ودّعهم ورحل .
إب نيوز ٢٠ يونيو
إقبال جمال صوفان
الشّهيد/علي يحيى حسين رزيق (أبو حسين) أحد مُجاهدي الجيش واللجان الشعبية ، انطلق في سبيل الله ولم يُبالِ بمن حوله من المُرجفين، استمرّ في جهادهِ لمُدة سنتين، ومن ثمّ اصطفاه الله سبحانهُ وتعالى ليكون في ضيافته ، يملكُ خمسة من الأولاد (كوكب، زهور، منير، عبد الحميد، محمد) عاش في بيتٍ متواضع هو وأسرته، كان يأتي لزيارتهم مابين الحين والآخر ولكنّ المرّة الأخيرة أتى حاملاً معه ملامح الوداع…
وصل إلى بيتهِ هو ومجموعة من رفاقه لحضور حفل زفاف كريمته ، بحكم أنهُ أخاها الأكبر، سلّمها لزوجها وودع والدتهُ ، وزوجتهُ ، وأبناءه، وبقية أخواته واخوته، مررداً جملة واحدة للجميع :(لا أدري لمَ لم يصطفيني الله شهيداً حتّى الآن ؟ ربما أن ذنوبي لا زالت كثيرة !).
شَكت زوجته لكل من حولها قُبيل استشهادهِ بأسبوع أنها لم تعد تتذوق الطعام كما السّابق أصبح مذاقهُ غير مرغوب لها لم تعد تشتهي شيء منذ أسبوع!! ياتُرى ماالسبب؟ إنهُ الاتصالُ الرُّوحي ياسادة!! والرُّوح دائماً هي واحدة وليس لها بديل أبداً، لقد شعرت بأن روحها نُزعت ، جسدها مُتعب وقلبها هزيل!! شعرت بأن رفيق الرُّوح غادر ولم يعد مرة أخرى!! ما أقساها من لحظات وما أثقلها من أيام عندما يغيب من سكن في سويداء القلب!! يُصبح كل شيء في الدنيا إلى زوال لا رغبة في البقاء ولا هناء في العيش!!
تلقى الأهل خبر استشهاده بقلوب راضية مطمئنة بقضاء الله وقدره وكان الأب والإخوان فخورين جدّاً به لأنه قدم نفسه قرباناً لله ودافع عن أرضه ووطنه وحضرت جموع غفيرة لتشييع جثمانه الطّاهر والذي كان تشييعاً رسمياً لهُ ولرفاقه وقد انبهر الجميع بهذا التشييع المهيب لأن الشهيد كان يأتي إلى حارتهِ بمفرده وأحياناً برفيق أو اثنان ليتفاجأ أهله ومحبيه أنهُ شهيد برتبة عقيد!! أي تواضع هذا الذي امتلكهُ هذا الشّهيد؟؟!! أي عظمة أي محبة لله ولرسوله؟؟! لم يتفاخر بمنصبه في الدنيا ولم يتكبر به حتّى أنه لم يخبر أحداً على الإطلاق!! تواضعت في دُنياك ياعلي فعلوتَ وسموتَ إلى أعلى المراتب وأرقى يانوراً مشى على الأرض ويا نجماً صعد إلى السّماء سلامٌ عليكَ ماتعاقب الجديدان.
رسالتي إلى زوجتهِ العزيزة أعلم أن شهيدكِ سيبقى أجمل شيء في حياتك والأغلى دائماً أعلم أن عيناه ستظل رمز لشيء مقدس في قلبك وسيبقى حياً في روحكِ إلى الأبد ولكن كوني على يقينٍ تام أنهُ لم يمت وتذكري قوله تعالى : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) ستجازين على صبرك وتحملك وحزنك ياحبيبة لن يُضيعكِ الله لا أنتِ ولا أولادك ونحن هنا دوماً رهن إشارتكِ وبجانبكِ متى مااحتجتي لنا سنكون عوناً لكِ كوني بخيرٍ فقط ويكفيكِ فخراً أنكِ زوجة لرجل جرع العدو كؤوس الموت بيديه حفظكِ الله دوماً وحرستكِ الملائكة أينما حللتِ يازوجة الشّهيد.
تركَ أثر الصّدق والوفاء والإحسان في قلب كل من عرفه فما بالكم بأهلهِ الذي ودّعهم ورحل.