التجربة اللبنانية .
إب نيوز ١١ يوليو
بقلم الشيخ /عبد المنان السنبلي.
ليس من حقك أن تتجرد من قيم المجتمع الذي تعيش فيه بدعوى ممارستك لحريتك الشخصية لسببٍ بسيطٍ جداً هو أنك لا تستطيع أن تعيش بمفردك وحيداً وبعيداً عن هذا المجتمع وأنت فيه، وبالتالي فإن ما أقدم عليه الأخ الشرعبي والأخت آية خالد اللذان أشهرا خطبتهما بتلكم الطريقة الشاذة والغير مألوفة على مجتمعنا اليمني المحافظ لا يمكن أن نعده في إطار الحرية الشخصية وإنما يعد بمثابة انقلاب على عادات وقيم المجتمع الذي يفترض أنهما يعيشان فيه !
كل ما في الأمر أن هذين الشابين على ما يبدو قد أرادا محاكاة تلك الحالة اللبنانية التي ابتكر فيها أحد الشباب اللبنانيين بتفاهمٍ وتنسيقٍ مسبقٍ طبعاً مع سعد الحريري طريقةً لخطبة حبيبته على الهواء مباشرة مستغلاً تواجدها في حفل إفطار جماعي أقامة تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري، حيث قام هذا الأخير بدعوة تلك الفتاة (دينا درويش) للصعود إلى المنصة ثم دعى ذلك الشاب (بلال المير) عضو مكتب الشباب في التيار للصعود أيضاً والذي بدوره وعلى مرأى ومسمعٍ من الحاضرين جميعاً فأجأ الفتاة والجميع بإلقاه أبياتٍ شعرية أوضح من خلالها عن رغبته في خطبتها والتي بدورها وبعد أن أخذ سعد الحريري رأيها طبعاً أومأت بموافقتها لتنتهي المراسم تلك بأن جثى ذلك الشاب على إحدى ركبتيه وبدأ بإلباسها (الدبلة) في مشهد طبعاً هو ذاته المشهد الذي قام به صاحبنا الشرعبي بمحاكاته مؤخراً مع خطيبته عند إلباسها (الدبلة) كما جاء في الصورة المتداولة لهما !
يعني لم يأتيا صاحبانا بشئٍ جديد !
العملية كلها تقليد في تقليد يفتقر حتى إلى عنصر المفاجأة الذي كان متوفراً في الحالة اللبنانية والذي أضفى عليها نوعاً من الجمالية والتفرد بمقاييس ومعايير المجتمع اللبناني المنفتح كثيراً طبعاً .
على أية حال،
لو قمنا وتفحصنا جيداً في الحالتين لوجدنا ان الحالة التي بدا فيها صاحبانا فيها من التكلف والتصنع ما لم يستطيعا إخفاءه أو حجبه لدرجة أنه يمكن لأي رائي أن يتصيده ويدركه بسهولة وبما يترك انطباعاً لديه بأن الامر قد أُعد وخُطط له مسبقاً من الجانبين الأمر الذي أفقده العنصر الأهم في الموضوع والذي وظيفته شد الناس وجذبهم إليه وهو عنصر المفاجأة !
على عكس الحالة اللبنانية طبعاً التي بدت فيها الفتاة بصورة عفوية جداً أكثر استغراباً وخجلاً وحياءً وبما يؤكد عدم علمها المسبق بالأمر وأن العملية قد دبرت من طرفٍ واحد هو العريس وليس من الجانبين طبعاً الأمر الذي أضفى عليها عنصري الصدمة والمفاجأة .
طبعاً ليس غريباً أن يستقبل الشارع اللبناني ذلك الأمر بكثيرٍ من الترحيب والإعجاب كون ذلك الشابين لم يأتيا بشئٍ غريبٍ أو مبتدعٍ على المجتمع اللبناني الذي يعد الأكثر انفتاحاً بين المجتمعات العربية كلها .
كذلك ليس غريباً أن يستقبل الشارع اليمني أيضاً الأمر بكثيرٍ من الرفض والاستنكار كون ذلك الشابين صاحبينا طبعاً قد جاءا بأمرٍ غريبٍ ومبتدعٍ على المجتمع اليمني الذي يُعد الأكثر محافظةً وتقيداً بالعادات والتقاليد الصارمة بين سائر المجتمعات العربية .
وهنا يكمن الفرق بين أن تأتي بأمرٍ غير مألوفٍ على مجتمعٍ لديه الاستعداد التام لتقبله والتكيف معه وبين أن تأتي بذات الأمر على مجتمعٍ ليس لديه أي استعدادٍ أو امكانيةٍ على تقبله أو التكيف معه !
وختاماً ليس من العدل في حالة صاحبينا اليمنيين أن نقول أن الشارع اليمني قد انقسم ما بين مؤيدٍ ورافضٍ لهذا الامر لسببٍ بسيطٍ جداً هو أن السمة الغالبة الطبيعية التي يتسم بها عامة الناس في هذا الصدد هنا هي الرفض التام وعدم تقبل هذا الأمر وذلك لخروجه بالنسبة لهم عن المألوف والإطار العام لهذا المجتمع وأن بعض الأصوات التي خرجت علينا في وسائل التواصل الإجتماعي مبديةً تأييدها لهذا الأمر إنما هي مجرد أصوات فقاعية جوفاء أرادت بموقفها ذلك فقط اضافة حالة جدلية للامر ليس اكثر بدليل أنك لو سالت احداً منهم عن مدى قبولة لحدوث مثل هذا الأمر مع أبنته مثلاً او أخته أو أيٍّ من قريباته لأجابك على الفور بالرفض القطعي والتام هذا إن لم يدخل معك في عراكٍ أو على الاقل في مشادة كلامية جارحة وحادة ! وبالتالي فقد كان على صاحبينا هذين أن يفكرا جيداً ويتحليا بشئٍ من الحياء قبل التجرؤ والقدوم على القيام بمثل هذه الواقعة على الأقل مراعاةً واحتراماً لمشاعر مجتمعنا اليمني الأصيل خاصةً في ظل الظروف التي يعيشها والتي تعد الأسوأ في تاريخه .
#معركة_القواصم