حرب الغذاء.. وسياسات إسترقاق الشعوب (1)
إب نيوز ١٣ يوليو
بقلم / منير إسماعيل الشامي
تعتبر حرب الغذاء من أهم مؤامرات دول الاستكبار العالمي التي استهدفت بها الشعوب العربية والإسلامية بوجه خاص وشعوب العالم الثالث بوجه عام.
تبنت أنظمة الاستكبار العالمي هذه الحرب وبدأت بتنفيذ هذه المؤامرة عقب الحرب العالمية الثانية، واعتمدت عليها في السيطرة على الشعوب بدلا عن الاحتلال العسكري بعد أن أيقنت من ارتفاع كلفة الخيار العسكري، ومن حقيقة عدم جدوى محاولاتهم لاخضاع الشعوب بشتى الوسائل والطرق، وفشلهم في تحقيق ذلك بعد أن تجرعوا (الدول الاستعمارية ) العلقم وشربوا مر الكؤوس من شراسة مقاومة الشعوب المحتلة، ومناهضتها المتصاعدة للوجود العسكري الاجنبي على أراضيها، وتكبد الاخير خسائر فادحة.
لهذه اﻷسباب أتجهت الدول الاستعمارية وتوغلت في فرض سيطرتها على شعوب العالم الثالث و منها العربية بإتباع طرق أخرى ذات أساليب أكثر شراسة، وأعظم تأثيرا، وأقل كلفة، وأسرع نتائجا عبر مؤامرات عدوانية متنوعة ركزت على هدم بنية المجتمعات من داخلها اقتصاديا، وفكريا، ودينيا…. الخ.
حرب الغذاء هي واحدة من أهم تلك المؤامرات والسياسات العدوانية لاستهداف اليمن وسائر دول العالم الثالث.
لقد عرف أن اليمن كانت من أشهر الدول المكتفية ذاتيا في غذائها، وكانت تحقق فائض عن حاجتها من مختلف المحاصيل الزراعية، وتحولت بفعل مؤامرة حرب الغذاء حتى أصبحت اليوم من أولى دول العالم استيرادا لمحاصيل الحبوب بمختلف انواعها وفي مقدمتها “القمح” وهو ما سنتحدث عنه ونتطرق له بايجاز في هذا المقام.
بدأت خطوات هذه المؤامرة(حرب الغذاء) من خلال قيام دول الاستكبار بتقديم منح مجانية كبيرة من مادة القمح للدول المستهدفة. وحظيت اليمن بأول دفعة حصلت عليها من القمح كمنحة من النظام الأمريكي عام 1959م مقدارها 14 ألف طن من محصول القمح. فكانت هذه المنحة هي الخطوة الأولى لتحويل اليمن من بلد منتج للقمح ومكتفي ذاتيا منه إلى بلد مستهلك ومستورد له، وسوق مفتوحة للمنتجات الزراعية الخارجية بمختلف انواعها.
وقد لعب سعرها المنخفض جدا دورا كبيرا هو الأخر في حرف بوصلة زراعة اليمنيين للقمح وغيره نحو شراءه من الاسواق، والاعتماد على المستورد بسبب الفارق الكبير بين كلفة انتاج كمية من القمح المحلي وسعر شراء ذات الكمية من واردات القمح الخارجي، ما أدى الى تدني انحداري لكميات الإنتاج المحلي من القمح وتصاعد متضاعف لكميات القمح المستورد، وكذلك كان الحال لبقية المحاصيل الزراعية.
اليوم وبعد (61)عاما من منحة القمح الامريكية لليمن يظهر لكل ذي لب أن تلك المنحة كانت وما زالت تمثل قنبلة موقوته ذات إنفجار تسلسلي لم يتوقف حتى اللحظة، يجني اعداء اليمن ثماره المتضاعفة، مقابل ان يتجرع اليمنيون ويلاته المتلاحقة وعذابه المتصاعد والمتمثل في.
– القضاء على زراعة القمح المحلي بنسبة قد تزيد عن نسبة98% .
– تعطيل أراضي زراعة القمح.
– اغلاق الباب امام عشرات الآف من الأيدي العاملة التي كان من الممكن أن تشتغل في زراعته.
– استنزاف مبالغ مهولة من العملة الصعبة سنويا.
كما زادت اعباء فاتورة الاستيراد، وانعكس ذلك بؤسا وتعاسة بحق الشعب المستهلك، في حين تجني أنظمة الاستكبار ثمارا طيبة خالصة، ناهيك عن حالة الإذلال والقهر للشعب نتيجة السيطرة على لقمة عيشه، التي أصبحت بيد المنتج الأجنبي وممسوكة بيده الاجرامية .
ومن كل ما سبق يتضح للعامة من الناس والخاصة منهم الاسباب الحقيقية الكامنة وراء حرص قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، واهتمامه الكبير بالقطاع الزراعي، كخيار وحيد لمواجهة (حرب الغذاء) من خلال دعواته المستمرة للشعب في كل مناسبة إلى الإهتمام بالزراعة، والعودة إليها والتحرك للاعتماد على الذات ، والسعي لبلوغ الاكتفاء الذاتي كهدف هام يتوجب بلوغه بتظافر الجميع وتفاعل مختلف الجهات الرسمية التي يوجهها بصورة مستمرة الى تحمل مسؤوليتها الدينية والوطنية في هذا الخصوص، والتحرك العملي والجاد إلى تحقيق تنمية زراعية واقعية، ونهضة انتاجية حقيقية، في طريق تلك الاهداف المنشودة وتحقيق الامن الغذائي.
وبدعوته المتكررة للقطاع الخاص (تجار واصحاب رؤوس الاموال) لاستثمار اموالهم في المجال الزراعي وهو موضوع حديثنا القادم في – مواجهة حرب الغذاء- إن شاء الله تعالى.