آل سعود وتسييس الحج .
عبدالفتاح البنوس
فريضة الحج هي الركن الخامس من أركان الإسلام ، وهي فريضة تعبدية يقصد بها الحجاج رضا الله ورضوانه ، والقبول بين يديه ، وتأديتهم لها تعد استجابة لقول الله عز وجل ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) ولا فضل لآل سعود على الحرمين الشرفين ولا على ضيوف الرحمن على الإطلاق ، فالمبالغ التي يدفعها الحجاج من مختلف بقاع العالم ، علاوة على أوقاف الحرمين كفيلة بتوفير كافة الخدمات التي يحتاجها الحجاج والمعتمرون ، وإن تشدقوا باهتمامهم وتوسعتهم للمشاعر وعنايتهم بالحجاج وتقديم التسهيلات ، فإنهم يلمعون أنفسهم فقط ، فما يتقاضونه من رسوم وما يجنونه من أرباح من عائدات الحج والعمرة يفند تشدقهم ومحاولتهم التظاهر بالسهر على خدمة زوار الحرمين وتقديم الخدمات لهم ، فما يقدمونه من خدمات هي مدفوعة الأجر وفوق ذلك يحصلون على أضعافها من الأرباح بعد أن حولوا الحج إلى استثمار يجنون منه الأرباح الطائلة .
اليوم وفي مشهد مؤلم ومحزن جدا يقف ما يقارب 10آلاف حاج من داخل السعودية على صعيد عرفات الطاهر بعد أن منعت وصدت السعودية ملايين المسلمين هذا العام من أداء فريضة الحج تحت ذريعة فيروس كورونا ، رغم أن الإمكانيات التي تمتلكها السعودية كفيلة بتوفير كافة الإجراءات الاحترازية التي من شأنها حماية الحجاج وضمان سلامتهم ، ولكنهم تعمدوا حرمان المسلمين من الحج تلبية لرغبة أبناء عمومتهم ( الصهاينة ) الذين يعملون ليلا ونهارا من أجل تعطيل هذه الفريضة وإفراغها من قدسيتها وروحانيتها .
عملوا على بناء برج الساعة وجعلوا منه موقعا سياحيا يضم إليه الشباب والشابات (للرمسسة) والتقاط الصور وشد انتباه الناس عن الكعبة المشرفة ، وأغرقوا في مظاهر التفسخ والانحلال من خلال السماح بالتصوير ودخول النساء بملابس غير محتشمة ، وفوق ذلك عمدوا إلى تدمير الآثار الإسلامية تحت شماعة التوسعة ، فيما أبقوا على الآثار اليهودية ، وأقاموا الأبراج الفندقية المملوكة لهم والتي تدر عليهم مبالغ خيالية ، حتى الخطاب الديني لقبلة المسلمين والبيت الحرام أفسدوه بالسياسة ، وجعلوا منه مكملا لدور فضائيات العربية والحدث والإخبارية السعودية وغيرها من الأبواق الممولة من الخزينة العامة السعودية ، فتحولت خطبتا يوم عرفة إلى مادة للإسفاف والتطاول على المسلمين وإذكاء النعرات الطائفية والمذهبية ، والشرعنة لقتل اليمنيين والسوريين والفلسطينيين والعراقيين واللبنانيين والإيرانيين والليبيين وكافة الشعوب التي لا تسلم بولاية سلمان ونجله المهفوف ولا تدين لهما بالولاء والطاعة .
يهاجم خطيب الحرم المكي وخطيب مسجد نمره في عرفات الشعب اليمني ويدعو عليهم ويحث على قتلهم نزولا عند رغبة سلمان ونجله يدعو إلى سفك الدماء البريئة من على صعيد عرفات والذي يمثل عنوان لوحدة المسلمين ، في الوقت الذي حرم الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم سفك الدماء ونهب الأموال وانتهاك الأعراض خلال حجة الوداع ، يأتي دعاة الإفك وخدام الملوك والأمراء للدعوة لاستباحتها ظلما وعدوانا في مشهد يتناقض مع أهداف وغايات ومقاصد الحج .
لقد أفسد آل سعود على المسلمين دينهم عامة ، وفريضة الحج على وجه الخصوص بإقحامها في السياسة ، والتحكم في شؤونها وحرمان ملايين المسلمين من أدائها لاعتبارات سياسية ومذهبية ومصالح شخصية ، ولم يعد للحج تلكم الروحانية التي كانت معهودة في السابق ، وزادوا الطين بلة في زمن كورونا ، ومنعوا الحج وجعلوا منه رمزيا جدا ، وهم بذلك يعلنون الحرب على الله ورسوله والمسلمين ، ومن السقوط أن يمنعوا دخول الحجاج ، في الوقت الذي يرفعوا فيه القيود عن البارات والمراقص والنوادي الليلية والحدائق والمتنفسات العامة ، وكأن كورونا لن يستهدف إلا الحجاج فقط ، وهذا الأمر ينبغي أن يدان ويستنكر من المسلمين جميعا ، فلا يمتلك آل سعود حق صد المسلمين عن بيت الله الحرام ، ولا يحق لهم تسييس الحج وتوظيفه لخدمة مصالحهم ، حان الوقت بأن تكون هنالك هيئة إسلامية من مختلف الدول الإسلامية تشرف على الحج وتدير شؤون الحرمين الشريفين ، فلم يعد آل سعود يمتلكون الأهلية للقيام بذلك بعد كل الفظائع التي ارتكبوها وما يزالون في حق الإسلام والمسلمين .