العيد والعاصمة وكورونا .
عبدالفتاح علي البنوس
الحدائق والمتنزهات في العاصمة لا تزال موصدة أبوابها في رابع أيام عيد الفطر السعيد ، في سياق الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها اللجنة العليا لمكافحة الأوبئة للحد من انتشار وتفشي فيروس كورونا في العاصمة صنعاء خاصة وكافة محافظات الجمهورية عامة ، وهو إجراء احترازي ينم عن مسؤولية وحرص على سلامة سكان العاصمة وخصوصا بعد أن تسلل فيروس كورونا إلى العاصمة والإعلان عن اكتشاف أربع حالات مصابة بالفيروس ، وخضوع العديد من الحالات المشتبه بها للحجر والعزل الصحي للتأكد من خلوها منه ، وذلك لتفادي تفشيه في أوساط المواطنين ، وخصوصا خلال هذه الأيام العيدية التي تشهد زيارات أسرية وتجمعات كبيرة العدد للعائلات ابتهاجا وفرحة بالعيد ، والتي تشهد أيضا إقامة الكثير من حفلات ومراسيم الأعراس التي يجتمع فيها الكثير من الناس ، وهو ما يشكل بيئة خصبة لتفشي هذا الفيروس .
اللجنة العليا دعت إلى عدم التنقل والسفر بين المحافظات والمدن والقرى لقضاء إجازة العيد بين الأهل والأحبة ، من أجل سلامتهم ، كما دعت لإلغاء كافة المظاهر العيدية التي كانت تمارس خارج المنازل ، والبقاء داخل المنازل ودعتهم عبر وزارة الأوقاف لأداء صلاة العيد لأول مرة في منازلهم لذات الغرض والهدف المنشود ، وهي إجراءات كان تقبلها بالنسبة للكثير من الأسر أشبه بالمستحيل ، ولكن التقييم الميداني عكس انضباطية عالية والتزام غير مسبوق من قبل غالبية الأسر في العاصمة صنعاء ، مع التزام نسبي نوعا ما في بقية المحافظات والمدن اليمنية الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى ، وهو ما يشير إلى تنامي الوعي المجتمعي في أوساط المواطنين الذين تفاعلوا بإيجابية مع دعوات وإرشادات اللجنة العليا لمكافحة فيروس كورنا ، فكان المشهد رائعا وجميلا.
والمؤمل أن يتنامى الوعي المجتمعي أكثر فأكثر ، فيما هو قادم من الأيام ، وخصوصا في ظل تنامي خطر كورونا وانتشاره في بلادنا ، والذي يتطلب ويقتضي أيضا استمرار الالتزام الجاد والمسؤول بالإجراءات الاحترازية الخاصة بالحد من انتشار هذا الفيروس ومحاصرته ، والحيلولة دون انتشاره ، وخصوصا بعد أن مر العيد بسلام ، فنحن أمام فيروس فتاك وقاتل لا يرحم ، والتزامنا يجنبنا جميعا خطر الإصابة به ، نظرا لسرعة العدوى التي تنتقل عبر الشخص المصاب.
التهاون في هذا الجانب مرفوض ، فالنتائج ستكون كارثية ، وإمكانياتنا في ظل العدوان والحصار ، ستجعل منها أكثر وأشد كارثية ، علينا جميعا دون استثناء أن نعي وندرك أن الإجراءات الاحترازية القائمة ، وتلك التي قد تتخذ في حال لا سمح الله تزايدت حالات الإصابة بهذا الفيروس في العاصمة والمحافظات ، هي من أجل مصلحتنا وسلامتنا ، وعلينا أن نتقبلها بصدور رحبة ، ونلتزم بها ، وهي فترة مؤقتة وستتجاوز بلادنا هذا الخطر ، وتعود الأوضاع بإذن الله إلى طبيعتها ، ونتجاوز هذه الظروف العصيبة.
قد نكون أحسن حالا من دول كانت تظن نفسها عظمى وكبرى وعالمية ، ولكنها أمام فيروس كورونا أظهرت تقزمها وضعفها وهشاشتها وبأنها مجرد ظواهر صوتية ومشاريع ديكورية ، وهذه نعمة أنعم الله بها علينا ، لذا فإننا مطالبون بأن نحافظ عليها وأن نكون سندا وعونا للحكومة ، يسكن في العاصمة صنعاء أكثر من ثلاثة ملايين ونصف نسمة ، في ظل ظروف وأوضاع ليست بخافية على أحد ، وما لهم ولنا جميعا غير رحمة الله ولطفه وعنايته ورعايته ، ولذا فلا مصلحة لنا جميعا في التجاهل أو التهاون و التقصير في تحري النظافة والالتزام بالإرشادات والنصائح والإجراءات الاحترازية التي توفر لنا بإذن الله السلامة والعافية وتجنبنا خطر الإصابة بهذا الفيروس.