جمعة رجب ( الإرث التاريخي لهويتنا الإيمانية )

 

إب نيوز ٢٧ فبراير

بلقيس علي السلطان

لكل أمة إرث تاريخي تتفاخر وتتباهى به ، ولليمن إرث تاريخي متنوع مابين حضارة تاريخية عريقة المنشأ ، وهوية إيمانية جذورها تمتد عبر التاريخ ولها دلالات بالغة المعاني ، لأنها امتداد لإيمان وحكمة هذا الأمة منذ الأزل ، فهاهي ملكة اليمن العظيمة الملكة بلقيس _ والتي حكى القرآن قصتها _ ترحل بنفسها إلى النبي سليمان لتبحث عن الهدى والحق بعد أن علمت بحكمتها أن النبي سليمان ليس بملك جائر وغاصب ويبحث عن المال والسلطة فلو كان كذلك لقبل هديتها ، وبأنه يحمل رسالة عظيمة لا بد لها أن تعرفها ، وعندما رأت وعلمت بعظمة الإسلام قالت : { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

واستمرت قصص الإيمان اليماني عبر التاريخ وهاهي قصة الأخدود في نجران تمثل شاهد أخر على تمسك اليمانيين بالدين الحق حتى ولو كان الثمن أن يلقوا بأنفسهم إلى النار على أن يتركوا الدين الحق ، وسطر القرآن هذه التضحيات الإيمانية بقوله تعالى : {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} فقد وصفهم الله بالمؤمنيين لصدق تمسكهم بالدين الحق .
واستمر التاريخ في تدوين الإيمان التاريخي لليمانيين فهاهو أحد ملوك تبع يبادر بأسبقية كسوة الكعبة وعندما علم بأن هناك نبي سيأتي أخر الزمان في هذا المكان ، أمر برجاله أن يعمروا تلك المنطقة _ يثرب _ وأن ينصروا هذا النبي عندما يحين قدومه .
وأتى النبي المنتظر ولاح دين الحق في إرجاء المنطقة ، فجاءه الأوس والخزرج اليمانيون ليفوا بوعدهم التاريخي بنصرة هذا النبي الخاتم وجاءوا ببيعتهم وعرضوا عليه أن يئوي إليهم ليحموه ولينصروه ، وليس ذلك فقط بل جاء اليمانيون من أرض الإيمان ورحلوا راجلين وركبانا يبحثون عن نور الهداية الحقة وفي أول جمعة من رجب وصلوا إلى النبي الأعظم مبايعين ، فما كان منه صلوات الله عليه وعلى آله إلا أن خر ساجدا وحامدا ، وقال : (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية) .
هذا هو الوسام الذي قلده الرسول الأعظم للمؤمنيين اليمانيين كافة عبر الزمن وحتى قيام الساعة ، فكانت جمعة رجب هي المحطة التاريخية التي عندما تهل على اليمانيين يتذكرون أنهم دخلوا في مثل تاريخها في دين الله أفواجا ، فجعلوا منها عيدا يحتفلون فيها بنعمة الهداية ونعمة الإسلام الذي حظوا به في بداية ظهور الدعوة المحمدية العالمية .

لقد كانت جمعة رجب ومازالت عنوانا للهوية الإيمانية التي حاول الحاقدون والخبثاء محو معالمها وطمسها وسلخ اليمانيين منها ، لأنها تمثل هويتهم التي هي مصدرا لعزتهم ورفعتهم ، وأحلوا عوضاً عن ذلك أعياد ومسميات ماأنزل بها من سلطان ومامن هدف لذلك سوى صرف الناس عن أعيادهم ومناسباتهم الدينية التي تعيدهم إلى الطريق الحق والصراط المستقيم ، وهذا مالا يريده الطغاة وعبدة الشيطان .
لقد ترك لنا أبائنا إرث إيمانيا شامخا وعظيما ، حريٌّ بنا أن نتمسك ونفخر به وأن ننقله إلى الأجيال بأبهى صوره كما نقله لنا أبائنا عبر التاريخ ، فبهويتنا الإيمانية نسمو ونرقى ومن دونها نذل ونخزى ، وبها سننتصر على الطغاة وندحر الخبثاء والعصاة .

وكل عام وأنتم الحكمة والإيمان

#اتحاد_كاتبات_اليمن.

You might also like