نظرة تحليلية .. لماذا المانيا وحزب الله الآن ؟
إب نيوز ٢ مايو
عبدالملك سام
إعلان المانيا أن حزب الله إرهابي ليس جديدا ، بل ومتوقعا لعدة أسباب ، أهمها أن ألمانيا تعتبر جزء من المحور الذي تقوده إسرائيل منذ تغلغل اليهود في السياسة الألمانية قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها ، وثانيا أن المانيا متورطة في الحرب السورية ، ومن المؤكد أنها قد تواجهت مع حزب الله بينما الأخير يجهض احلام دول الأحتلال ويقطع أذرعهم الأرهابية .
المتابع بدون تدقيق لما يجري في الساحة السياسية سينصدم بهذا القرار بأعتبار أنه لا مصلحة لبرلين في معارك الشرق الأوسط ، وهذا الكلام غير صحيح بالنظر لمصالح الغرب التي تعتبر المنطقة الغنية بالثروات والموارد كالكعكة التي تمكنهم من الأستمرار كعالم متفوق على الآخرين ، خصوصا وهذه الدول تعاني من أزمات اقتصادية ، وظهور منافسين شرقيين لها كالصين وروسيا ، والخوف من صحوة شعوب المنطقة .
اما السبب الأهم فهو أتفاق هذه الدول على التسليم لرؤية الكيان الصهيوني وعدم قدرتها الخروج عن رؤيته لهذا الصراع ، وعدم مشاركة المانيا بشكل واضح في الصراع لا يعني انها غير موجودة ، بل كان ذلك ظاهرا من خلال ما قامت به من نقل الإرهابيين لسوريا ، وتورطها استخباراتيا في صراعات المنطقة ، ومشاركة الاسلحة الألمانية في هذه الصراعات ، والمشاركة ايضا سياسيا في تبني ودعم قرارات ضد محور المقاومة على الدوام .
أما عن التوقيت فهو يأتي ضمن عملية تبادل الأدوار بين الدول الغربية بشكل مستمر ضد أي حركة مقاومة في المنطقة ، وكلنا نعرف أن هذه العملية تتكرر بأختلاف الدول المنفذة ، فتارة نجد أن التحرك يتم عبر بريطانيا ، وتارة أخرى فرنسا ، ثم تأتي المانيا ، وهكذا ، وهو جهد متواصل يتم عبره الإيحاء بأن العالم كله ضد المقاومة ، في حين اننا نعرف أن المخطط واحد ، وأن معظم دول العالم لا توافق على هذا الأستهداف .
ما يؤكد هذا التصور هو ما يتعرض له الحشد الشعبي في العراق من استهداف هذه الفترة والذي تقوده بريطانيا التي حلت محل أمريكا مؤقتا ، وما تتعرض له اليمن منذ فترة على يد بريطانيا ودخول فرنسا على الخط كوسيط بعد أنكشاف الأسلحة الفرنسية التي تستخدمها دول العدوان بمدة ، بينما كانت فرنسا قبل مدة تقوم بدور عدائي ضد سوريا في كل المحافل الدولية بالتزامن مع جهد إماراتي لتطبيع العلاقات مع دمشق ، وهكذا دواليك ..
لكي نستطيع فهم هذه اللعبة المعقدة يمكن أن نستخدم طريقة (التجريد) ، وهذه العملية تتم بوضع كل الدول الغربية والأنظمة المتواطئة في سلة واحدة ، وطبعا هذا لا يتم إلا لعدة أعتبارات أهمها المصالح المشتركة لهذه الدول وتاريخ وتوجهات سياساتها المتعلقة بالمنطقة ، كما يجب ألا ننسى الخطأ الفادح والمتكرر في أعتقادنا البسيط بأن هذه السياسات يمكن أن تتغير بتغير الوجوه ، كما يحدث بعد كل انتخابات مثلا ! فمن خلال قراءة ما حدث في الماضي يمكن لنا أن نتأكد أن أي وجه سياسي جديد لا يمكن أن يخرج عن إجماع هذا المحور الغربي الطامع ، حتى تلك الدول التي تدعي الحياد .
موقف دول المنطقة يجب أن يكون موقف واحد ، وفي ظل خضوع الكثير من انظمة هذه الدول للأرادة الغربية يجب علينا أن نتحد ولو في الأطار الممكن ، والأطار الحالي الذي يمكن أعتباره أفضل ما نستطيع حاليا هو محور المقاومة . هذا المحور الذي يثبت مع الأيام جدوائيته وقدرته على تغيير المعادلات السياسية ، والذي من خلاله استطاعت دول المنطقة أن تغير موقفها من مستقبل لكلما يأتي من الخارج إلى دول فاعلة ومؤثرة ، كما أن هذا المحور بات يشكل تهديدا حقيقيا للمخططات الأستعمارية التي تستهدفنا ، ومن آثار تحركه الفاعل ما أدى لكشف الكثير من مواقف الأنظمة العربية المتواطئة ، وأيضا وضوح الرؤية لما يراد بشعوب وثروات الشرق الأوسط .
موقفنا يجب أن يكون مع حزب الله في لبنان ، ومع حركات المقاومة في فلسطين ، ومع الحشد الشعبي في العراق ، ومع سوريا المقاومة ، ومع إيران .. أما دوليا فيجب أن يكون لنا تواصل وموقف داعم لكل توجه يقف ضد تسلط المحور الأمريكي بأي بلد كان ، وأي توجه سياسي يغاير هذه الرؤية قد يمثل عملية أنحسار قد تسبب الأذى لموقفنا عالميا ، فمن المعروف أن وجودنا ضمن تكتل أكبر يمثل عامل ضغط داخل الدول في المحور الأمريكي ، وهو ما يؤدي لتغيير السياسات وإن لم تختلف الاهداف ، ولكن هذا كفيل بإعطائنا المزيد من الوقت ، وربما ظهور عناصر جديدة لتحقيق اهدافنا نحن .