عبدالباري عطوان..لماذا أخطأ ترامب مرّتين بتراجعه عن قرار تجميد حصّة بلاده في ميزانيّة منظّمة الصحّة العالميّة؟ وكيف خرجت الصين الفائِز الأكبر؟
Share
إب نيوز ١٦ مايو
عبدالباري عطوان
ارتكب الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب خطأً فضائحيًّا قاتلًا عندما قرّر وقف مُساهمات بلاده في ميزانيّة منظّمة الصحّة العالميّة، وعاد وارتكب خطأً أكبر بتراجعه عن هذا القرار لأنّ هذه العودة أكّدت ارتباكه، وسُوء إدارته لأزمته مع تداعيات أزمة فيروس الكورونا محليًّا ودوليًّا، مثلما أكّدت مُجدَّدًا عدم سلامته العقليّة وأهليّته لحُكم دولة عُظمى تملك آلاف الرؤوس النوويّة ويملك الزّر النووي فيها.
الرئيس ترامب أثار استغراب العالم واستِيائه عندما قرّر في لحظةٍ انفعاليّةٍ تجميد مُساهمة بلاده السنويّة في منظّمة الصحّة العالميّة قبل أسبوعين بذريعة فشلها في تحقيق أهدافها، وتواطُئها مع الصين في إخفاء الأخيرة معلومات عن منشأ فيروس “كوفيد 19” وبدايات انتشاره، وهي الذرائع غير المُقنعة، اللهمّ إلا إذا كان الرئيس ترامب أقدم على هذه الخطوة الغبيّة لأسباب عنصريّة، ولأنّ أمين عام المنظّمة أسمر البشرة ومن أصولٍ إثيوبيّة.
ترامب وفي تغريدةٍ له على “التويتر” قال اليوم إنّه سيدفع 10 بالمِئة من قيمة حصّة بلاده التي تبلغ حوالي 400 مليون دولار، وبما يُعادل حصّة الصين، وهذا اعترافٌ مُزدوجٌ من قبله، أيّ أنّه يعترف أنّ الصين باتت دولةً عُظمى تتساوى في هذه العظَمة مع الولايات المتحدة، وعلى نفس المُستوى معها، والاعتراف الثّاني والأهم في نظرنا هو بخطأ قراره بتجميد المُساعدات للمنظّمة واضّطِراره للتّراجع عنه بشكلٍ مُخجلٍ بسبب الانتِقادات العالميّة، وعدم اهتِمام المنظّمة وقلقها من خطوته الرّعناء هذه.
هذا الرّجل بات يُشكِّل أضحوكةً، مثلما باتت عبئًا سياسيًّا وأخلاقيًّا وقياديًّا ليس على الولايات المتحدة وإنّما المُجتمع الدولي بأكمله بقراراته الأقرب إلى سُلوك المُهرِّجين، منها إلى سُلوك قادة الدول.
الإطاحة بهذا الرجل باتت مسؤوليّة الشعب الأمريكي، وفي أسرع وقتٍ مُمكنٍ قبل أن يغرق العالم في حرب عالميّة تُدمِّر الكرة الأرضيّة، وتقتل مِئات الملايين من البشر.