خطاب المرحلة والقائد المسدد الصمود المثمر .
حميد رزق
في البدء يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر .. المهاتما غاندي
المقولة السابقة تجسد الحالة اليمنية فقد تعوّد البعض السخرية من اليمنيين واعلانهم الدائم الانحياز للقضية الفلسطينة ، يعتقد البعض عن جهل او بخبث ان المسألة مزايدة فقط فاستمروا في الاستهزاء والتندر ممن المجتمع الذي يتحدث عن القدس وهو يعيش المعاناة والحرمان نتيجة العدوان والحصار .
مبادرة السيد عبدالملك حول معتقلي حماس في السجون السعودية فاجئت الكثيرين وكان لها وقع الصدمة لدى دول العدوان لأنها أولا فضحت النظام السعودي وسلطت الاضواء عليه وهو متلبس بالجرم المشهود ، وقدمت برهانا على امكانية دعم ومساندة الشعب الفلسطيني بشكل عملي بعيدا الشعارات والخطابات وبعيدا عن مبررات العجز وقلة الحيلة التي ترددها الانظمة العربية الحاكمة .
المبادرة برغم انها حققت نتائج مهمة في كل اتجاه ، وبرغم التجاهل السعودي ، لكنها بكل تأكيد لم تكن للكسب السياسي ولم تأت لغرض الدعاية او تسجيل نقاط في مرمى بن سلمان ووالده ، انها ترجمة فعلية للموقف اليمني الشعبي والرسمي تجاه قضية الأمة الرئيسية ، وتعد اقل واجب يقدمه الشعب والقائد لأخوتهم المجاهدين في فلسطين خلال هذه المرحلة.
وليست المرة الأولى التي يعبر فيها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي عن استعداد اليمن لنصرة الشعب الفلسطيني بخطوات أهم وأكبر من صفقة تبادل مع النظام السعودي ، ففي مارس 2018 سألت صحيفة الاخبار اللبنانية قائد الثورة عن موقف اطلقه يتضمن الاستعداد لإرسال مقاتلين لمواجهة الكيان الصهيوني في حال اندلاع حرب بين كيان العدو والمقاومة الاسلامية في لبنان او فلسطين، أجاب السيد عبد الملك على الصحيفة قائلا : إعلان استعدادنا لإرسال مقاتلين في أي حرب إسرائيلية ضد لبنان أو فلسطين هو موقف مسؤول وجادّ وصادق ونابع من مبادئنا، وهو أيضاً الموقف الطبيعي جداً، والمفترض من كل شعوب أمتنا ، فنحن بحسب الانتماء الإسلامي والروابط أمّة واحدة، والعدو الإسرائيلي يشكل خطورة فعلية على كل الأمة، وهو عدو حقيقي لكل البلدان العربية والإسلامية، ولو كان بلدنا في موقعه الجغرافي على حدود مباشرة مع لبنان أو فلسطين، لكنّا قد شاركنا في القتال مع المقاومة اللبنانية أو الفلسطينية من دون تردد، فشعبنا اليمني متفاعل جداً مع قضايا أمّته، وعلى وعي عالٍ بالخطر الإسرائيلي ، وإن شاء الله ستساعده الظروف للقيام بدور كبير في دعم ومساندة الإخوة من أبناء الأمة.
وأوضح الموقف اكثر مجيبا على سؤال الصحيفة : وفي حال تورّطت إسرائيل بحرب جديدة، فلن نتردد في إرسال المقاتلين، وهناك أعداد كبيرة من رجال قبائل اليمن يطمحون للقتال ضد إسرائيل، ويتمنّون اليوم الذي يشاركون فيه جنباً إلى جنب مع إخوتهم من أحرار الأمّة الإسلامية في مواجهة العدو الإسرائيلي، وقد سبق إبلاغ سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بذلك…
الموقف السابق بحسب السيد عبد الملك مبدأي وهو احد أبرز أسباب العدوان على اليمن .
وفي خطاب المولد النبوي الشريف العام الماضي أطلق السيد عبد الملك اول تهديد مباشر الى العدو الصهيوني ردا على حديث نتنياهو حول اليمن قائلا : شعبنا لن يتردد في إعلان الجهاد ضد العدو الإسرائيلي، وتوجيه أقسى الضربات ضد الأهداف الحساسة داخل هذاا لكيان إذا تورط في أي حماقة ضد شعبنا”.ودائما يحرص قائد الثورة على ايضاح خلفية الموقف من قضية فلسطين بالقول انه موقف مبدئي إنساني أخلاقي والتزام ديني.
