يزيد الأمس ويزيد اليوم .
عبدالفتاح علي البنوس
في 19رمضان سنة 40 للهجرة تعرض المسلمون لنكبة كبرى ما تزال آثارها وتداعياتها الكارثية ماثلة للعيان حتى اليوم ، حيث أقدم أشقى الأشقياء اللعين عبدالرحمن بن ملجم على ارتكاب الجريمة الكبرى في تاريخ الإسلام والمسلمين ، إنها جريمة استهداف باب مدينة العلم ، الإمام الكرار ، شهيد المحراب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وهو في محرابه يناجي ربه ، حيث ارتقى عليه السلام شهيدا بعد أن صرخ في وجه قاتله بعبارته المشهورة [فزت ورب الكعبة ] .
ومما لاشك فيه أن فاجعة كهذه يجب أن تتوقف عندها الأمة الإسلامية للوقوف عليها ، والنظر بعمق إلى ما آلت إليه أوضاعها بعد تلكم الفاجعة والمصيبة الكبرى التي تعرضت لها ، وكيف جعل بنو أمية من مؤامرتهم التي استهدفت الإمام علي بداية للملك العضوض، والذي شرعن للتوريث وحوَّل الدولة الإسلامية إلى مملكة أموية ، وصار أمر الأمة بيد معاوية بن أبي سفيان ، وابنه السكِّير يزيد ، الذي ارتكب أبشع الجرائم في حق سيدي شباب أهل الجنة الإمامين الأعظمين أبي عبدالله الحسين وأبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ، وفي حق أهل بيت رسول الله صلوات ربي عليه وعلى آله .
لقد أفسد بنو أمية الإسلام وقاموا بتحريف الكثير من القيم والمبادئ التي جاء بها الرسول عليه الصلاة والسلام، وحشروا الكثير من الأكاذيب والروايات الإسرائيلية التي تشرعن لفسقهم وإجرامهم ووحشيتهم ، وجعلوا منها أحاديث نبوية كذبا ودجلا وتزويرا ، وما نحن عليه اليوم من موالاة للطغاة والظلمة ، وانتشار للأفكار والعقائد المغلوطة والثقافات المستوردة هو نتاج لتلكم السياسة الأموية التي عملت على تدجين الأمة بعقائد دخيلة على الإسلام والمسلمين ، عقائد باطلة تتعارض مع كتاب الله ، وتسوِّق للأباطيل والخرافات والأفكار المغلوطة تحت مسمى السنة والسلف الصالح ، وهي سُنَّة معاوية ويزيد ، ومن دار في فلكهما من الطغاة والجبابرة الذين أكثروا في هذه الأرض الفساد ، وصبوا على المسلمين أسواط العذاب بأصنافه وأشكاله .
هذه الُسَّنة التي أنتجت لنا سلمان بن عبدالعزيز ونجله المهفوف ، والتي يتشدق بها السديس وآل الشيخ والفوزان والعرعور والشريم وبقية الأفاكين من دعاة الوهابية الذين تاجروا باسم الدين وعملوا على تكييف السنة الوهابية بما يتماشى ورغبات وأمزجة الملك وولي عهده ، فأباحوا لهما قتل المسلمين وارتكاب المجازر في سوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان وغيرها من الدول العربية والإسلامية، وشرعنوا للمراقص والبارات والنوادي الليلية في بلاد الحرمين الشريفين ، ولم يدخروا الوقت والجهد لتبرير ذلك ، والدفاع عنه ، وحوَّلوا الحرمين الشريفين إلى منصات سياسية تسبِّح بحمد سلمان ونجله وتثني عليهما وتشرعن لفسادهما وإجرامهما وهمجيتهما التي تذكرنا بإجرام ووحشية وفسق معاوية ويزيد وطواغيتهما الذين تم تمكينهم من التسلط على رقاب المسلمين ، وأوصلت الأمة الإسلامية إلى حالة من الشقاق والنفاق ، والضعف والذل والهوان .
بالمختصر المفيد: ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام ليست ذكرى عابرة يمكن أن نمر عليها مرور الكرام ، ولكنها فاجعة كبرى وذكرى مؤلمة ومحزنة للأمة ، وعلينا أن نربطها بما نحن عليه اليوم ، فيزيد الأموي اليوم يتمثل في محمد بن سلمان السعودي ، ذات المدرسة ، وذات الفكر ، وذات المنهج ، وذات التوجه ، وذات الثقافة ، وذات الحقد والكره والبغض لكل ما له صلة بآل البيت وفكرهم الصافي وعقيدتهم الصحيحة ، لقد تآمروا على قتل الإمام علي عليه السلام ، ليستبدلوا قيم العدل والمساواة والطهر والنقاء التي جسدها رضوان الله عليه بقيم يزيد الأمس ويزيد اليوم والتي لا تمت للإسلام وقيمه السمحة بأدنى صلة .
صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وعملاً متقبلاً وإفطاراً شهياً .. وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .