إلى قبائل مأرب التأريخ والحضارة: حان وقتُ المواقف المشرِّفة لكم وللأجيال
منصور البكالي
مما لا شك فيه أن كُـلَّ حُــرٍّ فيكم قد طرح على نفسه التساؤلاتِ التالية: في أي صف أقاتل؟، ولصالح من أقاتل منذ 6 أعوام من الغزو والاحتلال الأمريكي الصهيوني وأدواته العربية لليمن؟!، بل وتحاشى مما ستقوله للأجيال القادمة حين يسأله أحفاده وبنوه عن ما كان موقفه في أهم مرحلة من مراحل تأريخ شعبنا اليمني الذي سطّر فيه أعظم وأروع وأعز وأجلَّ المواقف المشرِّفة التي غيّرت مجريات الأحداث ومساراتها، وأفشلت مخطّطات الطامعين بثرواته وموقعه الجغرافي المهم، والمستهدفين لهُـوِيَّة أبنائه وأعراف وأسلاف قبائله الوفية والأبية على مر الأزمان.
أيها المشايخ الأجلاء والقبائل الأوفياء الشرفاء، في محافظة مأرب سبأ التأريخ والحضارة:
نقدر لكم موقفكم المشرّفة ونلتمس لكم العذرَ مما حَـلّ بداركم قبل أن تكونوا مستوعبين لحقيقة المؤامرة، فأجبرتم بدون وعي وقصر تفكير للتعايش مع الأمر الواقع الذي فرضه الغزاة والمحتلون على مدينة مأرب وغيرها من مديريات المحافظة إلى اليوم.
حين عمل الغزاة والمحتلّون منذ اليوم الأول لغزو وطنكم الحبيب على تغيير المفاهيم والمصطلحات وتزييف الوعي ومخاطبة ودغدغة العواطف من خلال ترسانته الإعلامية الكاذبة وأمواله الطائلة، ومخازن أسلحته المدمّـرة، فجعلكم في موقف من لا خيارَ له غير الواقع ومحاولة التماهي معه إلى أن تعاد الأمور إلى نصابها، وتظهر الصورة المقنعة على حقيقتها، أَو ينتصر الحق على الباطل بعد طول زمان.
وها هي المرحلةُ تتغير لصالحكم ولصالح كُـلّ يمني متشبع بقيم ومرؤة ونخوة وشهامة القبيلة اليمنية الاصيلة، وما توارثه من العزة والإباء والأنفة والكبرياء والحرية والإيمان والحكمة منذ الأزل.
وها هو شعبكم الصابر والصامد في مواجهة آلة القتل والدمار والحصار الخانق برا وجواً وبحرا منذ سنوات ينتصر للقيم والمبادئ اليمنية والإيمانية الأصيلة مجدّدًا، وبات يمتلك زمامَ المبادرة على ميدان المواجهة العسكرية والسياسية بعد أن تعرّت دول الاحتلال وتعرّت معها كُـلّ أدواتها ورموزها الداخلية والإقليمية وبات كلٌّ منهم يبحث عن حصته من ثروات اليمن ولا تهمه دماءُ الشهداء، وأشلاء الجرحى، ومحسوبية ومكانة بعض القبائل اليمنية المخدوعة وتضحيتها التي قدمتها في سبيل تنفيذ أجندة إسرائيلية بالدرجة الأولى وأمريكية بالدرجة الثانية، وسعودية إماراتية بالدرجة الثالثة.
ومن هذا المنطلق أتوجّـه اليكم وكلي ثقةٌ بأنكم أهلٌ للمواقف المشرفة وتستحقونها بجدارة، سبق أن قطف ثمار عزتها إخوانكم الأحرار من أبناء قبائل المحافظات والمناطق اليمنية الحرة منذ خمسة أعوام.
ولا أقول لكم غير “لا توصّي حريص”، ولا يفوتكم القطار فتندموا يومَ لا ينفع الندم والحسرات، وحان الوقت المناسب لتضعوا أياديَكم في أيادي إخوانكم وأبنائكم المجاهدين في صفوف الجيش واللجان الشعبيّة، وتنفضوا عن قبائلكم وعن أنفسكم غبارَ الخزي والعار والذل دون رضاكم، الذي أوقعكم فيه الغزاة والمحتلّين ودواتهم المتاجرة بدماء أبنائكم ودماء ومعاناة شعبكم على مختلف الأصعدة.
فيا قبائل مراد وقبائل حريب وقبائل الجدعان وكل قبائل مأرب.. كُلٌّ باسمه وصفته، فرداً فرداً صغيراً وكبيراً، مشايخ ووجهاء وأعيان وعقلاء وكل حر فيكم:
لا تتردّدوا من اغتنام فرصة العفو العام والمصالحة الوطنية؛ لتوحدوا مواقفكم وترصوا صفوفكم؛ للمشاركة الفعالة في خوض معركة التحرير لما بقي من مناطق محافظة مأرب من دنس الغزاة والمحتلّين.
فالمهرة وحضرموت وسقطرى وغيرها من المحافظات اليمنية تستغيث بكم وفي انتظار وصول قوافلكم المساندة للجيش واللجان الشعبيّة التي ستكونون عمادها، وتقول لكم: ولّى زمان المذلة، وذهب وقتُ المداهنات وحانت ساعة الصفر لتنسفوا جثثَ الغزاة من على ظهر تربتكم الطاهرة، التي اشتهرت بمقبرة الغزاة.
كما لا تنسوا بأن محافظة الجوف تحرّرت بفضل سواعد أبنائها الذين كانوا في مقدمة صفوف مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة وها هم اليوم كغيرهم من أبناء هذا الوطن يفزعون في تحرير مأرب والبيضاء، وغداً ستكونون أنتم في طليعة الصفوف المشاركة في تحرير شبوة وعدن وأبين وسقطرى، واستعادة نجران وجيزان وعسير، وتحرير المقدسات الإسلامية من قبضة اليهود وأعوانهم، وكل شبر من التراب الوطني المدنس بالغزاة الطامعين.
وهذا المؤمَّلُ منكم وما أثق به وأجده مرسوماً بالفطرة في وجه كُـلّ يمني غيور على وطنه.