إلى عزيزي العزيز-مُجاهدي- 10
إب نيوز ٢ أغسطس
رويدا البعداني
آليت ألّا أكتب لك رسالة جديدة ،لولا أن وجدت صهوة الشجن تجوب أروقة الجوانح ذهابا وإيابا كطفل الحروب الذي فقد دميته فظل يزاحم الركام للوصول إليها.
حقًا لا أعلم يا أخي لِمَ أكتب إليك في هذه الساعة المباغتة من سرار شهر تموز ، والذي بلغ من البرودة عتيا، أسأل نفسي مرارًا قائلة :- هل لهذه الكلمات صدى يعتلي مرافئ الشطان ، لتصل إليك عبر حمامي الزاجلة، وعلى متن اليم بقنينتي النديمة لحكاوي وهذياني ، أو لها بصيص دفئ أمام هذا الصقيع الذي لا يطاق؟
هاقد عدتُ لمساري المعتاد -مشروعي الكتابي في رسائل زاجلة-عدتُ لأكتبك وأكتبني وأكتب ماحار بيني وبين مستهل الطرقات والجنبات التي سلكتها حين رحلت.
عدتُ يا أخي، عدت إليك ياعزيز قلبي وسندي الذي أتكأ عليه عند لحظات ضعفي ، عدتُ لأكتب إليك بحرف وجل كطريدة، وبلفظ مضطرب كأفكاري، ويد ترتعش كبنات فكري، وخط مجعد كأسارير ِمُحياي ، والذي قد ناهز الأربعين بتجاعيده جراء غيابك المديد.
أكتب لك من هنا من ردهة روحي المتعبة، حيث الظلام فيها يزداد حلكة ، كلما زادت سنون الغياب، فإلى متى ياسيد الإياب ستمتحن معاقل صبري بمن غاب وأطال بالبعاد .
أيها البعيد كبعد سلام منتظر من شرفة وطن، أشتاق إلى حضورك وأُنسك، وكم يعز عليَّ غيابك هذا اليوم، فقد قيل أنه العيد، ولست أرى الأفراح ترتدينا، بل الأتراح صارت كل مالدينا، حتى أطفال القرية بهتُ لهم هذا اليوم وصار يوم عادي، وماكانت الابتسامة في المحيا إلا ابتداع ليس إلا.
أيها القريب كأفكاري، أفكاري الفزعة التي صارت كفأر يختبىء طيلة الوقت في أقبية النسيان حتى لاينكشف كنة حكايته ، والحقيقة أنه لامناص منك فكل الأمكنة تؤدي إلى ذكراك، وماطرق روما إلا قصص باطلة، وطرق كاذبة، اشتاق إليك بحجم أكبر الأشياء، ولست أدري إلى متى؟ فهلا أتيت..!
أتعلم أيها العزيز :-
لتّو أدركت أن الانتظار مضن، خاصة لمن طال غيابه ، إنه طمر عتيق ، من طراز الألم الفتاك، يُحاك بصعوبة، وإن اخطأت وجهة إبرته فسرعان مايستلذ بتدفق الدم ولو كان غازله ذو حرفة، نرتديه رغمًا عنا فجلادة ضيم بلا ضمير، نظل ننتظر وننتظر، وإن لم يجدي الانتظار نفعا نعود ونقبع على عتبات الرجاء، سائلين المولى أن يحفهم بعنايته ورعايته ، وأن يعودوا إلينا سالمين معافيين .
#رسائل_زاجلة_إليك.