إندونيسيا تُغلِق باب السعوديّة باكرًا وتحسم بإعلانها منع إرسال مُواطنيها للحج.

 

إب نيوز ٣ يونيو

إندونيسيا تُغلِق باب السعوديّة باكرًا وتحسم بإعلانها منع إرسال مُواطنيها للحج.. إلى ماذا استند القرار الإندونيسي “الصّعب اتّخاذه” وتخلّى عن “إثابة” 221 ألف حاج ولماذا لم ينتظر حسم المملكة مصير حجّاج العالم؟.. هل تُقدِم دول أخرى على ذات القرار وماذا عن خسائر “السياحة الدينيّة”؟

قد يبدو للوهلة الأولى، أنّ قرار إقرار موسم الحج هذا العام، من عدمه وتعليقه بالتّالي، يعود للسلطات السعوديّة وحدها، حيث شهد الداخل السعودي عودةً تدريجيّةً للصلاة في المساجد مطلع الشهر الحالي، وتطبيق بروتوكول الاحتراز في ذلك الشأن، لكن ومع هذا تتعالى أصوات التحذيرات والقلق من ارتفاع الإصابات، والوفيات بفيروس كورونا، ممّا يعني أنّ قرار السّماح للحجّاج أو ضيوف الرحمن وفقاً للتوصيف السعودي من عدمه، هو بحد ذاته مُعضلة، فكيف هو الحال في حال السّماح بإتمام الموسم، شأنه شأن كُل عام بفارق الكورونا التّاجي القاتل.

حتى الثلاثاء، عبّر المتحدّث باسم وزارة الصحّة السعوديّة، عن قلقه من أعداد الحالات النشطة في البلاد، والتي بلغت بحسبه 22 ألفاً و672، منها 1264 حالةً حرجةً، ويأتي تعبيره عن القلق هذا، في توقيتٍ لافتٍ، ترغب الحكومة السعوديّة فيه العودة إلى الحياة الطبيعيّة، في وقتٍ وصلت فيه أعداد الحالات الكليّة إلى 89 ألف إصابة، وهي الأرقام التي كان قد حذّر وزير الصحّة السعودي توفيق الربيعة من الوصول إليها في حال عدم الالتزام بأسس وقواعد التباعد الاجتماعي.

السلطات السعوديّة، عادت بالاحتراز البروتوكولي في جميع القطاعات التي سمحت بها للعودة، لكنّها ومع هذا أبقت على استثناء مكّة المكرّمة كاستثناء من هذه العودة، وأبقت على منع الرحلات الخارجيّة إليها، وتعليق العمرة، وهو ما يشي بوجود تخوّفات حقيقيّة من التجمّعات الناتجة عن العمرة والحج، وبالتّالي تسجيل إصابات بالآلاف لا يُمكن تنبؤ الناجين منها.

ثمّة من يُرجّح بأن تذهب السلطات السعوديّة إلى السّماح للحجّاج هذا العام بزيارتها للحج، وبدليل إقدامها على فتح القطاعات الاقتصاديّة، بالرغم أنّ المملكة لم تشهد بعد تراجعاً ملموساً بعدد الإصابات، مما يعني أنّ الوضع الوبائي لا يزال مُتأرجحاً، لكنّ أزمة كورونا، وتراجع أسعار النفط، الذي نتج عنه، إلغاء بدل المعيشة، ورفع ضريبة القيمة المُضافة ثلاثة أضعاف (15 بالمئة)، تُحتّم عودة عجلة الإنتاج، واتّخاذ قرارات تقدّم الاقتصاد على الأرواح البشريّة، وتطبيق نظام المناعة المجتمعيّة أو “مناعة القطيع”، والتي تقوم على تسجيل أكبر عدد من الإصابات، حتى يُصبح المُجتمع مُحصّناً من الفيروس، لكن هذا النظام أثبت عدم نجاعته، بدليل أنّ الدول التي اتّبعته في بداية التفشّي، اضطرّت لاحقاً للإغلاق الكلّي، وتطبيق النموذج الصيني الذي نجح بإعادة الحياة إلى طبيعتها، وتسجيل الصين ووهان تحديدًا، حالات إصابات صفريّة.

