أبطال من عمق الجراح
إب نيوز ٢٣ يونيو
أشجان الجرموزي
صاغوا من دمائهم أشعاراً ، ومن أنين جراحهم اعتلوا صروح المجد ، تقدموا وقاوموا وانتصروا، اختلطت الدماء بالرمال فلن تمحى بطولاتهم من ذاكرة الصمود والعطاء والتفاني، وفي كل صرح جهادي يظهر لنا شموخ كل مجاهد معطاء بذل روحه ولازال يبذل حتى يكرمه الله بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة
جروح توغلت في أجساد الأبطال ، لم توهن عزائمهم، ولم تضعف قوتهم بل ازدادوا صلابة وشجاعة ، ازدادوا عزيمة وإصرار ، وبفضل الله كان لجريحنا المجاهد / إسماعيل عبد الله جعدل ” أبو رعد” حكايا وشذرات من فيض العزائم والبطولات لنأخذ من أحاديثه ومذكراته آيات من الجهاد تتجلى على سفوح الجبال وعلى ذرات الرمال وعلى غصون الأشجار .
” كنت في مترسي وقت صلاة الظهر وكنا في مناوشةٍ مع أعداء الله، إلى أن توقفنا فخرجت من مترسي لجلب طعام الغداء، وعند عودتي إلى مترسي جرياً تم قنصي -بقناصة نيمس- حمدتُ الله كثيرًا كانت معنوياتي عالية حينها ولم تؤثر في البتة تلك الإصابة البليغة ، صرخت منادياً رفيقي لكي يسعفني فأتى وحملني إلى منطقةٍ آمنة .
وصلت بأمان إلى تلك المنطقة، كانت إصابتي في منطقة خطرة (إصابة بليغة في الحوض وتمزق الامعاء) لم نكن نعي حينها حجم خطر الإصابة ولكن نزلت عليّ السكينة وكان ذكرالله متواصلاً على لساني وكل هذا وأنا بلا طعام !
مكثتُ في مكاني إلى حلول الظلام ؛ لأنني كنت في صحراء مفتوحة أمام الأعداء (صحراء ميدي) بعدها تم إخراجي وكان تحليق الطيران كثيفًا؛ توقفنا إلى أن ابتعد عنا ثم انطلقنا حتى تم إيصالي إلى المرفق الصحي التابع للجبهة .
تلقيت الاسعافات الأولية ومن ثم تم نقلي إلى مستشفى عبس حتى يتم تشخيص حالتي؛ كانت الحالة خطرة؛ لذا تم نقلي إلى المستشفى الجمهوري في حجة ولم تفتئ كل أحاسيسي وكل جوارحي تذكر الله.
بزغ فجر اليوم التالي وأنا في مستشفى حجة كانت هناك امرأة تنظف بجواري فتذكرت جنتي أُمّي* وقلت في نفسي لابد أن أهاتفها وأسأل عنها..
حين سمعت صوتها وجدتها تبكي !
فزع قلبي فقلت متلهفاً :
لماذا تبكي ياأمي؟!!
أجابتني بأن خالي قد توفى
فحزنت عليه و *لم أظهر لها بأني جريح حتى لا أزيد ألمها ألماً !*..
قالت لي : متى نراك؟!!
قلت : إلى أن يأذن لنا الله دعواتكم وأقفلت الهاتف ..
ازدادت حالتي سوءاً فتم نقلي من محافظة حجة إلى العاصمة صنعاء..
ومصادفة تم إيصالي إلى مستشفى الثورة بصنعاء بجوار حارتي فاستقبلتني الطوارئ وكان هناك أحد أهل حارتي هيأهُ الله لي؛ لأنني كنت في حالة حرجة جدًا
فتابع لي وجهزلي كل ماتتطلبه العملية
حينها تذكرت أبي فطلبت من أحد الموجودين هاتفاً للتواصل به ..
هاتفت أبي وكان قد علم وتهيأ ليذهب إلى مستشفى حجة فقلت له بأنني أصبحت في صنعاء فأتى إلي وجاء معهُ أعمامي..
رغم إصابتي الخطرة كانت الروح المعنوية لدي عالية فبدل أن يهونوا علي إصابتي وأنني سأكون بخير ؛ كنت أنا من يطمئنهم ، وأقول لهم : لاتقلقوا لايوجد شيء حرج الجرح ليس بالكبير ..“ تمت عمليتي الجراحية ومكثت في العناية المركزة ثلاثة أيام كانت تأتي والدتي إلي وتبكي بكاء مريراً على حالتي التي كانت حرجة جداً بسبب تمزق الأمعاء ممااضطرهم لنقلي إلى مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا ، مكثت في المستشفى مدة شهر خضعت لعملية أخرى وكذا جراحات مستمرة حتى بدأت أتماثل للشفاء وكانت والدتي بجانبي دائماً حتى خروجي من المستشفى وكذا مابعد خروجي
لم تهتز عزيمتي أو أضجر من جرحي رغم أنه سبب لي آلام مزمنة وكنت لازلت في سن الثامنة عشرة وبرغم آلامي عدت إلى جبهتي وعملي ولم ولن أتوانى لحظة عن الدفاع المقدس عن الأرض والعرض.
تنحني الجباةخجلاً أمام هذه الثلة المؤمنة التي بتنا نسمع عنها ونراها في كل جبهةٍ و حيّ !
فبالرغم من صغر سنّهم وهم في مقتبل أعمارهم بذلوا زهرة شبابهم بذلوا أرواحهم؛ بل أبهرونا بجميل تضحياتهم وصبرهم ووعيهم وتفانيهم!
يخالجنا شعور جميل ونحن نقف أمام هامات عظيمة كعظمة هذا الدين وعظمة قاداته ، وهذه والله لهيَ أحد آثار الثقافة القرآنية والثقة بالله ومعيته والتوكل عليه واستحضارنا الدائم له سبحانه في أنفسنا وذلك الفضل الذي يهبه الله لخاصّة أوليائه وأنصاره، فهنيئًا هنيئًا لمن أثخن بالجراح ولازال مع الله متفانياً ، وهنيئاً لمن اصطفاه الله ونال الفوز العظيم ..
#فريق_عشاق_الشهادة