كورونا.. كارثة وفرصة للإكتفاء الذاتي والضبط ..
إب نيوز ٩ إبريل
عبدالرحمن علي الزبيب
انتشر وباء كورونا في العالم بشكل سريع وأفضل الحلول للحد من تفشيه هو إغلاق الحدود بين الدول للحد من وصوله اليها وانتشاره..
جميع دول العالم اتخذت اجراءات احترازية مشددة لضبط الحدود ومنع التهرب والتهريب وتخفيض وصول السلع من خارجها وإفساح المجال للمنتج الوطني لتغطية احتياجات الشعب..
وباء كورونا كارثة خطيرة وأيضاً فرصة هامة لإعادة النظر في إدارة الأوطان والحد من الاعتماد الكامل على تغطية احتياجات الشعب من الاستيراد الذي أصبح مهدداً بالتوقف نتيجة احجام الدول عن تصدير انتاجها والاعتماد على التخزين الكبير لاحتياجات شعوبها…
أكثر دول العالم تضرراً من وباء كورونا وأي امراض أو أوبئة عابرة للقارات هي الدول ضعيفة الاقتصاد والتنمية الذي تعتمد بشكل شبه كامل على تغطية احتياجاتها من الاستيراد..
وبالعكس أقل الدول تضرراً من وباء كورونا وأي وباء قادم هي الدول التي تعتمد على انتاجها الوطني لتغطية احتياجات شعوبها..
معظم الدول العربية وفي مقدمتها اليمن من الدول الهشة الفاشلة في ادارة احتياجات شعوبها منذ عقود بسبب تفشي الفساد في مفاصلها الاقتصادية والانتاجية واللجوء الى الحصول على أرباح كبيرة من استيراد سلع رديئة من خارج الوطن لبيعها للشعب بأضعاف سعرها الحقيقي دون ضبط ودون رقابة ويتسابق الجميع للانخراط في مجال الاستيراد كون الأرباح سهله وسريعة ومضاعفة بسبب الفساد الذي يضرب الجهات الرسمية المعنية بضبط الاسعار..وقتلت هذه الاجراءات الخاطئة روح الانتاج الوطني وما يواكب هذا الاجراء الخاطئ من محفزات للاستيراد وقتل الانتاج الوطني في مهده وخصوصاً نظام الاعفاءات الضريبية للسلع المستوردة الذي يقتل منافسة الانتاج الوطني جميع دول العالم الرأسمالي تحمي منتجاتها الوطني وترفع الضرائب على السلع المستوردة لضمان استمرارية الانتاج الوطني ومنافسة المستورد لتغطية احتياجات الشعب.
دول العالم الذي تحترم كرامة شعوبها تقوم باستمرار بدراسة احتياجات شعوبها وتبدأ في تشجيع الانتاج الوطني بل وتحفيز المستثمرين من خارج الوطن للاستثمار في الوطن لتغطية ذلك الاحتياج كمرحلة أولى للانتقال بعدها الى مرحلة تصدير فائض انتاجها الى خارج الوطن وبدلاً من تبديد العملات الأجنبية في شراء احتياجات الشعب يتم العكس الحصول عليها بتصدير المنتجات الوطنية الى خارج الوطن…
كل دول العالم لديها امكانيات وقدرات تكفي شعوبها اذا ما تم ادارتها بشكل جيد دون فساد ولا فشل..
اليمن حباها الله بإمكانيات كبيرة وقدرات عظيمة زراعية وصناعية وثروات بحرية ومعدنية وثروة بشرية إذا ما تم استثمارها بشكل جيد دون احتكار ولا فساد ولا فشل ستغطي احتياجات الشعب وستفيض لتصدير كميات هائلة إن توفر لها سلطات وطنية مخلصة تدير تلك الإمكانيات والقدرات لتغطية احتياجات الشعب….
غياب مراكز الدراسات والبحوث التنموية والاقتصادية والصناعية والزراعية عن صناعة السياسات العامة للدولة وصياغة خطط الدولة بشكل علمي ودقيق لتحقيق المصلحة العامة دون التقوقع في مربع المصلحة الشخصية الضيقة لبعض الفاسدين الفاشلين وعدم موائمة مراكز البحوث مع الواقع يجعل منها في وادي الخيال بعيداً عن الواقع يستوجب تضييق الفجوة بين الواقع والمأمول وفقا لبحوث علمية حقيقية قابلة للتنفيذ بمراحل مرسومة بدقة ومهنية بعيده عن السياسة…
دراسات حقيقية وجادة تشخص وتحدد احتياجات الشعب من جميع السلع والكميات المطلوبة وتحدد مصادر المواد الاولية لإنتاج تلك السلع والقدرات والامكانيات المطلوبة لإنتاجها بجودة عالية وبتكلفة اقل ليكون سعرها اقل ومنافساً للمنتجات المستوردة مع رفع الضرائب على السلع المستوردة اذا كان هناك انتاج وطني يغطي نفس السلعة لإفساح المجال لمنافسة الانتاج الوطني للمنتج المستورد…
هذا في الوضع الطبيعي ولكن ؟
في زمن كورونا الفرصة أكبر لإغلاق باب استيراد السلع وحصر تغطية احتياجات الشعب من الانتاج الوطني لكن ؟؟
يستلزم أن يكون الإنتاج الوطني بجودة عالية وسعر منخفض لتشجيع المستهلك على البحث عنه وشرائه والاحجام عن اللجوء للسلع المستوردة..
سيتوقف التهريب مباشرة لأن التهريب يعيش ويتطور في حالة واحدة الاحتياج الشديد في السوق الوطنية لسلع محددة وعدم وجود إنتاج وطني يغطي ذلك الاحتياج من تلك السلع بجودة عالية وسعر رخيص فيكون التهريب تجارة مربحة للبعض لتغطية احتياجات الشعب الذي فشل الانتاج الوطني عن تغطيته…
وفي الأخير :
نؤكد على وجوبية استثمار وباء كورنا الذي يضرب العالم وقد يضرب وطننا الحبيب أن لم يتم اتخاذ اجراءات احترازية قاسية وقوية لضبط التهريب وايقاف الاستيراد وتشجيع الانتاج الوطني والتصدير..
نبي الله يوسف عندما حكم مصر لم يخترع أو يكتشف مصادر إيرادية جديدة بل فقط قام بإدارة المصادر الجديدة بإدارة جديدة ومختلفة ورائدة وطرق تخزين جيدة للإنتاج الوطني للحفاظ عليه من التلف… حققت نهضة كبيرة في حينه وقام بتحويل مصر من مستوردة لكافة احتياجات شعبها الى مصدرة لفائض انتاجها بسبب الادارة النزيهة والكفؤة لقدرات وامكانيات الشعوب… وعزز هذا من استقلالها وسيادتها…
* باحث قانوني – اليمن