خطاب المرحلة والقائد المسدد الصمود المثمر .
إب نيوز ٣٠ مارس
حميد رزق
أراد الامريكيون والسعوديون قطع الطريق على ثورة 21 سبتمبر والحيلولة دون حدوث تحولات إيجابية يلمسها اليمنيون يكون سببها ومصدرها الثورة ، فكانوا يسابقون الزمن لتأزيم الحياة العامة ، حركوا أذرعتهم بالداخل كالقاعدة ، وحرضوا وكلاءهم من القوى الحزبية لتعقيد المشهد السياسي وافتعلوا الأزمات المعيشية ، وبعدما فشلوا استقال هادي وحكومة بحاح في يوم واحد بغية إحداث فراغ يمهد للفوضى، فتحال المسؤولية على ثورة 21 سبتمبر ،ويزداد الواقع تعقيدا أمام قيادتها ، لكن اللجان الشعبية نجحت في استيعاب التحدي ودحرت الجماعات التكفيرية وسقط الرهان على الفوضى وشيوع الجريمة ، ونجحت اللجان الثورية في الحفاظ على مؤسسات الدولة من الانهيار، عندها لجأ التحالف السعودي الأمريكي إلى شن الحرب المباشرة لإسقاط الثورة الشعبية والانتقام من شعبها وإعادة نظام الارتهان والعمالة إلى السلطة من جديد ..
شرعت بالمقدمة السابقة لأن المؤمل في المستقبل أن يقود السيد عبدالملك ثورة ثالثة لبناء الداخل والعناية بأداء المؤسسات وأجهزة الدولة ،كما قاد خلال المراحل الماضية ثورة 21 سبتمبر الشعبية بنجاح واقتدار، وكما قاد في السنوات الفائتة ملحمة الصمود في وجه العدوان بقدرات فائقة أبرزته كقائد استثنائي مسدد وحكيم، تشهد بذلك النتائج الحاصلة على صعيد معادلات الرد والردع التي بات اليمن يمتلكها في وجه تحالف العدوان برغم ظروف الحرب والحصار ..
ثورة البناء والتنمية
يدرك السيد عبدالملك أن الثورات تقاس بما تحققه من مكاسب ومنجزات للشعوب والمجتمعات على صعيد حياتها المادية والمعنوية ، وإذا كانت السنوات الماضية قد استنزفت الجهود والإمكانات للتصدي للعدوان كألوية لا مناص منها ، فإن المراحل القادمة كما أتوقع تحمل مؤشرات الشروع في تدشين المرحلة التالية من موجات الثورة اليمنية، تكون ساحتها هذه المرة ميادين البناء والتنمية، وهذا ما نجد مؤشراته في اهتمامات قائد الثورة ، ففي كلمته الأخيرة ذكر أن مرحلة الصمود أثمرت التماسك ، والتماسك يؤسس لمرحلة البناء ، وأبرز نماذج هذا الميدان النجاح الكبير في بناء القدرات العسكرية كأولوية حتمتها ضرورة التصدي للعدوان.
وتمهيدا لبدء مراحل جديدة من البناء يشمل مجالات الحياة الأخرى أعاد السيد عبدالملك تذكير اليمنيين بأهمية العمل « لا يكفيك أن تكون مظلوماً بل لا بد من أن تعمل وتسعى وتبذل الجهد وتتوكل على الله بفهم صحيح»
وفي كلمته الأخيرة تحدث السيد عبد الملك عن بعض ملامح المراحل القادمة ، وأشار إلى متطلباتها وما هو مطلوب من الجميع للبناء عليها ، مشيراً في البداية إلى أهمية الاستمرار في بناء مؤسسات الدولة وتصحيح واقعها ، ودعا لتدشين برامج التعاون والشراكة بين الجوانب الرسمية والشعبية في إطار مشاريع عمل تعاونية تنهض بواقع البلد في مختلف المجالات وتهتم على وجه التحديد بالجانب الخدمي والإنساني، وقال : الجانب الاقتصادي هو في مقدمة ما يهمنا ، العناية بالجانب الاقتصادي والسعي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والعمل على الارتقاء بالمنتج المحلي ليحل محل ما نستورده من الخارج، وفي مقدمة ذلك الزراعة .
