قالوا أنه عيد .. ولكن ؟!

إب نيوز ٢٥ مايو

عفاف البعداني

حل علينا يوم من اﻷيام ،وبدامقبلاً من عترة الزمن المنتظر ،وتحررمن شرنقته وليدًا من لحاءالحياة المستمرة، وراح بسرعة محلقًابجناحين قزحية شبه متعافية ،مخلفًا في أشجارنا الصغيرة أغرب أنواع التساؤلات ،

ومجددًا،عادت إطلالةهذا اليوم بأشعة شروقية متعاقبة ، وتعامدت رويدًا على قلوبنا المتعبة، وبعثت إلينا ضوءًا ساطعًامن جهة نقية مسالمة،ومع رحلة الزمن السريعة وصل هذا اليوم بسلام إلى قرننا العصري ، بمصطلحه العبقي ،المتداول بين العرب والممتد من بزوغ الفجر اﻹسلامي إلى حيننا هذا،

وكالعادة تنعكس إطلالته في عالم المرئيات، كطيف بهي يلف أبعاد كوكبي بزيٍ جديد من الحياة، ومرتديًا عقدًامتﻷﻷً، على رأس العالم الطفولي، وممثلاً سلسلة من التصالح النفسي في كياننا الاجتماعي ،ويبدو أنه أصبح ملك متقوقع على مجرته في درب التبانة،

وفي معترك الحياة ،ومن كنه الحقيقة لن ندّعي المثالية،ولن نستخدم المساحيق التجميلية على سطورنا الوطنية المرهقة، بل سنكون واضحين مع عالم الوجود، لنخبره ونقول :للعيد ولحاشيته القادمة لم يعد لنا منك سوى المسمى أيها العيد ،لم يعدلنا منك سوى أوراق طفيفة بقيت ملتقصة بشجرة خريفية هرمة منذُ عامنا البعيد ،عام ٌ كان الحرب نائم في كهفه المجهول وبعيدعن طقوساتنا اليومية،

واليوم لم يعدبحوزتناسوى دخان متصاعد،وأعواد كبريت خامدة، وقارب غارق، وزهور ذابلة رغم تواتر الماء عليها باستمرار؛ كون الفراغات الواسعة تبحث عن حيزها المفقود بين ضباب الظلام ، وكون اللحظات تذكرنا بأيامنا الماضية ،التي عشاه الشعب اليمني في وتيرة عالية من الحروب ،ناهيكم عن وباء كورونا الجائح الذي بات يرقص و يحتفل وحده بشوارعنا الخالية، وكون هذا اليوم يحتضن ذكريات حية لم تدفن بعد، وتحتاج لدفنها نصر مؤزًا بتأييد إلهي عظيم،

نعم; لا غرابة ففي السابق كان ضوضاء العيد يملىء المكان، ويعطر ثوب الزمان،ويرسوا محملاً بالهدايا على مشاعر اﻷطفال ،واﻵن أصبح مرهون في أحداث متزامنة من العناء، ولم يعد لنا سوى المسمى من هذا العيد ،فمامر به الشعب اليمني ومايمر به كفيلاً بأن يسرق كل سعادات الأعياد القادمة لسنينات متتالية،كفيلاً بأن يغرق محارة أحلامنا اﻵتية ويخفيها بعيدًا عنا في جوف البحر اﻷحمر،

فماشهده المواطن اليمن، من قصف ،وتدمير شامل للمنشأت،وإقفال للمطارات، وغزو مطفر في كل اﻹتجاهات، كان كافيًا بأن يقطع معزوفة عندليب سلامنا الودي، ليبقى بعدها وطنناوحيدًا مجرد من وجود العالم بقربه،

فالذي مر به الشعب اليمني لن ينسى وسيظل مخلدًا في خزانة التأريخ ،وسيدون مفصلاً في مناهجنا اﻵتية؛ لتحفظه أجيالنا القادمة ،وتدرك أي صعب عشناه وأي صبر وافيناه،

وصحيح وبدون مغالة أن العالم لايختلف تمامًا عنا فجائحةكورونا، صفعت كل أعياد العالم،وأطفات كل شموع العالم،وسلبت فرحة أطفال العالم ،ورسمت ابتسامة مقتولة على وجوه العالم ،ومؤخرًا خلفت سجل مهول من أعداد الضحايا المتزايدة بقدر من الله،

ولكن المختلف فينا أيها العالم أننا،تقاسمناوجعكم ،وشاركنكم الحزن وإن كنتم بعيدون،عنا فمازلنا نرثي الشعوب ،ومازلنانتابع في الشاشة التلفزيونية أي جرح غائر أصاب العالم بذلك الوباء،وكم نحلم أن تعود سعادتكم الضائعةويشرد كورونا بعيدًاوبأسرع وقت،نعم; المختلف أيضًا أننا لم ننسى قضيتنا اﻷولى قضية القدس ،بل مازالت متجذرةفي وطنيتنا الحرةرغم ما شهدناه من أحداث مؤلمة،

نعم; ولا شك هذا هو محور الاختلاف بينناوبينك أيها العالم ،أننا عشنا وأقعًا ملتف بالحروب والشقاء،ولم نجد من يشاركنا هويتنا اﻹيمانية بصدق،لم نجد من يحتضن قضيتنا بميزانية عادلة ،بينما نحن نشارك كل أصقاع العالم بؤسه وفرحه بعادلة أصيلة ،بل إن الصبر وحده من ساندنا وظل ملازمًا لنا مع يقين وثيق بالتوكل على الله،

ومؤخرًا جاء قطيع كورونا المفترس ليوفي مانقص ، ويأكل ماتبقى منا من الحرب ،وأنتم اﻵن بشغف المتابعة،وبشراهة الفضول ،تريدون فقط أن تعرفوا كم سيحصد منا ،ومن سيتبقى من الشعب اليمني،أعرفتم اﻵن ماهو الاختلاف بيننا!! أم أن وعيكم وعدلكم تُرك وديعًا عند قطيع الخِراف .

.