شعب الصميل!
إب نيوز ١٥ مارس
عبدالملك سام
كنت أستمع لأحد البرامج الأذاعية المحلية، وقد تفاجأ المذيع الطيب خالد الأنسي برسالة من أحد المستمعين يقول فيها: “من قال أن اليمن بلدة طيبة؟!”، طبعا المذيع أندهش من هذا المنطق المنحرف وأجاب بأن الله هو من قال هذا في سورة سبأ، ثم أسهب في الكلام عن الموضوع، خاصة مع ورود الكثير من الرسائل التي أستنكرت هذا المنطق المسيء للبلد والشعب.
هذا الكلام للأسف ليس مجرد فكرة شخص منحرف، بل أنها سياسة أعتمدها النظام البائد العميل لأنه كان يعتقد أن أذلال الشعب يعني أنه يستطيع أن يقوده بسهولة كما يقاد قطيع الخراف! وقد تسببت هذه السياسة بتدمير قيم عظيمة في نفوس الناس كالأباء والحمية، وهو ما أثر على نظرة الشعب لنفسه، فنجد أن الناس أعتبروا أن ما يأخذه اللصوص الفاسدين في ذلك النظام هو أمر لا يخصهم، بل هذا ما جعل الكثيرين يحاولون أن ينالوا جزءا من “الكعكة” بطرق ملتوية، على أعتبار أن أموال الشعب ليست من حقه!
أنعكس هذا على تصرفنا مع مجتمعنا وبلدنا، فأي تخريب نشاهده أصبحنا نراه كأنه أمر لا يعنينا، حتى وصل الأمر إلى أن نشاهد بعض الخليجيين يأتون لأنتهاك أعراض بعض اليمنيات دون أن نشعر أنها أعراضنا نحن! أما أراذل القوم فأعتبروها فرصة ليحاولوا المشاركة في هذا الفساد بأعتبار أنه لا يوجد شيء أسمه عرض وكرامة وأخلاق ودين، وقد شاهدنا ما وصل أليه أحد هؤلاء السفلة وهو يطالب المرتزقة السودانيين أن يأتوا وليأخذوا من فتيات اليمن ما يشاؤون! هذه الثقافة هي ما جعلت المرتزق اليمني أرخص مرتزق في العالم!!
في مرة كنا نستمع لخطاب للسيد عبدالملك الحوثي وهو يقول: “شعبنا اليمني العظيم”، وتفاجأت بأحد الجالسين يقول بأستنكار: “العظيم! هذا شعب الصميل”!!، طبعا كان رأيه عندما رأى نظرات الأستنكار أننا بحاجة لحاكم طاغية كصدام يقطع الرقاب ويسجن، وتكلم كأنه ليس جزءا من هذا الشعب الذي يتحدث عنه، ولكنك بمجرد ان تراقب تصرفاته ستعرف أن هذه الثقافة التي يعتبرها البعض غير ذات تأثير بأنها تدمر البلد فعلا كما دمرت نفسيات أبناء الشعب، فلولا ضياع الكرامة والأباء والنخوة ما كان لطامع أن يفكر في غزو بلدنا، ولولا ضياع الدين ما رأينا بيننا جبانا او متقاعسا..
هناك الكثير مما نراه حولنا، كتدمير الشوارع وتخريب الملكية العامة بأعتبارها (مش حق ابو أحد)، ونهب المال العام بأعتبار انه ليس حرام، ومخالفة القوانين بأعتبار أنك (أحمر عين)، والتفرج على التصرفات المخلة بالأداب من باب (ما علينا)، او عدم التفاعل مع قضايا وطنية بأعتبار هذا (يسدوا)، أو ضياع القيم والأخلاق بأعتبار (ما نفعل)!! كل هذا وأكثر هي آثار تدمير الهوية، ولعل الكثير الذين يعتبرون أنفسهم متدينين يمارسون الكثير من التصرفات السيئة بينما هم يصلون في المسجد على أعتبار أن هذا هو الدين! بل وهم انفسهم من يتغزلون بالغرب والتحضر، ويتناسون أنه من أكبر ما يجعل الله يمقتهم هو ان يقولوا ما لا يفعلون.
أنا هنا لا أتكلم لأضع حلولا، فكلنا يعرف ما هو الحل. الدين المعاملة، في النظافة والأمانة والصدق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقيد بالأخلاق الكريمة مهما قل من يفعلوها، الدين في حب خلق الله والسعي في خدمتهم، في التآخي وترك الأنانية والحسد والبغضاء، في السعي لأصلاح الحياة لا تدميرها، في المبادرة لكل فضيلة، في حب الأرض التي نأكل ونشرب منها، في الدفاع عن المستضعفين، في نشر الخير، في حب الهداية ….الخ. نحن شعب عظيم وكريم، وتاريخنا يشهد بذلك، ولدينا فرصة لنغير واقعنا وننبذ كل تلك الثقافات التي أسآءت لنا فيما مضى، ومستقبلنا وسعادتنا منوطة بما نحدثه من تغيير اليوم، ولو كان هذا يعني تغيير شخص واحد فقط، هو أنت.. ودمتم بود.