لهذه الأسباب نقول: اوقِفوا الحرب باليمن .
إب نيوز ١٣ فبراير
صلاح السقلدي
بعد أسابيع قليلة جداً ستدخُــل الحرب باليمن عامها السادس، دون أن تلوح بالأفق بوادر انفراجة أو مؤشرات حسم عسكري لأيٍ من الطرفين، فالفشل العسكري السعودي هو السمة السائدة على الجبهة العسكرية، وما الهزائم الأخيرة التي تلقاها حلفاؤها شرق صنعاء العاصمة ومأرب والجوف خير دليل على ما ظللنا نؤكده بأن لا حل عسكري باليمن. كما أن هذه الحرب لم تحقق كل أهدافها أو حتى بعض من تلك الأهداف التي اعلنها السفير السعودي بواشنطن حينها عادل الجبير مطلع 2105م، متجاوزة بذلك مُدة الحرب العالمية الثانية، ناهيك عن الأولى.
صحيح أن السعودية حقّــقتْ مُــعظم أهدافها الغير مُــعلنة من هذه الحرب، إلّا أنها فشلت أو تعمدت الفشل – لحاجةٍ هي في نفسها- في تحقيقها الأهداف المعلنة ظاهرياً، مثل هدف استعادة السلطة اليمنية الشرعية الى سدة الحكم بصنعاء وهدف إسقاط من تصفهم المملكة بالإنقلابيين بصنعاء،بالأضافة الى الهدف المضاف وهو محاربة المد الإيراني باليمن، أو بالمصطلح الإعلامي السعودي :قطع يد إيران باليمن. ، فلم نر شيئا تحققا مما هو معلن، غير ما نراه من الدمار والقتل والفوضى والضياع شمالا وجنوباً.
ونقصد بالأهداف السعودية والإماراتية الغير معلنة من هذه الحرب هي وضع قدمها عسكريا وسياسيا على الأرض باليمن بالجنوب وبالشمال على السواء, لغرض تحقيق مطامع تاريخية ،اقتصادية واستعمارية تستهدف القرار السيادي اليمني، وخطف إرادته الوطنية المستقلة وإعادته الى تحت عباءة التبعية السعودية, والسعي للهيمنة على منافذ البلد براً وجواً، و الإمساك بتلابيب الساحل اليمني للإطلالة النفطية السعودية على ساحل بحر العرب والاقتراب من أسواق النفط والهروب من شبح مضيق هرمز، هذا علاوة على الهيمنة البرية والجوية اليمنية, والاستحواذ على جزره ومضائقه ومدنه البحرية الاستراتيجية, والاقتراب أكثر من منطقة الصراع الدولي والاقليمي المحموم، نقصد منطقة الصراع بمنطقة البحرين: العرب والأحمر، والقرن الأفريقي وشرق القارة الأفريقية التي أصبحت هذه المناطق الإقليمية بؤرة تنافس إقليمي دولي مستعر، وباتت مخزن يتجشأ سلاح في سلاح، وقواعد عسكرية تتناسل يوما إثر يوم على البر” في جيبوتي مثلا”، وعلى البحر كـــ” الجزر اليمنية والإرتيرية والسودانية ببحريَّ العرب والبحر الأحمر وصولا الى شمال القارة الأفريقية, وفي ليبيا على وجه التحديد.
فاليمن شماله وجنوبه ومنذ أذار مارس 2105م وجد نفسه فجأة على فوهة المدفع الخليجي تحت مسمى عاصفة حزم المملكة العربية السعودية زعمتْ أنها اتت لإعادة سلطة يمنية منتخبة، وهي المملكة التي لا تعترف أصلاً بشيءٍ اسمه انتخابات ولا ببدعة اسمها ديمقراطية. فعلى وقع التنافس الدولي بالمنطقة وباليمن تحديدا اُعلنت العاصفة المدمرة التي تطاول الأخضر واليابس وتنال من البشر والحجر والشحر. ففوق أن هذه الحرب تستهدف أرواح الناس وتحيل حياتهم الى جحيم ، وهو السبب الرئيس الذي يدعونا لتكرار دعواتنا السابقة لوقفها، فأنها أيضا أضحت سببا مباشرا لجعل اليمن مصدر خطر أمني ليس فقط يتهدده، بل يتهدد المنطقة بأسرها بعد أن اضحت كل مؤسسات الدولة في هذا البلد الممزق بما فيها المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية خرابا يبابا، وما بقي منها من أشلاء فينهشها الفساد ويفتك بها اللصوص من الداخل ومن خلف الحدود من فنادق الخليج الوثيرة. وبالتالي فأول خطوة لاستعادة ما يمكن استعادته من مؤسسات أمنية وعسكرية وخدمية، وانقاذ ما يمكن انقاذه يمنياً واقليمياً فهو وقف هذه الحرب على وجه السرعة، فقد بلغتْ القلوب الحناجر وبلغ ضرر تُـجار المقابر والارتزاق المحليين، وعبث القوى الإقليمية مبلغا خطيرا، والشروع بتسوية سياسية شاملة، تسوية سياسية كمدخل لإصلاح ما افسدته الحرب في شتى المجالات، وما افسده وضع ما قبل هذه الحرب، من تشظي وحروب وصراعات وعصبيات، بعد أن أدركَ الجميع في السعودية وعموم الخليجي وفي اليمن والمجتمع الدولي أن هذه الحرب لم تكن هي الحل لمشاكل اليمن بل هي ثالث اثافي مشاكل اليمن ، بعد أن ضاعفت المشاكل فيه وأحالتها الى كوارث داخليا وعلى محيطه الجغرافي. فلا السلطة الشرعية اليمنية المزعومة عادتْ الى صنعاء، ولا الى عدن، ولا يد إيران قطعت بل ازددت الحضور الإيراني اذكاء واستفادتْ من هكذا تدخل خليجي فاشل ,ولا القضية الجنوبية التي تمثّــل جذر الأزمة اليمنية تم حلها، بل ان هذه الحرب أدخلتها في دهليز من الضبابية والتشويش بعد أن جعل منها ساسة الخليج مجرد بندقية أجيرة ،وورقة ابتزاز ومساومة سياسية بوجه القوى الشمالية .
*صحافي من اليمن –عدن-.
رأي اليوم