جمعة رجب.. الإمام علي ومسؤولية الثقافيين !!

 

إب نيوز ٢٦ فبراير

بقلم /أمين المتوكل

الإنسان في هذهِ الحياة يعيش دائرة علاقات مع الأشياء التي حوله، وتكون هذهِ العلاقات الثنائية أو المتعددة قائمة على صور ومفاهيم البعض منها بسيط والآخر منها معقد

فالانسجام والإنجذاب نحو الجمال أمر فطري لدى الإنسان.. وتجنب القبح أمر فطري لدى هذا الإنسان كذلك.. فالبشر في هذهِ الأرض رغم اختلاف مشاربهم يشتركون في الخصائص الإنسانية ولديهم توافق بشكل كبير اللهم في بعض الأفكار والعادات والتقاليد وفي ذلك وجد علم الانثروبولوجيا لدراسة هكذا ظواهر

عندما خلق الله الإنسان فإنه أراد لهذا الانسان أن تستقيم حياته، فتبدأ رحلة التكامل الإنساني في جميع مناحي الحياة وارتباط الفوز بالدنيا بالفوز بالآخرة عبر المنهج الذي رسمه الله له لأن هذا المخلوق في عناية خالقه تبارك وتعالى والأجمل أن هذه الرحلة تنسجم مع الفطرة الإنسانية التي جبلها الله إلى هذا التسامي والعلياء

فالإنسان بطبيعته كما اسلفنا يعيش علاقة جذب ودفع مع ما حوله في هذهِ الحياة، ومن هذا المنطلق والمدخل لابد أن يكون هذا المنطلق في اعتبار الدين الإسلامي الذي _ ومن رحمة الله _ أن يكون محط اهتمام الله بعباده بأن ينزل إليهم هدى يوافق ما ينجذبون إليه، فالإسلام دين عظيم تشرئب أعناق الأرواح الإنسانية إلى ما يضعه ويطرحه من رؤى ومنطلقات وحيثيات وأفكار ومعالجات تلين القلوب الإنسانية إلى ما تم طرحه في هذا الدين العظيم

لذلك نجد أعداء الله وأعداء دينه ينتهجون أسلوباً جديداً وهو ليس بجديد.. هذا الأسلوب الذي أسماه جوزيف ناي بـ القوة الناعمة وهو ذات الأسلوب الذي انتهجه الشيطان الرجيم في قول الله تعالى (َزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِیلِ وَكَانُوا۟ مُسۡتَبۡصِرِینَ)

فالشيطان الرجيم اللعين من أجل أن يُمرر مشاريعه فإنه يقدمها في طبق جذاب في عملية تزيين خبيثة تنطلي على من لم يثبت، وإلا فإن كيد الشيطان كان ضعيفا أمام عباد الله المخلصين

واليوم نجد أمريكا الشيطان الأكبر تنتهج ذات النهج الابليسي عبر سياساتها المسماة بالقوة الناعمة التي ارادت عبر سياساتها تقديم تلك السياسات الشيطانية بقالب إنساني مخملي حتى يسيل لعاب أولئك الضحايا من الشعوب التي ترى أمريكا هي النموذج الإنساني الأبرز

هنا _ أيها الإخوة والأخوات الكرام _ لابد أن نتأمل جيداً ونرى هذهِ الصور من حولنا.. في الوقت الذي نرى فيه أمريكا ومن قبلها الشيطان الرجيم يمررون مشاريعهم بعباءات إنسانية ومقدمات مزينة، نرى مشاريعهم لها من القبول بل ونجد أن هنالك من ينبري للدفاع عن تلك السياسات

في الجانب الآخر نرى أن هدى الله الذي هو جذاب بعينه وبخصائصه، نجده غير متواجد في الساحة سواء الساحة النفسية وكذلك الساحة الاجتماعية

إذا بحثنا عن الأسباب اخواني واخواتي الكرام لوجدنا أن أبرز هذهِ الأسباب بأن هذا الإسلام العظيم لا يجد له حملة يقدمون جاذبية الإسلام بجاذبية شخصيتهم.. إذا كانت المشاريع التدميرية صار لها قبول بسبب جاذبية من يقدمها بتلك الأساليب الجذابة فلماذا هذا الإسلام العظيم لم يعد له القبول في الأوساط الإنسانية بل حتى الأوساط الإسلامية

اختار رسول الله صلى الله عليه وآله خالد بن الوليد ليكون مبعوثاً إلى اليمن، هنا تذكر الروايات بأن خالد بن الوليد بقي في اليمن ستة أشهر ولم يسلم من أهل اليمن أي إنسان

مرت الأيام وإذا برسول الله محمد صلى الله عليه وآله يرسل مبعوثاً إلى اليمن ليرسم لهم ملامح الإسلام فكان الاختيار على علي بن أبي طالب عليه السلام

الإمام علي عليه السلام يمتلك من الجاذبية العجيبة والخصائص الفريدة. كيف لا وهو باب مدينة العلم ووصي المصطفى صلى الله عليه وآله

يذكر بعض العلماء والمؤرخين بأن الإمام علي عليه السلام عندما قدم إلى اليمن درس خصائص اليمنيين وتركيبتهم القبلية وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم بنفس المنهج الذي يعتمده الآن علم الانثروبولوجيا كما اسلفت وأخذ نظرة شاملة على الأرض والناس

فحينما دعاهم إلى الإسلام وقرأ لهم رسالة الإسلام من رسول الله صلى الله عليه وآله أسلم اليمنيين جميعهم

يا ترى ما الذي جعل اليمنيين جميعهم يدخلون هذا الدين العظيم بينما في السابق لم يدخل منهم أحد إلى هذا الدين.. أليس الإسلام هو الإسلام ولكن لابد أن نرى إلى من هو العنصر الذي قدم الإسلام.. فالله سبحانه وتعالى يقول (ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ)

فنحن اليمنيين ونحن في ظلال هذهِ المسيرة القرآنية المباركة لابد أن نستلهم روحية الإمام علي عليه السلام ومنهجيته لاسيما ونحن نعمل في الجوانب الثقافية وكلنا لابد أن نعمل في هذهِ الجوانب الفكرية الثقافية، لأن الشهيد القائد رضوان الله عليه يقول أن جندي الله مهامه شاملة

فحين نريد أن نقدم هدى الله لابد أن ندرس خصائص الجذب لنلتزم بها التزاما يلاصق أنفسنا وأرواحنا وليس كقناع كما يفعله الغرب، فلابد أن نحمل الحب والحرص والحنان والعطف واللين والثقافة والالمام والإطلاع وسعة النفس ورحابة بشكل عميق وواعي وكصفه تعيش داخل كينونة قلوبنا بكل شغف حتى ننطلق لنعيش الحياة الرسالية مع الآخرين بكل حب وجاذبية

وأقولها ياليتني أعود إلى ذلك الزمن الذي أرى فيه سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو يخاطب اليمنيين لآخذ من حبه الذي امتزجت بها كلماته كدواء لقلبي ومن حرصه الذي تتزين بها عينيه ليرتوي فؤادي فأرى جنة الله في هيئته لعلي أصل بها إلى رضوان الله تعالى

You might also like