خبير أمريكي ينصح السعودية بالانسحاب من اليمن
قال المحلل السابق في الاستخبارات الأمريكية، والزميل في مركز القرن الحادي والعشرين للأمن والاستخبارات ومركز سياسة الشرق الأوسط، بروس ريدل، في مقال نشره موقع مركز “بروكينغز” إن على السعودية التي تواجه أزمة اقتصادية تخفيض نفقاتها العسكرية.
وقال إن عاصفة تامة من المصاعب أمسكت بالسعودية، بعضها خارجة عن سيطرتها مثل وباء فيروس كورونا وانهيار الطلب العالمي على النفط. أما الأخرى مثل الحرب على اليمن والتوتر داخل العائلة المالكة هي نتيجة سياسات متهورة لولي العهد محمد بن سلمان، مؤكداً بأن على السعودية القيام بتغيرات هامة في سياساتها .
واكد على ضرورة تخفيف النفقات على الجيش السعودي الذي لا يستحق كل المال الذي ينفق عليه.
وكان فيروس كورونا ضرب السعودية، وبحسب الأرقام الرسمية التي شكك الكاتب في صحتها، فقد بلغ عدد الإصابات في المملكة 70.000 حالة بحسب الرواية الرسمية، وتعيش البلاد حالة إغلاق منذ أسابيع ومنع تجوال في فترة عيد الفطر.
وتم منع العمرة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهناك إمكانية لإلغاء الحج الذي سيحل موعده في شهر تموز/ يوليو. وتم إغلاق المساجد أمام المصلين. ويكلف الإغلاق المملكة خسائر بالملايين من السياحة الدينية خاصة لمنطقة الحجاز.
وأضاف ريدل أن الفيروس انتشر وسط العائلة المالكة، ويقال إن أمير منطقة الرياض أصيب به وعدد آخر من الأمراء.
وقلل الملك وولي عهده من برامجهما خشية الإصابة بالفيروس.
وتحتاج السعودية إلى 85 دولارا كسعر لبرميل النفط، إلا أن الأسعار ظلت ومنذ سنين خارج هذا الرقم. وأصبح سعر البرميل الآن 25 دولارا بعدما كان سعره قبل ستة أشهر 65 دولارا. وكان السعوديون ينفقون من احتياطاتهم حتى يعوضوا النقص في الميزانية، بحيث انخفض الاحتياطي من 750 مليار دولار إلى 500 مليار.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، فلن ترتفع أسعار النفط إلا في حالة تعافي الاقتصاد. وردّ الملك على الأوضاع بمضاعفة ضريبة القيمة المضافة، وقطع الدعم وفرض إجراءات تقشف، وهي إجراءات تضر بالفقراء وبطريقة غير متناسبة.
ولا يستبعد الكاتب اضطرابات خاصة بعد رفع حظر التجوال. ووسط هذه الأزمة، لا تزال السعودية متورطة في مستنقع اليمن رغم زعمها وقف إطلاق النار. وتخلى كل حلفاء السعودية عن الحرب على اليمن، حتى البحرين التي لا تزال السعودية “تمولها وتحتلها” .
وفشلت السعودية في احتلال اليمن رغم المليارات التي أنفقت على الجيش السعودي ومرتزقتهم.
وفي أيلول/ سبتمبر تعرضت المنشآت النفطية السعودية لضربات من الصواريخ اليمنية، ولم يكن السعوديين قادرين على الرد وكان الهجوم دليلا آخر على أن المليارات التي أنفقت على الجيش السعودي والدفاعات الجوية ذهبت هباء.
وفي آذار/ مارس، أمر محمد بن سلمان باعتقال ولي العهد السابق ابن عمه محمد بن نايف وعمه الأمير أحمد بن عبد العزيز.
واعتقال الأمراء في السعودية أمر غير عادي، خاصة إن كان أحدهما وهو الأمير أحمد نجل المؤسس الملك عبد العزيز بن سعود. وتم احتجاز أمراء آخرين وسط شائعات عن حالة الأمير محمد بن نايف الحرجة بل ووفاته.
وتؤشر الاعتقالات لمخاوف محمد بن سلمان من وجود عناصر داخل العائلة تريد الإطاحة به. ولا شك في تعرض عدد من أفراد العائلة لسرقة ثرواتهم عندما تم احتجازهم في فندق ريتز كارلتون ضمن عملية تطهير تقليدية.
وفي الوقت نفسه، أدى إرسال محمد بن سلمان فرقة اغتيال إلى اسطنبول لقتل الصحافي جمال خاشقجي لإغضاب البعض وتشويه صورة المملكة. وسيضع الوباء وانهيار أسعار النفط طموحات الأمير لتحويل المملكة بحلول عام 2030 وبناء مدينة حديثة اسمها نيوم في شمال- غرب المملكة على المحك.
وبدلا من ذلك، فالسعودية بحاجة للتركيز على إجراءات التقشف ووقف الحرب على اليمن وتخفيض الميزانية المتضخمة للنفقات الدفاعية. وظلت السعودية ولسنوات ضمن أكبر خمس دول إنفاقا على الدفاع.
وذكر المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، أن السعودية أنفقت في عام 2018، 60 مليار دولار على صفقات الأسلحة.
وكانت الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا الأكثر إنفاقا من السعودية التي أنفقت أكثر من فرنسا أو ألمانيا أو اليابان.
وأنفقت السعودية بمعدل ثلاثة أضعاف عما أنفقته إسرائيل. وشجع دونالد ترامب السعودية على شراء السلاح، مع أنه بالغ في قيمة الصفقات التي مررها للسعودية. وكان باراك أوباما هو الذي عقد أكبر صفقة سلاح مع السعودية. ودعم كلاهما الحرب الكارثية في اليمن.
وقال ريدل إن على الإدارة الأمريكية المقبلة قطع الدعم العسكري عن السعودية طالما لم توقف الحرب الكارثية في اليمن ولم تسحب قواتها من أراضيه.
واضاف: يجب تشجيع السعوديين والإماراتيين وغيرهم على الدفع جراء الأزمة الإنسانية التي خلقوها، ولكن يجب على الإدارة الأمريكية المقبلة عمل المزيد، وعليها دعم جهود دولية وإقليمية لتخفيف النفقات العسكرية بالمنطقة. ويجب أن تعمل مع المزودين الآخرين للسلاح مثل بريطانيا وكندا وفرنسا على تخفيض صفقات السلاح لا زيادتها.