ســــاعة عقاربها جائــــعة .

إب نيوز ١٦ فبراير
عفاف البعداني

لست ناقدًا مبتكرًا ولاأديبًا مدهشًا ولاشاعراً مبدعًا ولانحويًا مدققًا بل كاتباً مبتدئاً يبحثُ عن وطنه بين أفواه الغابات المحترقة ووعورة الطرقات المتشققة.

ولكن لا أخفي عليكم فمع حثيث بحثي وبين صغيرات كتبي وفي قوتي وضعفي وقناعتي وسخطي فرحي وبؤسي بت أخاف كثيرًا ؛ أخاف من يوم فيه بئس الوارد والمورود أخاف من الذات حينما تكبل وتسجن في محكمة القيود أخاف من ساعة عقاربها جائعة تأكل منا اﻷوقات واللحظات وتخرجنا بعيدًا هناك بعيدًا عن هدف الوجود ،هدف الخلافة إلى حين يومنا الموعود.

وها أنا أذكرنفسي وأخاطبكم باسم الوجود بإسم العصافير ولحنها الموعود باسم نيسان الوطن وكانون الزمن.

فإنه لحدث زلل ومصاب جلل أن نرى انفسنا قد توغلت في اﻷثر نراها تُفسد الجهود والعمل كي تفوز فقط ببطاقة شكرٍ من البشر لتشيد بها أنها أول من وصلت القمم ، وتثبت للعالم أنها من حطمت عروش الصنم وأنها من قالت لا عندما الناس كلهم قالوا نعم.

هي صحيح حشدت جموع ووظفتهم بمهمة سرية لجمع اسطوانات الشموع وزيارة البيوت القديمة لتنير ليلتهم اليتيمة، ولكن يا أنتم ويا أنا وياهؤلاء في أقطار الدنى هل كان الله هو المبتغى في تحصيل المنى؟ أم تخالطت المنى ونسينا أن الملائكة أقرب من حبل وريدنا و إن لم تكن تُرى فهي تتواجد بيننا ومن خلفنا. فبدون أن نشعر ودون أي التفات فتحنا ثغرة للعراك ، حَررت وحوشا من اﻷنا واﻷهم وأصبحت ملتصقة بحنايا القصور الحاضنة منصات الظهور تحت سيادة العدم.

وبالمقابل رمقت الخوف وجاءتني بُصيصات من نوافذ عالمية رأيت فيها من هم خارجون عن الوطن ، وطن نام وصحا يناشد حرفهم الميمون وشعرهم الموزون كي ينقذوه من عثرات عقارب الزمن ، ولكنه ببرهة التفات رأهم شاردين في المقل مع ليلى وقيس وعنتر وعبلة وتركوا فكر سادة الدنيا الحسين و الحسن.

تركوا فكر أديسون وسيبوبة والخوارزمي و نابليون وماهمهم قضايا الوطن قد يكون حكمي فيكم خاويًا وليس عادلاً فلست رجل سياسياً ولارجل دين ولا من جنود الوطن ولكن الحق يبدو بعين الشمس ليس كما القمر.

لذا ؛ متى سنكون عادلين في الكتابة؟
اكتبو واطلقوا عنان حرفكم البهي ولاتنسو أن تعطو وقت لتقيسو النفس وأين ملاذها وتقيسو الحياة بمتر الواقع وميزان الحقيقة، لاتنسوا أن تجتحفوا من قلوب المارين نصرُ القضية ، ليس قضية الذوات، ولا قضية النفوس، وإنما قضية وطن جائع ،وطن متفرد بعنائه بين الشعوب، وطن أصبح لعبة سهلة في أيادي ليست أمينة و ممتلئة بالثقوب.

وطن زُج في صحراء قاحلة يموت كل يوم حصاراً وقتلاً ومرضاً ،يعيش الموت البطيء فكرياً ونفسيًا وهو مايزال في رحم أمه، خوفا من أصوات الحروب.

وطن نساه الكثر بالمنعطف اﻷخير يركضوا وراء الحدود والحديث عن النفوس وعن الورود، لم يعلموا أن داخل الحدود عاطفة جائعة سقيمة، تخاف أن تموت، تخاف أن تخسر الوجود ببطاقة مزجاة في مهد اللحود ، لاالشوق يعنيها ،ولا الود حاميها،ولا الشعرالغزلي ساقيها ولاالترنم بالصيف كاسيها.

عفوًا يا كل الثائرين في الوجود،
ياصادقي الوعود
وعذرًا ايها الكاتبون من حبر
صدوق ويا رافضي نقض العهود
أنا لا أقصدكم،
وإنما عتبي عليكم ياخارجين عن الحدود فأنا لا أقلل من شأن حرفكم ولامن طيف سطركم ولكني أقف بجدار اﻷولوية لأنصر عاطفة الجوع في محكمة القضية ولنكن كلنا كالجنود.

فعاطفة الوطن لاتريد الورود، ولاتريد لحن يدعي أنه ودود، هي فقط تريد خبزاوماء كي تعود إلى الوجود وبعدها أطلقو العنان لفكركم إلى ماوراء الحدود.

You might also like