أجيد الحياة مع نفسي طويلاً

إب نيوز ٨ يونيو

عفاف الـبعداني

هناك خلف ضباب المجاهيل لازلت أعيش و أشرد لحينات طويلة، تكتبني نسمات الصباح وتصافحني الحشائش بشدة، يعرفني القط الحائر، وإكليل الجبل النادر، ويبتعد عني الطاووس الثرثار، ويبقيني هدوء الغروب المتناثر، أراقبه بمتعة وهو ينشر سحره الزهوري على تجاعيد الجبال ،وتقترب مني اﻷشعة الذهبية بشعورٍ رويدي، ويقر قرارها على أوراق طوال، بزمن سريع يقايس ميلاده قوسَ قزح ، وقبل مغيبها نصمت كلانا لاغريب ولا حديث ولا من كائن سوانا.

ترحل الشمس ويأتي الليل بقبعته الحالكة ،وأناغارق بخيال مفرط أنتظر هطول النجوم على يدي الصغيرة، وأُعدُّ للقمر متكئًا على أمل أنه يأتي، ولكن تبقى الحقيقة ندًا للخيال، أستفق للحظة وأبصر بعين الحدود والواقع ،وسرعان ما أعود إلى قوادم البدايات، أهيب بذلك الشعور القادم من الداخل والذاهب إلى فسحة السماء، يتكوكب في نجم سمائي بعيد ،وحيد ،يمضي بذيل مضي ء ،غرابته تلف أبعاد اﻷرض يمنة ويسرة، يجهله الغالبية ، وتستنزف جل توقعاتهم في التعرف عليه ،ولو تمعنوا قليلاً لعرفوا أنه ابن اﻷمس ومن سلالة الحيارى ،وإنما هو اﻵن نازح من كوكبهم المتعب، كلما لمحوا فيه أنه مضيء وبعيد وسعيد جدًا وانتهى خيط توقعهم بأنه مخلوق فلكي ،متجاهلين الخفقات اللا متوقفة في قلب النجم السماوي ، فأجدني خارجة من محمل الجدوى، أحزم حقائبي السرية، وأرتبها في حسي المكنون، ويسفرخيالي بشوط طويل، تحول فجأة لطائر رحّال لاتحكمه ساعة ولايوقفه صوت منبه ،هو فقط يمضي باحثًا بين عترة المساء ونور اليل، عن القوة المختبئة خلف مرئيات الطبيعة ،

وهم ما يزالون يبحثون عني في شاطىء اللقاء، ويشرعون بالاقتراب مني بقوارب العتاب، ولكن أنا لم أجد مينائي القديم لاستقبلهم بصبر، وتبرير .
تقادم عليّ اﻷمَرَّان،وعشقت عزلتي وصرت هناك في عالم الفكر غير محسوس، أرميني دفعة واحدة ،ألتهم رحيقات النجوم ،وأشرب من نهر القمر ،وأكتفي عن جل التداعيات فقيصر اﻹختلاف بنظري بات مزهرية رائعة لايسعني إلا أن أطرح زهوري المتعبة فيه لترتوي من فرط التشابه ،

ولكن هنا تفجرت فراسة اﻷشجار من خلفي، وقرأت فيَّ مالم يقرأه البشر، ومالت بجودتها بحلل من الطبيعة، كنت أعتقد أن جودة الطبيعة في الصمت هو الحاجز الحائل ولكن هي تنفست وتنامت بافتراش أغصانها و تحدثت وتكلمت وكوتني بحسها اليقظ ،

وقالت: ياغريبة كنتِ هنا باﻷمس وكانت أنفاسك مشرقة للحياة كنتُ المح فيك فكرًا سَمحًا وابتسامة عريضة ،لايقدر على كسرها” هتلر” وجيوشه، حين كنتِ تقبلي علي، تتصافح اﻷعشاب مع بعضها لملاقاتك، وتفتح الزهور لتأكل من رحيقاتك، تبتسم وتماثلك بإخراج شقائق الكربون، واليوم مابال ذراعيك تنحني إلى اﻷسفل مابال عينيك متعبة،مابال تلك الينابيع المتفجرة في عينيك ،مابال جفنك أصبح أرضًا مبتلة!؟ وأين هو دفترك الفيروزي أين أضعتيه هذه المرة !؟
هل ظلمتك طقوسات ضاربة أو لربما غزتك مدينة مابعدالحروب ،وكان هذاحديث شجرة في شهيق واحد،

مختلف ٌ !!اليوم هو مسائي ومخضب بدمع رثائي ،ومرتدي عقد سهادي، وكم أنتِ متمردة يا شجرتي العتيقة ،نعم ;متمردة مرتين ، فأنتِ خلعتي وشاح الصمت وتكلمتِ معي وخالفتي مقاييس الطبيعة ،وتمردك الثاني ،هو حينما ارتشفتِ خواطري ماء زلالاً وفراستك شبت منذُ لقاءنا اﻷول ، نعم و لا أخفيك يا شجرة الطبيعة ،أدركت أنني لم أعد أنا كما قلت،ِ فلقد ساقني التبلد إلى حدود النوافذ المغلقة ،لاشعور لها هي فقط ترتدي نظارة القوة والبهجة وبداخلها قد انعكست كل ألوان الطبيعة في الخريف اﻵتي ،

فبالله عليك أيها المساءكيف أهيب بالحياة معهم وأشيد بها!؟ كيف أقنع نفسي أنها أيام وستمر!؟

فأمسي بيده الدليل وأنا لا أبجدية بحوزتي للقراءة ،باﻷمس كان يركض بتمرد ويصعد أعلى القمم ويرى منظر القرية وهي تلوح مع شفق الغروب حتى ظن نفسه يوما من اﻷيام أنه عالم يقرأ أصوات الطبيعة ، واﻵن بيده عكازة هشة تقتادها السبل ببطى مفرط، ودرس اليوم /هو سطر فقط أحفظه عن ظهر قلب وكما يدندن البقية غدًا هو اﻷجمل فهلا أخبرتيني ياشجرتي العزيزة؟ هل فعلاً و صحيح أن الغد هو اﻷجمل.

#اتحاد_كاتبات_اليمن

You might also like