وطني هناك نور في نهاية النفق
إب نيوز ١٩ يوليو
عفاف البعداني
جبال أصبحت هزيلة،ضوء صار عليل ،شموع دمعها سائغ بالإحمرار ، كتائب ورقية متراكمة لم يرتبها الماضي ،اهتزازا ساحقا أسقط عش العصافير بشظايا حادة لاترحم صغار الحمائم ، كل هذا حدث مذ أن اندلعت الحرب وأخرجت عنفوانها المشبوه ،وحررت أشباحها المسجونة ،والتصقت بظلٍ أرعن يطارد المساكين ،ويضع يديه على وهج الشموع ليتضاخم شكله بهيكلٍ مروعٍ يُخيف بها اﻷطفال ويتعثرفيه العجزة، بحجة تجلية قيمته الرخصية المبيوعة عند مجزرة اﻷرواح،مستترًا بنكتة المنعوث اﻷممي لتوطيد السلام و إيقاف العدوان.
وعلى الرغم من فضاعته المستمرة ، إلا أن لعبته باتت في مقتبل النهاية ، ستنتهي ، ستحترق ويحال المجرم شزرًا إلى محكمة القضاء ، فهذه النهاية مؤكدة لكل قصة واقعية أو كانت مستوحاة من الخيال في ميدان الحروب ، فليس الشر بطبعه سرمدي البقاء ،وليست ريشه منفوثة على الدوام، بل نهايته قريبة إلى درك الشقاء السفلي عندمقبرة المفرطين بأعمارهم ، وحتما ستدور الرحى وينجلي الغطاء، ويرجع القمح القاسي ناعمًا، سيتلاشى العناء،ويبتسم المساء عبر نجوم خافقة وقمر مكتمل ،وسحب ساجدة ، سيكون الصبح أنيقًا والفصل يبدو ربيعًا كما عهدناه في زمن قد ولى وبقيت مآربه حاضرة لحيننا هذا .
سيخرج المنسيون ، ويصرخ البسطاء ، ويصرخ الفقراء،الذين لوتهم الحروب تحت زنزاناتهم التعيسة ،ليغنو معًا أغنية النور السعيد عند نهاية النفق المظلم ،ستعود الحياة،ويعشو السلام وتكتض بلادنا بالفل والورورد ،ويرجع الغائبون ،ويتخلص المشردون من لواذع النزوح، فقط ماهي إلا أيام قلائل ويتوج الشعب بميلاده المنتظر.
غدًا سنرسوا على شواطئ النجاة محملين رايات النصر والعزة، وبيدنا ورودا خالدة ،نحومقابر الشهداء، غدًا سيكون الشعب أوصل مرامه الحري ،وسينطلق بصرخته إلى قبو المقدسات ، بعدما قضى نحبه وهويقدم أرواح أبناءه العزيزةيوم بعد يوم ، بعدما وهب دماء طاهرة ،دماء زكية، أسقت بنقاءها اﻷحياء وحمتهم من تصحر الاستعباد والرق الفكري،لذا معلوم وبكل المقاييس ،ومدروس في كل الديانات،أن صرح السلب والنهب متهاوي وإلى زوال بعون الله،وسيبدأ زمن المحاكمة والفصل والغربلة ، وسيكون مالم يكن ، وسيرجع الحقل صبيا تنبت فيه أصغر البذور .
ولن أكون مثالية لاتجاهل الكم الهائل من الركام والدمار والأشلاء التي خلفتها الحروب،لن أكون خيالية لأشفق على نفسي من مرارة الواقع بنظارة ترقيقعة،وقفزات مسلية .
بل إنني أعلم وأعي ،أن الألم الذي تجرعه الشعب اليمني :عبارة عن شريط رمادي يمتدباعه من الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال ،ولن تفكه سنينات من البهجة والرخاء ،ولكني ربما أثق كثيرا بحرية الشعوب ،أثق بسنن القدر، وبقائدنا الحكيم الذي واجه العالم بمشروعة الإيماني، أثق بأن الغد سينجب الجيل المنتظر ،سيخرج صلاح الدين ،وبرفقته المختار،فكونك تعيش في بلد طيب فأنت بخير ولو كثر السارقون والفاسقون ، أثق وتنطلق كلماتي المتفائلة بوتيرة عالية من الثقة، و إلى ما دونه الرجل العظيم د // إبراهيم الفقي في ذاكرتي قبل رحليه:
((إذا أردت أن تدرك بساطة الحياة ،فانظرإلى المطر وهوينزل، وإلى الطير وهويطير، وإلى الطفل وهويضحك،وإلى ألوان الفراشة ،واصرار النملة،إلى الشمس ودفئها،إلى النجوم وبريقها والسماء وروعتها وإلى الحياةورونقها ،هنا تدرك أن الحياة تسير بلاجهدولاتفكير، تعيش كماهي حقا ولاتعيش كماتود أن تكون لاكما كانت تعيش ،هي فقط تعيش هذه اللحظة،بالتوكل على الله سبحانه وتعالى )).
.