حجر أساس الصمود .
عبدالله علي صبري
يدلف العام السادس، مع أفول السطوة التي بدا عليها التحالف العدواني السعودي الأمريكي الذي حشد كل ما أمكن من أسلحة الحرب المتطورة في سبيل حسم المعركة عسكريا، فإذا بأحلامه تتبخر على نحو دراماتيكي، وإذا بكل محاولاته التصعيدية تفشل واحدة تلو الأخرى على مدى الخمس سنوات الماضية، وعلى مدى يوميات العدوان والحصار التي لم يدخر العدو أية وسيلة إلا وزج بها في أتون المعركة، دونما حسابات دينية أو إنسانية.
وسنة بعد أخرى رأينا مدى الشقاق الذي لحق بتحالف العدوان ومرتزقته، ما جعله عرضة للتفكك والانهيار، وما جعل أدواته يعملون على الكيد والتربص ببعضهم البعض، ويتسابقون في تقديم التنازلات الرخيصة للعدو، علَه يرضى عنهم، لكنه لم يفعل، وبدلا من ذلك اتجه إلى إذكاء واستغلال حالة النزاع ، حتى ورطهم في صراعات جانبية لا علاقة لها بأي من أهداف الحرب المعلنة..
وفي المقابل كان شعبنا في مستوى التحدي الكبير، حيث أبدع في المقاومة والصمود ثم في انتزاع زمام المبادرة، والتنكيل بالعدو وإحباط كل مخططاته والتصدي لكل ضروب الحرب التي شنها في مختلف الجبهات العسكرية، وتكبيده ومرتزقته خسائر كبيرة ومتوالية في العدد والعتاد وفي الاقتصاد والمعنويات.
وربما يتساءل البعض عن سر هذا الصمود الكبير، وعن العامل الأساس الذي أمكن له أن يصنع هذه المفارقة التي أدهشت كل من أمعن في طبيعة هذه الحرب ومدى الفارق الكبير بين إمكانات دول تحالف العدوان وإمكانات اليمن دولة وشعبا.
ولا ريب أن ثمة عوامل عديدة ومتظافرة أمكن لها أن تصنع ملحمة الصمود والانتصار الموعود بإذن الله، ومهما قيل عن أسرار وحقائق هذه الملحمة الوطنية اليمانية، فإن الجزم بأن هذا العامل أو ذاك، هو الحاسم لوحده لا يعدو عن كونه ضربًا من الوهم.
فمثلا، ما كان يمكن لهذا الصمود أن يتحقق لولا أن القيادة الثورية كانت في مستوى الهجمة العنيفة والمباغتة، ونعلم علم اليقين أن شعوبا جبارة تجرعت الهزائم والهوان من أعدائها بسبب تخاذل القيادة أو نتيجة لحساباتها الخاطئة، إلا أن الحالة اليمنية على العكس من ذلك تماما، وبفضل التلاحم والتكامل بين القيادة والشعب، رأينا كل مظاهر الصمود والعظمة تتجلى يوما بعد آخر، وصولا إلى مرحلة توازن الردع مع العدو، في عمليات نوعية ما كانت لتخطر على بال أحد مع صبيحة السادس والعشرين من مارس 2015م.
والنتيجة أن صنعاء اليوم قد لململت جراحها، واكتست ثياب العزة والكرامة، لتحتفل بكل “لبنات” الصمود، وكلها ثقة كاملة أن اليمن غدت قاب قوسين أو أدنى من الفتح المبين.