_في الخارج للبحث عنك .
إب نيوز ٢٨ فبراير
*رويدا البعداني
رغم فرط اعتيادي ، وعلمي الجازم بأنك لست هنا إلا أنني قد تعودت البحث عنك وأخذتها عادة ، فمُنذ أن غبت وحروفي تهم بعودتك ،وتهذي تفاصيل انتظاري الرتيب ڵك ، حتى أنها لم تستيقظ من شرنقة حمتها بعد.
لازالت تترقب قدومك ، وقد عدت حاملاً معك راية النصر ، تنتظرك كطفلة فقدت أباها منذ ساعة الحرب ، لكنها لم تعي بعد مامعنى الفقد ، فهاهي لكما هو الحال تنتظرك!
تقف على شرفة نافذتها الصغيرة علك ستأتي من خلف الجبال والتلال وبعيدًا عن الضوضاء تهمس لها قائلاً : صغيرتي لاتخافي هاأنا قد جئت مع عدتي وعتادي ولن أرحل وسأظل عيد الربيع في عينيك ولن أرحل عنك يازهرة أيامي .
نعم لازلت طفلة ياموطني الضائع في الدياجي فمتى ماجن الليل وأسفر هرعت لدولابي الخشبي العتيق أرتدي أطماري البالية المبللة بوجع الذكرى التي لم تجف حزنًا لغيابك وأسفًا لما حل ببقاعك ، لازلت أتجول بين حناياك حاملة بحوزتي قنديل التوق إليك نازلة للبحث عنك فأين أنت ؟
أبحث عنك هنا وأواصل بحثي هناك واستحث الخطى متجاوزة الشوارع رغم انطفائها والأزقة رغم ضيقها ، متمنية رؤيتك ولو على ركن منسي لكنني كالعادة لا ألتقي إلا بنفسي فأعود وأندب حظي .
كل شيء حولي هنا يرفرف ويخبرني بأن هناك من وضع على أقدامك الأغلال ، هناك من خطف جمالك وبهجتك ومزقك ، هناك من أدماك وعاث فيك خرابا ، هناك من خانك وادعى الوفاء ، وعبث بارأضيك ونبذك في العراء .
وأنا هنا لازلت وحدي إلا من الأسى ورتوش الوجع ، يشتد الزَّمْهَريرُ في ليل شتائي القارص ، فيهديني عالم العنف والنفاق والارتزاق ،معطف الاحتضار لأرتديه وأكمل سيري في البحث وإن حدث وسقط أرضًا في إحدى الطرقات أعطاني كبسولة صحو قد مر عليها ردح من الزمن ولم تعد صالحة إلا للموت .
أضع رأسي على ذلك الحانوت العتيق ، أنظر للنجوم وأتذرع لها أن تثبت في عقر دارها وتطل المكوث هناك في كبد السماء الواسعة ، ليتسنى لي البحث أكثر ولكن بلاجدوى أعود ادراجي بخطوات مثقلة بالخيبة تذلني ، أعتكف منابر صمتي من جديد وفي داخلي تقطن ألف رواية وأحاديث بالمئات قد نامت على ضفاف الفؤاد بعد كل ألم يعتصرني .
أناجي إلهي وقد أسبلت جفني وأرقدت شجوني ، وبهدوء تام أتوسم من الأحلام أن تهزم جيوش الظلام وتأتيني بالأمان ولو كانت من عالم الخيال والأوهام علي لأستيقظ وقد عاد السلام لموطني ، وسكتت أصوات القنابل والرصاص وصدأت ألآت الدمار . فأين أنا من جل هذا ؟
وأين أنت ياوطن ؟