كاتب تونسي : اليمن.. وهل يُضير الشاة سلخها بعد ذبحها؟
Share
إب نيوز ٢٣ يونيو
“لنا أن نفترض أنّه – على الرّغم من أمر المحاكم بمراجعة هذه التراخيص، ولديها 12 شهرا للقيام بذلك – اختار قسمك ببساطة التجاهل وعدم الامتثال “. مقتطف من رسالة موجّهة إلى وزيرة التجارة الدولية ليز تروس، Liz Truss، في ظلّ انهيار تام للنظام الصحي اليمني يجتاح البلاد، بشكل واسع، فيروس كورونا ويقف اليمن المغدور عاجزا مشلولا عن مواجهته، فالمؤسسات الصحّية مُدمّرة بفعل الحرب التي يقودها “التحالف” منذ 5 أعوام! في ذات الوقت يبلغنا أنّ عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبو ظبي، قدّم مساعدة طبية عبارة عن 200 ألف جهاز فحص بقيمة 20 مليون دولار للاس فيغاس!!!!في حين أنّ الوضع الإنساني اليمني يُوصّف بأنّه الــ”أسوأ” كمأساة على مستوى العالم!!!! مؤسسة جيمس تاون الأمريكية، قدّرت أنّ كُلفة الحرب التي تخوضها السعودية في اليمن، “كانت إلى قبل فترة وجيزة 5 مليار دولار شهريا، ما يعني أنّها بلغت خلال الــــ5 أعوام، 300 مليار دولار، كنفقات مباشرة”!!!
مع ذلك ففضائح صفقات الأسلحة السعودية مع الحكومة البريطانية لخوض حربها على اليمن لا تزال تتكشّف يوميا ورائحة تفاصيلها العفنة تزكم الأنوف! وتُدمي القلوب!!! في ذات اليوم توفي في عدن 96 مواطن الأوبئة دون أن يجدوا حتى فحصا واحدا ليعرفوا على الأقل سبب موتهم!!!
لا تفشّي جائحة كورونا ولا وباء الكوليرا ولا شبح المجاعة الزّاحف جعلوا “صانع” القرار السعودي يتأمّل المأساة اليمنية أو يراجع حسابات هذه “العاصفة” الملهاة المستدامة!! ففي الــــ19 من جوان سنة 2019 الماضي، قضت المحكمة الدستورية العليا في البلاد بـ”منع الحكومة البريطانية من المصادقة على رخص بيع أسلحة جديدة إلى السعودية وطالبتها بمراجعتها”. قرارها ذاك كان عائدا إلى ”الدور السعودي في حرب اليمن“، ورغم ذلك الحظر القضائي واصلت بريطانيا بيعها الأسلحة للسعودية.
ميدانيا ومرة أخرى يعلن “التحالف” الذي تقوده السعودية “موافقة الحكومة المعترف بها دوليا والجنوبيين “وقف إطلاق النار وعقد اجتماع جديد في الرياض لمناقشة التهدئة”، في ظلّ استمرار انتهاك اتفاقات وقف إطلاق النّار .
استمرّت خلال ذلك حكومة بوريس جونسون، Boris Johnson، في “تصدير قطع تبديل المقاتلات، وتأمين خدمات الصيانة ومنتجات الصناعات الدفاعية”. وصدّرت بريطانيا إلى السعودية أسلحة بما يعادل “5.3 مليارات جنيه إسترليني منذ عام 2015 ” حتى يوم الناس هذا!!!، والعهدة على تقرير الصحيفة.
حتى أنّ شركة بي آي، بريتش أيروسبيس سيستمز، BAE Systems البريطانية -الرائدة في صناعة الأسلحة والخدمات كانت قد باعت للجيش السعودي بما قيمته 18.7 مليار دولار خلال السنوات الـ5 الماضية، التي أمضتها الرياض في قصف ودكّ اليمن. وأكدت الشركة “، في تقريرها لعام 2019، إنّها “تواصل الوفاء باتفاق خدمة وصيانة مقاتلات”تايفون“، المٌوقّع عام 2018”.
منظمة اليونسكو طالبت الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإعادة النظر في قراره “شطب اسم تحالف العدوان على اليمن من القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال، “قائمة العار” إياّها، كما دعت المؤسّسات والوكالات والمنظّمات الإنسانية والحقوقية الدولية والإقليمية والمحلّية، لــ”الوقوف مع أطفال اليمن وحماية حقوقهم”. أما يُسرى سماش، مديرة قسم السياسة والاتصال لمنظمة إغاثة الأطفال في اليمن ،Save the children، فتوضّح: “بعد خمس سنوات من الحرب تصيب المعاناة أطفال اليمن بالدرجة الأولى لقد قُتلوا وجُرحوا في المعارك المستمرّة وسُلبوا حقوقهم الأساسية، إضافة إلى ذلك تعرّضت بنية تحتية مدنية مثل المدارس والمستشفيات في اليمن إلى لهجوم وتمّ تهديد الأطفال في أماكن وجب أن ينعموا فيها بالأمان”! سماش تختزل مأساة أطفال اليمن بقولها: “طفل يكبر في اليمن لا يعرف شيئا آخر سوى الموت والدمار”!!!