التّقديرات تُشير إلى أنّ عوائد السياحة الدينيّة غير النفطيّة تجلب لخزينة السعودية 12 مليار دولار سنويّاً، وعليه تعليق هذه السياحة بشقّيها العمرة والحج، سيكون مُكلفاً اقتصاديّاً، لكن في المُقابل الحسابات الاقتصاديّة، والخسائر في الأرواح التي يُقابلها في حال السّماح للحج، سيخضع أيضاً لحُكومات الحجّاج، التي ستُقرّر إرسال حجّاجها من عدمها، وهو ما بدأ تظهر بوادره من إندونيسيا، والتي قد لا تكون وحدها في هذا المِضمار.

الحُكومة الإندونيسيّة، قد تكون فتحت الباب واسعاً، أمام حكومات دول أخرى إسلاميّة وعربيّة، بإعلانها عدم إرسالها مُواطنيها للحج هذا العام، وذلك بسبب مخاوفها من فيروس كورونا، ويأتي قرار إندونيسيا الحاسم هذا، حتى قبل أن تحسم السعوديّة قرارها بشأن مصير الحج هذا العام، ولعلّ القرار قد يكون مُفاجئاً لبلاد الحرمين، خاصّةً أنّ التركيز الإعلامي مُنصبٌّ على قرارها وحده بالسّماح للحجّاج أو عدمه، لكن إندونيسيا نبّهت إلى وجود قرار مُقابل، يُمكن وضعه تحت بند حماية الحجّاج، وهو ما أشار إليه بالفِعل وزير الشؤون الدينيّة فخرول الرازي، خلال إعلانه عدم إرسال حجّاجه العام الحالي.

قرار عدم إرسال بعض الدول حجّاجها في حال اتّخاذه، كما فعلت إندونيسيا، بغض النّظر عن قرار السعوديّة السّماح لرعايا الدول أو إغلاقها الباب في وجههم، حِرصاً على سلامة مُواطنيها، قبل سلامة الحجّاج القادمين، سيطرح تساؤلات حول شكل حج هذا العام، فيما لو آثرت الدول سلامة حجّاجها، وكم الخسائر الاقتصاديّة التي ستترتّب عن هذا الإحجام، خاصّةً أنّ إندونيسيا كانت ستُرسل هذا العام 221 ألف حاج، وقد حصلت على أعلى حصّة للحج لهذا العام، وبالرّغم من حُصولها على هذه الحصّة الكبيرة، أنهت جدل موسم الحج بقرار المنع، والذي وصفه الوزير فخرول الرازي بالقرار المرير والصّعب الذي عليهم اتّخاذه.

لعلّ السلطات السعوديّة، ستُخضِع قرارها النهائي بخُصوص الحج، لدراسة تقييم المخاطر، ويبدو أنّ إندونيسيا سبقتها في ذلك السّياق، فالحُكومة الإندونيسيّة وفق وكالة أنباء “أنتارا” أعلنت أنها اتّخذت القرار وفق دراسة شاملة، وبعد التّشاور مع مجلس العلماء الإندونيسيين، وهو ما يُعطي قرارها للمنع طابعاً علميّاً وشرعيّاً، حيث أكثر الأسئلة طرحاً هذه الأيّام، حول صحّة تعليق الحج شرعاً، وما قد يترتّب في حالة المنع، من استياء بين التيّارات الإسلاميّة المُتشدّدة، والتي ترفض أساساً إغلاق المساجد برغم خطورة الجائحة، فكيف هو حالها مع الحج، كونه ركن من أركان الإسلام الأساسيّة، وثوابه العظيم وفق القواعد الشرعيّة الإسلاميّة.

 “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

You might also like