بين الحكام والقادة
القادة الفعليون هم من يهتمون بتدعيم عوامل النهوض الوطنية لبلدانهم ، ليس معيار النجاح لديهم توقيع اتفاقيات القروض أو الحصول على المساعدات والهبات من الخارج بعكس الحكام والسلاطين ممن يجعلون العلاقة بالخارج معيار نجاحهم ورضاهم عن أنفسهم وسياساتهم ويبيعون ذلك وهما لشعوبهم .. ولذلك على طول الفترات الماضية لا نرى في كلام السيد عبدالملك أي حرص أو سعي لمغازلة الخارج أو التودد للأجانب لا طمعا ولا خوفا .. وعوضا عن ذلك كل ما يركز عليه ويجعله في أولوياته دائما التركيز على العوامل الذاتية لليمن أرضا وإنسانا وفي هذا المجال ركز في كلمته الاخيرة على قطاع الزراعة ودعا من جديد لتشجيع المنتج المحلي وتعزيز عوامل ثقة الناس بقدرتهم على امتلاك مقومات النهوض والاكتفاء الذاتي وصولا إلى الاستغناء عن الخارج والتحرر من قيوده وشروطه التي غالبا ما تمس السيادة والاستقلال .
« بلدنا زراعي ويمكننا إنتاج مختلف المحاصيل « واليمن يتمتع ببيئة متنوعة، الأمر الذي يساعد على التكامل في العملية الزراعية ، وشدد على ضرورة تدشين مرحلة التعاون الجاد بين الجانبين الرسمي والشعبي وتشجيع الفلاحين والمزارعين على حساب الاستيراد من الخارج ،داعياً أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في هذا المجال ودعم وتشجيع هذا القطاع الحيوي والهام بدلاً من الذهاب لشراء المحاصيل الزراعية من الخارج .
التكافل ومخاطر الركون إلى المنظمات
وفي ظل الظروف الراهنة وما يسببه الحصار والعدوان من معاناة للكثير من اليمنيين جدد السيد عبدالملك التأكيد على أهمية العناية بالتكافل الاجتماعي مشيراً إلى أن الحاصل منه لا يرقى إلى مستوى معاناة الفقراء ، ومن أهم العبارات التي اكد عليها قائد الثورة في كلمته الأخيرة تحذير المجتمع والجهات الرسمية من مخاطر الاتكال على المنظمات الأجنبية .
« لا يجوز أبداً أن تتحول النظرة الإيجابية من فقراء هذا البلد نحو المنظَّمات، فيرون فيهم فقط الأمل، ويرون فيهم فقط المعيل والمغيث والمعين، ويرون أبناء هذا الشعب من الأغنياء والميسورين يتنكَّرون لهم، ويتجاهلونهم، بالتأكيد سيكون لهذا آثار سلبية « وأشار إلى محدودية ما تقدمه المنظمات ويكون محكوماً بسياسات وشروط خارجية وفوق ذلك هو مُعرَّض للتوقف ، ولذلك لا بديل عن العناية بتطوير آليات التكافل الاجتماعي والعناية باليد العاملة وتشغيلها والتعاون مع الجمعيات الخيرية المحلية التي تصب اهتماماتها بالفقراء.
تحدث قائد الثورة عن هيئة الزكاة كواحدة من المناذج على المبادرات المحلية الذاتية الناجحة والواعدة ، وقال : على يقين وثقة أنَّ الزكاة لوحدها إذا أخُرجت بشكلٍ كاملٍ وتام ، ستفي بالغرض، وستسد الحاجة، وتعالج البؤس الذي يعاني منه الفقراء داعيا إلى تعزيز عمل الهيئة ومهيباً بالجميع لا سيما الميسورين ورجال المال والأعمال الاهتمام بفريضة الزكاة فهي ليست منحة ولا هبة من أصحابها ولكنها فرض ديني وحق للفقراء في أموال الأغنياء .
تجدر الإشارة أن توجيهات قائد الثورة لهيئة الزكاة أن تولي اهتماما بإنشاء مشاريع التمكين الاقتصادي، ومعالجة مشكلة الفقر من خلال بناء مشاريع ومسارات إنتاجية توفر فرص العمل أمام الفقراء لينالوا الحياة والعيش الكريم بعيداً عن الحاجة إلى الصدقات من احد .
التعليم بوابة التنمية
ومن الجوانب المهمة والضرورية التي تطرق إليها قائد الثورة : ضرورة الاهتمام بالتعليم لا سيما بعد التدمير والتعطيل الذي تعرضت له العملية التعليمية في اليمن وأكد على الضرورة الملحة للبدء في إصلاح التعليم وتطويره باعتباره المقدمة الأساسية لنهضة البلد وتقدمه في كافة المجالات .
وبالمجمل خلص قائلا : عندما نتحرك في كل المسارات، على المستوى الاقتصادي وفي المجال التعليمي وبقية مجالات العمل علينا أن نستحضر ما يساعدنا على الانطلاقة الجادة وفي مقدمة ذلك جرائم العدوان بحق الشعب اليمني مؤكدا أهمية أن تظل تلك الجرائم حاضرة في الذهنية والوعي والوجدان لكل اليمنيين ،لإدراك المخاطر الكبيرة للعدوان وكارثية أهدافه فهو يسعى لاحتلال بلدنا والسيطرة على شعبنا ..
……يتبع الحلقة 4 والاخيرة