متحدّث باسم شركة بي آيه سيستمز، علّق معترفا: “نحن نقدّم معدّات الدفاع والتدريب والدعم بموجب اتفاقيات حكومية بين المملكتين المتحدة والسعودية. ..نحن نمتثل لجميع قوانين ولوائح مراقبة الصادرات ذات الصلة في البلدان التي نعمل فيها ونخضع لموافقة ورقابة الحكومة البريطانية. “
في حين أنّ العضو بالحملة ضد تجارة الأسلحة أندرو سميث، Andrew Smith، فقد أكّد أنّ: “المملكة المتحدة قامت بترخيص بيع أسلحة التي تزيد قيمتها عن 5.3 مليار جنيه إسترليني إلى المملكة العربية السعودية منذ بدء حملة اليمن” مندّدا بــ”أنّها وضعت باستمرار مصالح شركات الأسلحة قبل حقوق وحياة الناس في اليمن وأثبتت أنّه لا يمكن الوثوق بتنفيذ قواعدها الخاصة. “!!!!!
تواصل المملكة حصد أرواح اليمنيين وتقتيل وتشريد أيتامها بأسلحة بريطانيا ولا حسيب ما دامت تًشطب من قائمة العار وما دامت الخزينة البريطانية المتخمة بالأموال السعودية المخضّبة بالدم اليمني لا تزال تكدّس الأرباح!!! وما هذه الأحكام –على أهميتها كوثائق إدانة لمن اهتم ووثّق ورفع القضايا- إلاّ المسكّنات وذرّ الرّماد…
هل انصاعت الحكومات وامتثلت لهكذا قرارات؟ هل أنهت مجزرة اليمن ؟ لا!!!!!
تقرير المركز القانوني اليمني للحقوق والتنمية يفيد أنّ “الحرب أودت بحياة أكثر من 100.000 يمني، بينهم أكثر من 16.000 منهم مدني!!! ومن بين القتلى من غير المقاتلين 3901 طفلاً و2462 امرأة!!!! كما أصابت الغارات الجوية، وفق منظمة حقوقية، 41.476 مدنياً!! يضافون إلى مئات الآلاف من الأهداف غير العسكرية التي تشمل المنازل والمساجد والمستشفيات والمدارس والآثار القديمة! التي دمّرها “أشاوس” الحزم! أما الأمم المتحدة التي تلوّح بـــ”أسوأ أزمة إنسانية في العالم”!، بحسب الأمم المتحدة فتتحدّث عن حوالى 24 مليون شخص”بحاجة إلى مساعدة غذائية“!!!!
أية لغة خشبية هذه التي تستخدمها متحدثة باسم الحكومة البريطانية، إذ تقول: “تقوم المملكة المتحدة بتقييم جميع طلبات ترخيص التصدير على أساس دراسة كلّ حالة على حدة بما يتماشى مع معايير الترخيص الصارمة لدينا. لن نصدر تراخيص تصدير إذا كان متعارضا مع هذه المعايير، بما في ذلك وجود خطر واضح في أنّ المعدّات قد تُستخدم للقمع الداخلي. “؟ أيّ هراء هذا؟؟
طبعا و”دعما لدعوة الأمم المتحدة للحدّ من انتشار وباء الكوفيد 19، COVID-19 ” سمعنا أنّ “السعوديين والإماراتيين وافقوا على وقف العمليات العسكرية في اليمن” ثم بلغنا عدها أنّ الجانبين يتّهم الطرف الآخر بــ”انتهاك وقف إطلاق النّار”! منتهى العبثّ!!!!
أين يمضي هؤلاء بمصير اليمن الجريح؟ غريب أمرهم والأغرب أكثر موقف حكومات تواصل تصدير قطع تبديل المقاتلات للسعودية، وتأمين خدمات الصيانة ومنتجات الصناعات الدفاعية لها رغم مرور عام كامل على حكم قضائي!!!
عار اليمن وخزي دموع أطفاله وصمة لن يمحوها شطب تحت الطلب من قائمة عار! ولا “اتفاق” مرغم لوقف إطلاق نار!! سيخلّد التاريخ صمود أهله وثباتهم يوم تنكّر القريب …