التدخلات الأمريكية والحروب بالوكالة .
إب نيوز ١٣ مارس
أنس القاضي
في العام 1968م دبرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية انقلابا عسكريا، نفذه الجنرال العميل (سوهارتو) ضد الرئيس الاندينوسي الوطني (سوكارنو) الذي قاد الثورة الأندنوسية للتحرر من الاحتلالين الياباني والهولندي، وقد تبع هذا الانقلاب التي دبرته الولايات المتحدة الأمريكية في اندينوسيا، مجازر وحفلات إعدام دموية راح ضحيتها مليون إنسان اندونيسي.
تجد الولايات المتحدة الأمريكية أن لها الحق في التدخل في أي بلد إذا ما اقتضت مصالح الطغمة المالية الحاكمة ذلك.
وقف وزير الخارجية الأمريكي (دين راسك) في عهد الرئيس (كيندي) يلقي شهادته أمام لجنة من الكونغرس مُعترفا بالنهج العدواني، مدافعاً عن التدخل العسكري الأمريكي الفاشل في خليج الخنازير ضد الثورة الكوبية، وقال راسك: إن التدخلات والحروب الأمريكية فقط في الفترة ما بين 1798 – 1895م بلغت 103 حالات. مما يعني بأنها ليست المرة الأولى التي تقوم فيها أمريكا بتدخل عسكري حتى يحاسب المسؤولون الأمريكيون إذا ما فشل التدخل العسكري.
وفي العام 1963 قال وزير الخارجية الأمريكي دين آتشيسون:
“بصراحة أن الولايات المتحدة لا تجد نفسها ملزمة بالقانون الدولي”. هذا ما قاله أيضاً مبدأ وولفو وتز والذي تمّ تطويره إلى مبدأ بوش سنة 2002م، ففي ذلك العام صرح الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش قائلا: “إن للولايات المتحدة الحق في شن حرب مع أو بدون موافقة الأمم المتحدة لنشر هيمنتها ومبادئها الصالحة لكل زمان ومكان”. ولم يمض عام على تصريح بوش حتى قام الشيطان الأكبر بغزو العراق.
توصلت الولايات المتحدة الأمريكية، بعد الحرب على فيتنام إلى أنه من غير المُجدي الاستمرار في الحروب الكلاسيكية وتحمل الخسائر الاقتصادية والمالية الباهظة، ومثلت الحرب على فيتنام آخر الحروب الكلاسيكية الأمريكية التي تدخلت فيها بشكل مباشر وتحملت التَبِعات، وكل الحروب التالية التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية كانت حروباً ممولة ومدعومة بالمقاتلين.
وقد وجدت الولايات المتحدة أن الحروب بالوكالة هي الأجدى فكلفة الجندي الأمريكي الواحد في ساحة القتال هي مليون دولار في السنة.
كما أن الخسائر البشرية تثير مشاكل في المجتمع الأمريكي لذلك تسعى الولايات المتحدة لإشعال حروبها بالوكالة. ولعل حرب الاستنزاف للاتحاد السوفياتي في أفغانستان كانت أبرز هذه الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية بتمويل سعودي و”مجاهدين” إسلاميين، تم تعبئتهم بالخطاب الوهابي.
قديماً كان هناك مقولة في السياسة الدولية وهي أن بريطانيا العظمى ستحارب حتى آخر هندي، والآن تريد الولايات المتحدة أن تحارب حتى آخر عربي.
إن الحروب التي خُطط لها مسبقاً وخلقت أسبابها وتقودها الولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي هي بالنسبة للبنتاجون سياسة الهيمنة المطلقة، وهي أساس سياسات المحافظين والصهاينة الجدد، من جورج بوش حتى دولاند ترامب.
هذه الحرب التي بدأت بكذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق، ما زالت تقوم على الأكاذيب تحت عناوين مكافحة الإرهاب. تستمر هذه الحرب حتى اليوم، يحركها سعي الأمريكان والصهاينة المحموم في السيطرة المطلقة على المشرق العربي في حرب وقودها العرب والنفط الخليجي.
أثناء الحرب العراقية- الإيرانية قال وزير الخارجية الأمريكي هنري كسينجر:
“عادة في الحروب هناك رابح وخاسر لكن نريد في هذه الحرب خاسرين.”.
ذكر الجنرال ويسلي كلارك القائد الأعلى السابق لحلف الأطلسي في كتابه “ربح الحروب الحديثة” أنه بعد شهرين فقط من أحداث 11 سبتمبر، صادفه جنرال آخر صديق أثناء زيارته للقيادة العامة للقوات المسلحة الأمريكية في البنتاجون، حينها بادره صديقه بالحديث عن خطة للحرب على سبع دول عربية إسلامية خلال 5 سنوات ابتداء من العراق ثم سورية ولبنان وليبيا وإيران والصومال والسودان.
يقول كلارك إن صديقه قد رجاه وهو يرتجف ألا ينقل ذلك على لسانه أبداً. وحين ننظر اليوم إلى هذه القائمة اليوم. نجد أنه قد تم محاربة هذه الدول بطريقة أو بأخرى.