ومن النتائج المهمة للمبادرة انها كشفت الوجه الحقيقي لنظام ال سعود كما لم يحدث في اي وقت سابق وضبطته متلبسا بالجرم المشهود ، المبادرة لم تحرج بن سلمان فقط ولكنها حشرته في زاوية ضيقة جدا لدرجة العجز عن التعليق وابداء اي موقف او تبرير الاعتقال ، وأما التحريض الطائفي والمذهبي فقد كانت بمثابة سهم اصابه في مقتل ولم تكن المبادرة محرجة لنظام الدرعية وحسب وانما لمجمل النظام الرسمي العربي المتواطئ والمتامر لاسيما انها جاءت من شعب يعيش اقسى المعاناة ويرزح تحت حصار وعدوان منذ خمسة اعوام ومع ذلك لم تثنه الظروف عن الاهتمام بفلسطين وجعلها اولوية
مساندة الشعب الفلسطيني لا يقتصر على الجانب العسكري فقط ، ثمة مجالات وفرص لدعم حركات المقاومة الفلسطينية بطرق كثيرة جدا في عديدة منها مجالات السياسة والاعلام والدعم المالي ووغيرها من اوجه الدعم التي لا تتاثر بالتباعد الجغرافي او موازين القوة العسكرية بين الدول العربية وكيان العدو الاسرائيلي
قادمون في العام السادس
في الجزء الاخير من التأملات في مضامين خطاب قائد الثورة بمناسبة اليوم الوطني للصمود نتوقف مع قضايا ثلاث رئيسية
الأولى قضية السلم الاجتماعي حيث دعا الى المزيد من العمل وبذل الجهود الحثيثة لحل المشاكل القبلية وقضايا الثأر ونزاعات الاراضي او اي مشكلات تؤثر سلبا على الوئام والاخاء بين افراد المجتمع.
اهتمام القائد بهذا الملف ليس جديدا وخلال المراحل الماضية شهدنا جهود طيبة قامت بها جهات رسمية وقبلية برعاية السيد القائد اثمرت نتائج ايجابية وحلول مرضية لعشرات القضايا بعضها استمرت عشرات السنين وكلفت المجتمع خسائر بشرية ومادية باهضة وفادحة، وفي ظل اهتمام القائد نتوقع المزيد من العمل والتحرك في هذا الميدان لحلحلة المشاكلات الداخلية واعادة اللحمة الى الصف الوطني وفق قواعد الاخاء والتعاون والتكاتف وتمتين الجبهة الداخلية في مواجهة العدوان ..
ومن موقع الحريص توجه بالنصح للمرتزقة المرتمين في احضان العدوان ، ودعاهم مجددا للعودة الى حضن الوطن للعيش بكرامة بدلا من واقع الذلل والهوان تحت سيطرة الغازي الأجنبي ” الوضع الذي يعيشه الخونة وضع كارثي، وخسارتهم محققة، تحالف العدوان يذلهم، يقهرهم، يستعبدهم، والوضعية التي هم فيها وضعية ليست محترمة، وليس فيها ما يدعوهم للتشبث بها، المصلحة لهم أن يعودوا إلى حضن الوطن، وأن يتصالحوا مع أبناء شعبهم بدلا من العيش في ظل تحالف العدوان مسلوبي الإرادة، وفاقدي القراروعديمي الكرامة .
وفي نهاية الكلمة كان الوقوف الحازم والواضح مع مغالطات دول العدوان التي دأبت خلال الفترات الماضية على اصدار بيانات حسن نية لا تعدو كونها شكلية وهي اقرب الى الخداع وذر الرماد في العيون ، داعيا الى وقف العدوان ورفع الحصا بشكل عملي وواضح وبموجب قرار صريح يعقبه التزام فعلي ، ولكنه من موقع العارف بغدر التحالف وسوء نواياه قال الكلمة الفصل مخاطبا الاصدقاء والاعداء : أقول لشعبنا العزيز، أقول لكل الأمة: قادمون في العام السادس معتمدين على الله بمفاجئات لم تكن في حسبان الاعداء ، وبقدرات عسكرية متطوِّرة، وبانتصاراتٍ عظيمة ، طالما استمر العدوان والحصار، ولشعبنا العزيز أنَّ يثق بنصر الله وبالفرج، وأنَّ لهذه الشدائد نهاية، وأنَّ للصبر والعمل والتضحية والعطاء والتقوى عاقبة حميدة، وسعيدة، فالأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين