الإحسان وأثره على المجتمع .
إب نيوز ١٧ مايو
بلقيس علي السلطان
يعد الإحسان من الطاعات العظيمة التي تقرب إلى الله ونيل مرضاته وحبه ، حيث أنه كذلك وسيلة من وسائل الإنقاذ من التهلكة قال تعالى :
{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} فالبخل والشح في ظل المقدرة والاستطاعة يعد تهلكة حتمية ترمي بصاحبها للخسران في الدنيا والأخرة ، وقد دأب أنبياء الله عليهم السلام عند تبلغيهم للرسالات السماوية على غرس هذه القيمة الأخلاقية والدينية العظيمة في نفوس الناس لما لها من أثر كبير يعود على الفرد وعلى المجتمع ، كما أنه يعد محك لتزكية الأنفس من مطامع الدنيا والتمسك بزينتها ، كما أن الإنفاق في سبيل الله يعد تجارة رابحة مع الله وما أعظمها من تجارة قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِه وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، فقد وصف البذل والعطاء والإنفاق في سبيل الله بالجهاد ، بل وقدمه على الجهاد بالنفس ، وختم الله دعوته بالجهاد بالمال والنفس بأن ذلك خير للإنسان ، والتجارة مع الله تجارة رابحة لا كساد ولا خسارة فيها فهو يضاعف ذلك المال أضعاف كثيرة ويضاعف الحسنات للمحسنيين والمنفقين قال تعالى : {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِل فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّة وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِع عَلِيمٌْْ} ولا يعلم عظيم هذه الأيات إلا من دخل في دائرة المحسنيين الباذلين في سبيل الله والذين لا يريدون جزاء الناس ولا شكورهم وإنما يرتجون حب الله ونيل مرضاته .
إن للإحسان أثره الكبير على الفرد وعلى المجتمع ، فهو قيمة دينية وأخلاقية وإنسانية عظيمة ترمم جدار الفقر والعوز لدى الكثير من الناس ، وما أحوجنا للإحسان في وقتنا الحاضر الذي كثر فيه تعداد الأسر الفقيرة والمحتاجة في ظل ما تشهده البلاد من حرب كونية ظالمة وحصار مطبق على الاقتصاد وإغلاق المنافذ وحصار ناقلات النفط والغذاء والدواء ، وكذلك قطع المرتبات التي كانت تسد رمق الكثير من الأسر ، وكل مايفعله المعتدون من هذه الوسائل الإبادية هي بقصد وتعمد من أجل أن يحققوا غاياتهم ومآربهم من هذا الشعب ، فقدوا وضعوا في مخططاتهم أن من نجا من الغارات سيطاله الفقر وبالتالي سيبذل كل مابوسعه لإيجاد لقمة العيش فيكون الإرتزاق سبيلا وملاذا له ، ومن أبى سيلجأ للسرقة والإرجاف والتخريب ، ومالم يكن في حسبانهم أن من الشعب من يفضل الموت جوعاً على أن يبيع شرفه الإنساني وقيمه الدينية السامية ، وهنا يأتي الإحسان والبذل والعطاء كمنقذ لهولاء الشرفاء ممن يؤصدون أبوابهم على جوعهم وحاجتهم ولا يسئلون الناس إلحافا ، فكم من مريض يصرخ وجعا لا يستطيع شراء دوائه ، وكم من طفل يصرخ جوعا ولا يستطيع أبواه اسكات جوعه سوى ببضع لقيمات صغيرة ، كم وكم من حالات تحتاج لمد يد الإحسان نحوها ، ودحر خطط العدوان في إذلالهم وإخضاعهم ، فكم من حيل ومخططات خبيثة للمعتدين لإبادة الناس كان أخرها نشر الوباء لعلمهم أن معظم اليمنيين باتوا يعيشون على قوت يومهم ويستحيل بقاءهم في منازلهم تفاديا للعدوى ، وسيكونون أمام خيارين أحلاهما مُرّ ، فإن خرجوا وجدوا الوباء بانتظارهم وأن بقوا في بيوتهم وجدوا الجوع والعوز هو البديل الأخر ، لكن سيظل أمل الجميع هو أن يجدوا رحمة الله وألطافه بهذا الشعب ، وأن يجدوا العطاء والإحسان والتكافل بين الشعب فهو من سيبطل جميع خطط المعتدين حتى يأتي الفرج والنصر المبين ، والعاقبة للمتقين .
.