الصندوق الأسود .
إب نيوز ٣ أغسطس
بقلم الشيخ /عبد المنان السنبلي.
لو سألت خبيراً عسكرياً سعودياً مطلعاً أو عربياً أو حتى أجنبياً هذا السؤال :
هل كانت السعودية تستطيع أن تواجه العراق بمفردها عقب احتلال العراق للكويت في 1990 إذا ما فكر العراق يومها وحاول الإعتداء عليها أو اجتياحها ؟
لأجابك بكل ثقةٍ وقال : نعم .. كانت تستطيع أن تواجه العراق بمفردها وذلك طبعاً لما كانت تمتلكه في ذلك الوقت من ترسانة أسلحة حديثة ومتطورة ضخمة ناهيك عن تفوقها العسكري الجوي والذي ظلت محافظةً عليه على مستوى المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي فما بالك وقد استمالت معظم العرب إلى جانبها والذين أبدوا استعداداً تاماً لإرسال جيوشهم إليها والدفاع عنها ؟
طيب فلماذا إذاً استقدمت القوات الأجنبية وشرعنت تواجدهم في منطقتنا العربية والتي لم يكونوا يحلمون من قبل حتى بموطئ قدمٍ لهم فيها ؟
ألا يبعث هذا السؤال على الريبة والشك في أنه كان لها دواعٍ تآمريةٍ خبيثةٍ وخفيةٍ مبيتةٍ على الامة العربية لصالح قوى الهيمنة والاستكبار العالمي المتمثلة بأمريكا وإسرائيل ؟
وإلا ماذا يعني أن تستقدم قوات أجنبية إلى بلادك بدعوى ضرب العراق وتحرير الكويت طالما وأنت قادر على القيام بذلك بنفسك أو وبمن معك من العرب؟!
طيب تحررت الكويت وحوصر العراق وأُجبر على تدمير أسلحته وتقليصها إلى المدى الذي جعله لم يعد قادراً حتى على بسط سيطرته على سائر مناطق العراق ثم أعقب ذلك احتلال العراق وتدميره وإزالة الخطر المزعوم كليةً من جانب العراق على السعودية ودول الخليج، فهل انسحبت بعد ذلك تلك القوات الأجنبية من المنطقة وعادت أدراجها كما كان مبرمجاً لها ومعلناً عند مجيئها ؟
في الحقيقة لا ..،
لم تغادر ولم تعد أدراجها على الإطلاق، فالمنطقة على ما يبدو لاتزال على موعدٍ مع بعبعٍ مصطنعٍ جديد !
واليوم وبعد ما يقارب الثلاثين سنة وقد انتهوا من اصطناع البعبع الجديد وترسيخ صورته في أذهان أصحابنا السعوديين وبعض الخليجيين والعرب يعود ذات السؤال من جديد، هل تستطيع السعودية بمفردها أو بمن معها من العرب أن تواجه إيران إذا ما فكر الإيرانيون بمهاجمتها أو حاولوا اجتياحها ؟
طبعاً على عكس المرة السابقة فقد بدى الخبراء والمحللون العسكريون السعوديون أكثر ثقةً وجرأةً هذه المرة وأجمعوا بأن السعودية فعلاً قادرة على مواجهة إيران بمفردها بل ذهب البعض منهم إلى القول بأنها تستطيع أن تقضي على إيران في غضون ساعاتٍ إن لم يقولوا دقائق معدودات منطلقين في ذلك طبعاً من خلال حجم ما امتلكته السعودية ولازالت من قدرات وإمكانيات عسكرية مهولة وذلك بفعل صفقات أسلحةٍ ضخمةٍ جداً ظلت تشتريها طيلة السنوات والعقود الماضية.
طيب مادام السعوديون كذلك يستطيعون مواجهة إيران ومن وراء إيران بمفردهم، فلماذا إذاً يرون في إيران بعبعاً يهدد وجودهم ويقض مضاجعهم ويبتزهم به الأمريكيون ؟!
ولماذا إذاً يتسولون موافقة أمريكا لمضاعفة تواجدها والمجئ بالمزيد من قواتها بحجة توجيه ضربة رادعة لإيران مع أن المشكلة بالنسبة لإيران معهم هي أصلاً في وجود القوات الأمريكية والاجنبية هذه وانتشارها في منطقة الخليج وهو ما تعتبره إيران يشكل خطراً وجودياً يهدد نظامها وأمنها ومصالحها الحيوية بصورة مباشرة.
يعني ومن خلال ما سبق المسألة ليست مسألة هاجسٍ أمنيٍ سعوديٍ أو تخوفٍ وجودي ولا أي شئٍ من هذا القبيل وإنما هي تتلخص في أن السعودية ومن خلال هذا الدور المشبوه الذي تمارسه إنما تمارس دور (الكُبري) أو الجسر في المنطقة والذي من خلاله تستطيع السياسات والأهداف الأمريكية أن تمر وتعبرلضرب القوى المقاومة للمشروع والهيمنة الأمريكية والصهيونية بدءاً من ضرب المشروع القومي العربي في مصر – عبدالناصر ومروراً بالعراق وليبيا وسوريا واليمن ووصولاً اليوم إلى محاولة ضرب المشروع المقاوم في إيران !
فهل يعتقد النظام السعودي أنه بممارسة هذا الدور يستطيع أن يطيل من عمر بقاءه وديمومته أم أنه باستعداء واضعاف من حوله إنما يعجل ويسرع من أمر زواله، فلا يهمه سوى تحقيق مصالح وأطماع أسياده في بلاد العم سام ؟!
(عيدكم سعيد)
#معركة_القواصم