نظام آل سعود في أضعف حالاته والملك ونجله خارج الصورة رؤية بن سلمان تتهاوى بفعل الإخفاقات المتتالية .
إب نيوز ١٥ إبريل
يجمع مراقبون على أن نظام آل سعود بات في أضعف حالاته في وقت يظهر الملك سلمان وولي عهده نجله محمد خارج الصورة تماما رغم عظم الأزمات التي تواجه المملكة والتي تزداد تعقيداً وتأزما في ظل وباء كورونا المتفشي في البلاد وانخفاض أسعار النفط.
وبين مراقبون أن العائلة المالكة اليوم في أضعف حالاتها، فكبار الأمراء بين معتقل وبين مُقيم جبرياً وبين هارب ولا يوجد سيطرة حقيقية على إدارة المملكة.
ويشير المراقبون إلى أن سياسات بن سلمان تجاه العائلة وكبارها تؤكد أنه جاء لتدميرها، إضعاف الأسرة يعني إضعاف الدولة في وقت تنتشر فيه مظاهر الفوضى وعلامات الترهل في المملكة.
من جهتها، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن بن سلمان أمضى الأيام الماضية معتكفا مع بعض مقربيه. وجاء ذلك بعض أيام من تقرير لصحيفة نيويورك تايمز ذكرت فيه أنه عزل نفسه مع بعض وزرائه بسبب كورونا.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر قريبة من بن سلمان أنه أمضى الأيام الأخيرة معتكفا مع مساعديه، لبحث سُبل انتشال اقتصاد بلاده من أزمته، ومن بين المقترحات لتحقيق ذلك تقليص ميزانيات الوِزارات بنسبة 30%.
وأوضحت أن أزمة الأسعار التي أشعلها خلاف سعودي روسي، وفاقمَها تراجُع الطلب بسبب جائحة كورونا؛ جاءت في لحظة حرجة لبن سلمان، الذي يحتاج إلى المال لتدعيم نفوذه وتمويل خططه، كما أنها جاءت في لحظة حرجة سياسيا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يُعول على دعم شركات النفط للفوز بولاية ثانية، وللرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يُريد إطالة أمد حُكمه.
وأوضحت أن اتفاق خفض الإنتاج الروسي السعودي إن استمر سيُعد نصرا لترامب لأنه تم من دون إلزام شركات النفط الأمريكية بخفض الإنتاج.
وكان تقرير في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية -نُشر قبل أيام- كشف عن وصول وباء كورونا إلى العائلة الحاكمة وإصابة العشرات من أفرادها بالفيروس.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن 150 من أفراد العائلة الحاكمة في السعودية أصيبوا بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وأن أمير الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود أحد المصابين، وأنه موجود حاليا في العناية المركزة.
وكشفت الصحيفة أن الملك سلمان عزل نفسه في قصر بجزيرة عند البحر الأحمر قرب جدة بعد تفشي الوباء، وأن بن سلمان وبعض الوزراء عزلوا أنفسهم أيضا في منطقة نائية قرب البحر الأحمر.
ومع ازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا في المملكة شخَّص مراقبون حالة اختفاء الملك سلمان وولي عهده من المشهد العلني في المملكة، حيث لوحظ أن جميع الأوامر الملكية، وأوامر بن سلمان، يتم الإعلان عنها من خلال وسائل الإعلام، دون ظهور حقيقي لـ”ولاة الامر” على وسائل الإعلام المختلفة.
كان آخر ظهور علني للملك سلمان وولي عهده في الفترة التي راج فيها خبر اعتقال الأمير أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك، بالإضافة إلى ولي عهده السابق الأمير محمد بن نايف، ظهر فيها الملك سلمان مُخاطباً شعبه بخُصوص كورونا، ومُكذِّباً في الوقت نفسه الشائعات التي راجت عن خبر وفاته.
في الوقت ذاته يتهرب بن سلمان وحكومته من تحمل الفشل الاستخباراتي الذي واجهته أجهزته الأمنية، حينما فشلت بمعرفة الوجهات التي يسافر إليها مواطنيه، دون تأشيرات على جوازات سفرهم، وبعضهم سافر من الإمارات.
وفشلت تلك الأجهزة في معرفة أي جهة معادية تستثمر في شعبه، وهو عن هذا الأمر غافل، إنما فقط كان يتذاكى ولكن في تأليب الرأي العام السعودي ضده وضد عائلته المالكة، ويوصمها بالأعمال الطائفية.
وفي الوقت الذي يعتبر الحصول على الأرقام الدقيقة للإصابات والوفيات في المملكة من الأمور المحالة، يأتي القرار الأخير بفرض حظر التجول في مكة والمدينة، ليعكس الخطر المتزايد، ويتحدى الدعاية السابقة حول كيف كانت الحكومة سريعة ومتيقظة في مواجهة المشكلة، وكيف أن الإصابات جاءت نتيجة لتصرفات الشيعة فقط، حيث ثبت أن عددا من المعتمرين عادوا إلى بلدانهم مصابين بالفيروس من مكة، قبل أن تعلن المملكة أية حالة لديها.
بسبب انتشار هذا الوباء القاتل بالمملكة، بدأت رؤية الأمير الطموحة “رؤية 2030” تنهار أمام عينيه، ليس بسبب انهيار أسعار النفط فقط، إنما بسبب التعثر الذي حصل في برنامج التحول الوطني، وبرامج الترفيه، وتوقف السياحة، وكلها نتيجة مباشرة لعمليات الإغلاق وحظر التجول والإبعاد الاجتماعي المفروضة في ظل جهود مواجهة الوباء.
أصاب كورونا، مجمل أجندات بن سلمان لتغيير توجهات المجتمع إلى الوجهة الهدامة، بشلل. حينما فرض انتشار كورونا، حظر التجوال والتجمعات بينما رؤية ولي العهد تعتمد على التحشيد لحفلات الموسيقى ومباريات المصارعة النسائية، والمسارح والسينما، في مسعى يراد منه تحويل البلاد إلى(سيرك ترفيهي) لـ “صناعة التفاهة“.
وجعل من هذه المظاهر المُتخلفة والمشاركة فيها، هي المعيار بالنسبة له للتعبير عن الولاء له ولعائلته المالكة. فكيف به الآن وقد أغلقت كل هذه الأماكن التي يسميها مراكز الترفيه، ولزم الناس بيوتهم؟ وأصبح لا يعتمد سوى على جوقته التي تكافح عبر الإنترنت لتحويله إلى المنقذ من خطر الفيروس؟ إن هذه الجهود “الإلكترونية” لم تعد تجدي نفعًا مع الناس، وهو مختفى عن أنظارهم عند ساحل جدة.
ولم يكن اختفاء بن سلمان عن المشهد فجأة أمراً جديداً، فقد فعلها حينما افتضح أمره بتورطه باغتيال جمال خاشقجي، توارى حينها خلف ظهر أبيه، الذي تصدى لتلك المشكلة ليُخلص ابنه من تداعياتها، أما الآن فبأي ظهر سوف يتوارى خلفه بن سلمان، في الوقت الذي يتوارى أبوه هو الآخر عن الأنظار؟.
الثورة