مهما طال الليل فالصبح آت لا محالة..
إب نيوز ٢٠ فبراير
عبدالملك سام
التاريخ 7 ديسمبر عام 1941م.. عدد من طائرات الزيرو اليابانية اغرقت اربع قطع حربية أمريكية، واحالت ميناء بيرل هاربور إلى جحيم، وكان اليابانيون يفضلون الدخول بطائراتهم المحملة بالمتفجرات إلى الهدف بدل القاء القنابل عليه! وهكذا وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها تدخل الحرب وقد فقدت معظم وأهم قطعها البحرية، بينما أصبح المحيط الهادئ تحت سيطرة البحرية اليابانية دون منازع.. هذه الضربة لم ولن ينساها الأمريكيون أبدا.
لماذا نتذكر هذه الحادثة؟! أعتقد أن الروح القتالية اليابانية قد سببت أبشع الكوابيس لقادة الحرب الأمريكيين، يوم كانوا يرون الكامكازي الياباني يقتحم الأهداف ويدمرها وسط حالة من الهلع الهستيري للجنود الأمريكيين، ولعل ما أنقذهم فعلا من الأستبسال القتالي للجندي الياباني هو أكتشاف اوبنهايمر لقوة القنبلة النووية الألمانية التي لم يسعف الوقت النازيين لأمتلاكها، فقد سرق الأمريكيون أسرارها من ألمانيا وقاموا بنقلها إلى الولايات المتحدة لتجربتها، ومن ثم أطلقوها مباشرة على هيروشيما ونجازاكي في جريمة بشعة تسببت في مقتل الالآف من المدنيين وأستسلام اليابان.
الياباني الذي كان يعبد الأمبراطور كان يملك من الشجاعة ما يفل به عزيمة وأسلحة الأمريكيين، وقد واجه الأمريكيون ذات الموقف أمام الفيتناميين البوذيين فيما بعد، ما جعلهم يفكرون مليون مرة قبل أن يفكروا بغزو شعب آخر، ولهذا نفهم لماذا عملوا على تطوير أساليب حربهم الناعمة ضد الشعوب المستهدفة، خاصة منطقتنا العربية والإسلامية، لذا صنعوا عقيدة الوهابية التي أستهدفت الروح المعنوية للشعوب، فهم يعلمون أن الدين الإسلامي أخطر مليون مرة من تلك العقائد التي واجهوها في شرق آسيا، وقد واجهوا هذا الكابوس في جنوب لبنان أمام مجموعة قليلة العدد والعدة أذاقتهم الذل والهوان.
لقد نجح الأمريكيون بشكل كبير في حرف عقيدة شعوب المنطقة، وهذا ما جعلهم يواجهون مقاومة ضعيفة عند أحتلال أي بلد، كما أن العقيدة الوهابية جعلت هذه الشعوب قابلة للصراع فيما بينها دون وعي بالخطر الذي يتهددها! أنظمة عميلة وعقيدة مشوهة وحماقة أمتدت لعقود، كل هذا جعل الأمريكيين ومن قبلهم البريطانيين والفرنسيين يبسطون سلطتهم على المنطقة لفترة طويلة، وأستنزفت ثروات المنطقة ومقدراتها، وأصبحت السلطة تمنح من قبل هذه الدول دون الحاجة لإحتلال مباشر! ولكنهم أستمروا بمراقبة كل تحرك او اتجاه يمكن أن يرد الأمة للطريق الصحيح، ولكنهم قد أطمئنوا إلى أن العقيدة المزيفة أصبحت واقعا ليس من السهل التخلص منه بعد أن سيطروا على قلب ومقدسات الأمة، وسيطروا على الأعلام والمدارس الدينية والمنابر والمدارس والجامعات.
ولأنه مهما طال الليل فلابد أن يأتي النهار، كان لابد أن يأتي الله بقوم يحبه ويحبونه، والبداية تكون مع أعلام الهدى الذين زرعوا بذرة الحقيقة في قلوب الناس الذين ملوا من الظلام وأشتاقوا لنور الحقيقة، ولذلك كان من الطبيعي أن تنبري أنظمة العمالة لحربهم، ولكن لأن كيد الشيطان كان ضعيفا كان لابد أن ينتصر أهل الحق مهما قل عددهم وعدتهم، المهم أن يكون هناك من يحمل هذا المنهج القويم كما يجب.. وكان من الطبيعي أن يجد هؤلاء الصادقون صعوبة في البداية لتقبل الناس لهم، فكيد الشيطان قد أصبح كالحقيقة وقد بذر بذور الشك في أي توجه حر وصادق، بالأضافة أنه أحتكر الخطاب الديني عبر جماعات شريرة كانت تلهث خلف الشهوات وتحارب الفضيلة والحرية بأستخدام الدين مطية لأهدافهم الشيطانية.
الشعوب المتعبة اليوم أكثر قابلية لتقبل الحق الذي يظهر بالشكل الذي اراده الله، هذه الشعوب ستنطلق بعد كل نصر يتحقق لأنها قد جربت الباطل لأجيال فوجدت نفسها في اسواء حال بين باقي الأمم، فلا تعليم ولا صحة ولا تطور ولا أستقرار ولا صدق رغم ما تمتلكه من ثروات ومقومات كانت كفيلة بأن تجعلها أهم وأغنى الأمم في العالم. لقد جعلوها تشك في عقيدتها وفي نفسها بأنها تستطيع فعل أي شيء! ولكن من خلال المتغيرات التي طرأت بدأت هذه الشعوب تراقب تلك الحركات الوليدة التي بعثت الأمل من جديد بعد أن دحرت تلك العقائد الباطلة، ونستطيع أن نقول أن التطورات تتتابع بشكل متزايد يجعلنا نثق بأننا على الطريق الصحيح، خاصة مع تتابع سقوط الأقنعة وتجلي الحقائق أكثر فأكثر..
يجب أن نعتصم جميعا بحبل الله ونكون يدا واحدة، فالفرصة سانحة للتخلص من كابوس الأستعمار ودخول عصر جديد نعود فيه إلى المكانة التي أرادها الله لنا، ولا يجب أن نسمح بضياع هذه الفرصة أبدا لأن ما بعدها هو الفناء المؤكد، لا وقت للتقاعس والأنبطاح، ولا وقت لترديد كل تلك الأكاذيب التي سئمناها بعد أن صدقناها وجلبت لنا الخراب في كل مرة، بل لابد من أن نغير ما بأنفسنا حتى يغير الله واقعنا كما وعدنا، يجب أن نتسلح بالوعي والعزم والجد لتغيير واقعنا، والنصر قريب بأذن الله.