كوكب الشرفاء .
إب نيوز ٢ مارس
بلقيس علي السلطان
هو كوكب يختلف عن بقية الكواكب ، فسكانه وهبوا أرواحهم من أجل أن يحيا الأخرون ، وأخلصوا في ولائهم كي يرضى عنهم خالقهم العظيم ، وسلّموا لأمر القيادة ليقينهم بحكمتها وبسديد توجيهاتها ومن هنا انطلقوا ليمنحوا العزة والكرامة لأمتهم ويقفوا صفا واحدا ضد الطغاة المتجبرين في الأرض ، دون أن يخيفهم عتادهم وعدتهم ، ولا يبالون بشدة طغيانهم وسفكهم للدماء ؛ بل يزيدهم عزما على الوفاء بعهدهم الذي عاهدوا الله عليه بالدفاع والتضحية في سبيل الله حتى نيل إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة .
هنا وهنا فقط على هذا الكوكب النادر تجد الصديق يحمل صديقه الجريح لينقذه وسط وابل من الرصاص ولا يبالي ، فالوفاء الذي يختلج في خصاله جعله يقدم نفسه من أجل صديقه ؛ بل ويفتدون بأرواحهم أجساد أصدقائهم من الشهداء كي لا تقع في أيدي المعتدين الظالمين ..!
وهنا تجد القائد الذي يشارك أفراده كسرة الخبز ويجلسون ويضحكون معا فلا عُجب ولا خيلاء ولا تكبر ؛ بل تجد القائد الذي يضحي بروحه لينقذ أفراده الجرحى حتى ينقذهم أو يرتقى معهم ، تجد من بُترت يده ومن بترت ساقه ، ومن فقد إحدى عينيه _بفعل القصف الجائر من قراصنة المال والثروات _ ولا يوقفه ذلك عن مواصلة دربه الذي سلكه من البداية وعن إكمال عهده الذي قطعه مع الله ، وتجد الذي يدفن حيا دون أن يرضخ لإملاءاتٍ حقيرة ممن أسره وعذبه ، ليقينه بأن الموت والحياة بيد الله وليس بأيدي الحقراء من البشر ، ويتسألون عن سر السكينة التي يجدونها في روضاتهم وعن العطور الفواحة التي تفوح من ترابهم ..!
مع ساعات السحر تسمع لأصوات استغفارهم التي تبدد هجعة الليل ، ومع الخيط الأبيض لولوج النهار تتعالى تلاوتهم للقرآن و تسابيحهم وحمدهم لله ، ترى البسمة والسعادة في وجههم وكأنهم ملوك الأرض وسادتها _ وهم كذلك لا ريب _ تلمس فيهم الإحسان والبذل والعطاء المطلق وكأنهم ملائكة نزعت منهم كل ملذات الحياة وشهواتها .
إنه كوكب المجاهدين الأحرار منهم الشهيد ومنهم الجريح والأسير والمفقود ومنهم من لا يزال يحقق الانتصارات الأسطورية التي أذهلت الكوكب الأخر الذي يعيش في الرضوخ والخنوع والاستسلام للطغاة ، الذي لا هم له سوى جمع المال والحصول على السلطة والمناصب بأي ثمن كان ، حتى ولو كان امتهان كرامته وإنسانيته ..!
فهل علمتم سر هذا الكوكب وحقيقة ضياءه الوهاج ؟
هل علمتم سر التأييدات الإلاهية له ومنحه وسام العزة والكرامة ؟
لأن قائده حكيم ، ورجاله أولو قوة وأولو بأس شديد ، لا يخافون في الحق لومة لائم ، ولا يهابون العدو مهما كان جمعه ومؤيديه ، فمجرد يقينهم بأن الله معه جعلهم ينطلقون وهم قلة ، فمنحوا الغلَبة والنصرة ، ومُنحوا الاستخلاف والعزة والكرامة وكانوا أحق بها وأهلها ، فالعاقبة دوما للمتقين قد كتبت والنصر للمؤمنيين الصابرين قد حق ووجب ، فسلام على كوكب الشرفاء من المجاهدين الأتقياء ، ذوي الإخلاص والصبر والوفاء .
.