أنينُ روح .
إب نيوز ١٨ يونيو
إقبال جمال صوفان
رفيق القلب فارقها تاركاً بعده كلّ المصاعب وكلّ الالآم ، وكأن الرصاصة التي أصابتهُ أصابتها، تحنّ لهُ كحنينِ الأرض للمطر، لم تمرّ عليها ليلة إلاّ وبكت فيها لأن من تملّك القلب لايمكن أبداً أن يُفَارق بهذهِ السّرعة، وهذه السّهولة ، وإيمان المرء الكامل بأبدية وجود شخصه المفضل معه تُشعره بالثقة، والقوة الكاملة ، وفجأة وبدون مقدمات يختفي ، ويغيب هذا الشّخص الوحيد الذي كان السند الوفيّ.
شُيع شهيدها تشييعاً رسمياً أثبت قوّة حضوره في السّاحةِ الجهادية وكان لهُ قاعدة شعبية كبيرة بين أهلهِ ومُحبيه صدق ماعاهد الله عليه فنال ماتمنّى.
وقفت حزينة مُتعبة على سطح منزلها والدموع تنهمرُ من عينيها لتودّع زوجها الوداع الأخير مرددةً : (كنت أراك بالدنيا ومن عليها فمن لي من بعدك؟) حينها تذكرت قول الرباب بنت امرئ القيس زوجة الإمام الحسين (عليه السلام) حين ودعتهُ بقولها: (قَد كنتَ لِي جَبَلاً صعباً ألوذُ بِه) ماأقسى هذهِ اللحظات وماأصعبها.
نَظَرت إلى السّماء بنَفسٍ عميق ورضاءٍ أعمق شاكيةً ألمها لجابر القلوب ومرضي النفوس قائلة 🙁 ياالله نحن الضعفاء المتعبون اربط على قلوبنا بالصّبرِ ياربّ العالمين) ومن ثم وضعت يدها اليُمنى فوق بطنها وقالت: (غاب والدك وبقيت أنا وأنت فقط ياولدي ) .
اقتنعت بقدرها وأصبحت راضية مُطمئنة ابنها يكبُر في أحشائها يوماً بعد يوم ، الحمل يزداد ثقلاً والشّوق يزداد عمقاً!
مارست حياتها الطبيعة إلى أن أنجبت “علي” الذي سمّته باسم والده ، كافحت وواجهت الحياة بكل ماتملك من قوة تحمّلت كل الصِعاب حتى تُربّي ابنها التربية الصّالحة.
كانت تتذكر زوجها في كل زاوية في منزلها وفي كل ضحكة ترتسم على مُحيا طفلها وفي كل صورة معلّقة على حائط قلبها وفي كل خطوة رافقها فيها غاب عنها جسداً لكنه باقٍ فيها روحاً وحبّاً وعشقاً ولكن كل ذلك ماهو إلاّ أنينُ روح.