إحياء يوم القدس العالمي الطريق نحو تحرير المقدسات .
مطهر يحيى شرف الدين
كثيرة هي المواقف الفلسطينية الشعبية المقاومة للكيان الصهيوني الغاصب للأراضي الإسلامية المقدسة ، والأكثر منها الاتفاقيات الدولية واللقاءات والاجتماعات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبرعايةٍ أممية أمريكية والتي تناقش قضايا سياسية واقتصادية وأمنية تسعى من خلالها السلطة الفلسطينية عبثاً للوصول إلى حلٍ يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولة ذات سيادة واستقلال ، ملفات عديدة كانت تطرح على طاولات الحوار والمفاوضات واللقاءات ، واتفاقيات ووعود وعهود لم ينفذ منها شيء ، بل أضعفت وبشكل كبير التصعيد العربي ضد إسرائيل والذي كان له شيء من الصدى والأثر على المستوى الإقليمي والدولي في العقود الماضية ، أما اليوم فلم يعد للقضية الفلسطينية أي اعتبار أو حساب في أجندات الأنظمة العربية والإسلامية سوى محور المقاومة ومن يمثله في المقاومة الفلسطينية وجنوب لبنان واليمن وإيران.
وكما نشاهد حركات المقاومة الفلسطينية جهاد وحماس وهي تقارع وترفض الوجود الإسرائيلي على أراضيها ،نسمع السيد القائد عبدالملك الحوثي والسيد حسن نصر الله والسيد علي خامنئي وهم يدعون أحرار العالم إلى تحرير المقدسات الإسلامية وينتصرون للقضية الفلسطينية ويدعون إلى رفض الوجود الإسرائيلي في المنطقة بشكلٍ عام وفي الأراضي الفلسطينية المقدسة بشكلٍ خاص ويكشفون كذب وخداع ومكر الأنظمة الصهيوأمريكية البريطانية ،ليس هناك أي اتفاقية خدمت القضية الفلسطينية وليس هناك خارطة طريق ضمنت إقامة دولة تتمتع بالسيادة والاستقلال وليس هناك أي خطة تسوية عادلة لصالح الفلسطينيين كفلت حقوقهم القانونية والسياسية والاقتصادية والمدنية، بل إن الحاصل من ذلك كله هو تمكُّن الكيان الغاصب من تعزيز الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة وإضعاف الموقف الفلسطيني وغياب عوامل الضغط العربية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ونجاح السياسة الصهيوامريكية في حرف بوصلة العداء باتجاه إيران واعتبارها العدو الحقيقي للعرب وأن إسرائيل هي الصديقة الوفيّة للعرب والمسلمين ،ولو استعرضنا ما حكى الله في كتابه العزيز عن بني إسرائيل لوجدنا كيف انه سبحانه وتعالى قد فضحهم وكشف النفسية اليهودية الخبيثة التي تتعامل دائماً بمكرٍ وخداع وأنهم لا يمكن أن يكونوا صادقين أو جادين في التعامل مع غيرهم ، فمن قتلوا الأنبياء وحرَّفوا كلام الله واستحلوا المحرمات باسم الدين وكفروا بكتب الله المنزلة على أنبيائه، يستحيل أن تأمن مكرهم أو تطمئن إليهم ، وقد فضحهم الله في قوله تعالى : ” أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ” والنقير هي الحبة التي تكون في طرف نواة التمر ، والقصد من ذلك أنهم غير مستعدين أن يضحوا حتى بالنقير من أجلنا.. فهل ننتظر منهم سلاماً أو عهداً أو اتفاقية لها الأثر الإيجابي على المسلمين وهم من عُرف عنهم نقض العهود وعدم الإيفاء بالوعود؟ ، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : “أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم “.
ولذا فإنه وإدراكاً منه بأن بني إسرائيل على تلك الحالة المزمنة من الكذب والخداع والنكث للعهود والتنكّر للمعاهدات، فقد حث الإمام الخميني -رضوان الله عليه- منذ وقتٍ مبكر المسلمين في العالم على الوحدة والتحرك لمواجهة الكيان الغاصب المحتل من أجل قطع يده العابثة التي تعيث في الأرض الفساد وتدنس الأراضي المقدسة وتعزز من بناء المستوطنات الإسرائيلية وتعمل على طمس معالم الهُوية الإسلامية والمعالم الدينية التاريخية ولا تلقي بالاً لمشاعر المسلمين وتضرب عرض الحائط اتفاقيات السلام وعهود الأمان ، ولذلك فإنه نتيجة للتاريخ الأسود لليهود وأفعالهم وجرائمهم بحق المسلمين وبحق المقدسات ونتيجةً لممارساتهم وأهدافهم الخبيثة والمفضوحة وسلوكياتهم المنحرفة عما أنزل الله، فقد أعلن الإمام الخميني -رضوان الله عليه- في العام 1979م آخر جمعةٍ من شهر رمضان من كل عام يوماً عالمياً للقدس الشريف وسماه “يوم القدس العالمي”.
وقد دعا كل المسلمين في مختلف أقطار الدنيا إلى إحياء هذا اليوم وتخصيصه لخلق الوعي في صفوفهم وتهيئة أنفسهم ليكونوا بمستوى المواجهة لأعدائهم، وبهذه المناسبة يشير الشهيد القائد حسين الحوثي -رضوان الله عليه- في دروس من هدي القرآن الكريم ملزمة “يوم القدس العالمي” إلى أهمية إحياء هذا اليوم الذي قال عنه الامام الخميني ” إن يوم القدس يوم يقظة جميع الشعوب الإسلامية وعليهم أن يحيوا ذكرى هذا اليوم بالمظاهرات والمسيرات، فسيكون هذا مقدمة لمنع المفسدين وإخراجهم من البلاد الإسلامية “.
ويتابع الشهيد القائد بالقول: “يؤكد الإمام الخميني من خلال إعلانه يوم القدس العالمي أن إسرائيل ليس من الممكن المصالحة معها ولا السلام معها ولا وفاق معها ولا أيّ مواثيق أو عهود تبرم معها ،إنها دولة يهودية طامعة ليس فقط في فلسطين وليس في الهيمنة على رقعةٍ معينة، بل إنها تطمح إلى الهيمنة الكاملة على البلاد الإسلامية وتطمح إلى أن تقيم لها دولة حقيقية من النيل إلى الفرات”.