العودة لتحقيق أحلامنا..
إب نيوز ٧ مارس
عبدالملك سام
الهجرة.. معظمنا في مرحلة ما كنا نحلم أن نهاجر حتى نستطيع تحقيق أحلامنا التي لم نستطع تحقيقها في بلدنا. كانت فترة صعبة حيث أحال بعض الفاسدين الواقع إلى كابوس، عندها كنا نلجأ للأحلام. كان الأفق مسدودا، وكان التفكير في حياة طبيعية نوع من الترف، في ظل أرتفاع الأسعار، وأزدياد المشاكل، وسقوط الأخلاق، وأنهيار القيم، وتفشي الفساد… كل هذا جعل الكثيرين يفكرون بترك أهلهم ووطنهم خلف ظهورهم، وليحزموا همومهم وأمنياتهم في حقائبهم ويهاجروا. إلى أين؟! لا يهم طالما وأنت تبتعد عن كل هذه الضغوط والمشاكل التي أكلت سنين عمرك، فمن يشاهد وجهك يظن بأنك رجل طاعن في السن، أو كهل في مقتبل العمر!
ماذا وجد أولئك الذين أعتقدوا أنهم من المحظوظين بعد تلك السنين؟! أنا لا أبالغ لو كنت تعتقد ذلك وأنت تقرأ هذا المقال. يكفي أن تسأل أولئك الذين عادوا من رحلة الغربة عما جنوه بعد كل تلك السنين! ستسمع العجب صدقني، وأفضل واحد فيهم سيخبرك أنه فقد نفسه وهو يحاول أن يشتري تلك الأحلام التي حملها معه عندما رحل، والأستثناء الوحيد ربما هم اولئك الذين أستطاعوا أن يحصلوا على علوم كانت غير متاحة في بلدهم.. البقية يتشابهون في بعض الأمور التي حملوا ذكراها معاهم أثناء عودتهم إلى بلدهم وأهلهم.
العبودية.. خاصة أذا هاجرت إلى بلد عربي! ومن المؤسف أنك أذا سافرت إلى بلد أجنبي فأنك تشعر بالدونية فقط، بينما تعاني من مشاعر أسواء في بلاد العرب! أما الأجانب فأن نظراتهم المليئة بالكراهية كفيلة بجعلك تحس بالكراهية الشديدة لمن أجبرك على الهجرة، لذا فليس من المستغرب أن تجد هؤلاء الذين هاجروا أكثر الناس كرها للفاسدين هنا، لأنك هناك تستطيع أن تشاهد الأمور بوضوح وأنت تقارن وتفكر فيمن تسبب بتهجيرك.
الأغلال.. أي مغترب أو مهاجر كان يحس بأنه مستضعف، خاصة في تلك البلدان التي لديها قوانين صارمة فيما يخص المهاجرين، وعندما يتعلق الأمر بأسرتك فأنك بالتأكيد كنت ستتمنى أنك تركتهم هناك في بلدك، فأحتمال بعدك عنهم حينها يكون أخف وطأة عليك من الخوف الدائم عليهم من الضياع في بلاد الغربة. هناك قوانين في بعض البلدان تسمح لحكوماتها بأخذ أبناءك منك أذا ما حاولت أن تحميهم من الفساد الأخلاقي! وربما تتذكر بشجن تلك الأيام التي كان أبوك (يربيك) دون أن تكون هناك قوة على الأرض تمنعه من ذلك!
صفر اليدين.. هناك عدد كبير من المهاجرين عادوا إلى بلدانهم بلا أي مدخرات، خاصة اولئك الذين كان حظهم السيء أن يعملوا في بلاد الخليج، فقد عادوا وقد خسروا سنوات من اعمارهم، وآثار لا تمحى من الألم والتعب وأحتمال المعاملة التي لا تليق بالبشر. بعضهم فقد نفسه، وبعضهم فقد طيبة أهله، فأذا به يعود وهو يحس بالغربة بين أهله، فيعود بعدها ليجد أنه لا طريق أمامه سوى أن يعود للغربة مجددا، فلم يعد له مكان بين أهله بعدما صار مختلفا عنهم! حتى المال لا يستطيع أن يشتري مشاعر الألفة التي كان يحس بها قبل أن يهاجر..
الأمل.. يقول المثل (يا باني في غير بلدك، لا لك ولا لولدك). نحن على أعتاب مرحلة جديدة، حيث يمكنك أن تنشئ مشروعا بمدخراتك دون ان يشاركك شيخ او متنفذ تحت مسمى “حماية”. هنا في بلدك بين أبناء شعبك الذي لن تجد اطيب منه. ربما لم تتضح الصورة للكثيرين بعد، لكن هناك من بدأ مبكرا وهو يشعر بالتفاؤل من الوضع الجديد، وها نحن نشاهد الأستثمارات العقارية كأضمن وأبسط انواع الاستثمارات وهي تنتعش، وكم نأمل ان يلتفت أصحاب رؤوس الأموال للاستثمارات الأخرى كالصناعة والزراعة.. الخير وصال بأذن الله، وبلادنا تزخر بالخير الوفير، المهم أن نعتصم بالله وندافع عن حقوقنا في أن نستقل ونبني ونزرع وننتج.. ودمتم بود.