديهنّ كما فسره بعض المفسرون وفهمه الناس!
فاقطعوا ليس معناه ابتروا أو إبتكوا ، فالسيف يسمى باتك لأنه يقطع الأعناق لأنه يفصل أي جزء عن الجسد، لاحظوا في سورة النساء قال إبليس الملعون:{ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام}لم يقل لأمرنهم فليقطعوا أذان الأنعام، ولم يقل الله تعالى والسارق والسارقة فابتكوا أيديهما!!
فهل عرفنا الآن بأن القطع غير البتر والبتك أم مازال البعض يشكك؟!
البعض مازال يحاجج بحديث: “لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها…”
الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام وعلى آله هنا وضع الكلمة الصحيحة فمعني لقطع يدها أي لمنعها من السرقة، ولكن الكارثة عندنا نحن عندما لم نفهم عليه على الإطلاق حتى هذه اللحظة !
علينا أن نفهم أن القرآن الكريم ليس فيه كلمات مترادفات على الأطلاق مثل كلمة العام، فهي تعني غير كلمة السنة غير الحول غير الحجة ولكن للأسف مازلنا لهذه اللحظة نؤدي الزكاة كل سنة وليس كل حول، أطلب من مازال يهاجمني أن يتدبر آيات الله ويفهم معاني كل كلمة ثم بعدها يحاجج كيفما شاء!
{أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}
لنرجع لموضوع قطع يد السارق بالمفهوم الإلهي وليس المفهوم البشري الخاطئ
قال تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
كيف نفصل يد السارق سواء كان موظف معيل أو غيرة ونجعله عالة عاهة على المجتمع ونقول أن هذا أمر إلهي، والله يقول:” فمن تاب بعد ظلمه وأصلح فإن الله غفور رحيم”
فإذا فصلنا يدالسارق والسارقة وتاب الله عليهما فماذا استفاد السارق وقد أصبح الفأس في الرأس، اتقوا الله. الله لم يأمرنا بفصل يد السارق، فكم فصلت أيدي وكم، ومع ذلك لم تمنعوا ظاهرة السرقة !
أنتم لم تعالجوا هذه الظاهرة،بل على العكس ظلمتم الكثير وزدتم الطين بله، وكذبتم على الله ونسبتم إليه جهلكم وغبائكم وقبحكم ،الله لايريد منا أن نكون ظالمين ارجعوا إلى آيات الله تدبروها، وخذوا منها حدوده وأحكامه ،ففصل اليد ليس حكم إلهي ،إنما هو تنفيذ لمفهوم بشري قاصر ظالم للآية.
وفاء الكبسي