الإلحاد المؤقت
إب نيوز ٣ أغسطس
عفاف البعداني
وأشد مرارة من هذا التعريف لم أرَ ،وأصعب من هذا الحديث لم يكن ،حينما تشعر أن الله بقداسته ونوره وجماله بعظمته وحبه الأزلي الذي حوى كل المخاليق وتملك أفئدتهم منذُ أن شق فيها الروح وأذن لها أن تولد في دار الشقاء، تشعر أنك فقدت معيته ورعايته لك.
وكم يزيد الشعور مرارةً عندماتشعرأنك فقدت تواجده الودي معك آنذاك تشعر،أنك تسير بلا أمتعة ،تشعر أنك تطير بلاأجنحة،تشعر أنك تبحر بلا أشرعة.
بعدما كنت تشاركه أدق تفاصيليك الحياتية،وفي هذه اللحظة المؤرقة من الابتعادوالفقدان.
يبتهج القرين وتعلو أفراحه بهذا الانتصار الصاخب ويبدأ ياخذك :
*في حيز اسمه “الاستقلالية عن الله”* وكل البشر لتنفرد بنفسك وتثبت لها الحق في الوجود العبثي الغير مبالي بالنظام الكوني الذي يدلك على أن وراء هذالكون الفسيح خالق رحيم حافظ حليم.
وبعد المرحلة الاستقلالية تبدأ
تمرعلينا:
*مرحلة النفس المتبعثر*
وهنا تجد نفسك بلا شعور فكل مافيك مبعثر فالليل كالنهار،والحركةكالسكون واللامبالاةكالشعور ،وبهذه التهيئة التبعثرية،يبدأعمل التغليف الإلحاديي تدريجياً
وبدون أي مقدمات أو درايةويبدأ.
*الوساوس التسلطي بعمله في التغليف*
فيقوم بتغليف القلب والعقل عن فطرة التوحيد وتعطيل تأملاتهم بقدرة الله في هذالكون بدون إدراك ولابصيرة وينفصل كلاً من العقل والقلب في إتجاهاتاتهم ،كلاً منهم يبحث طريقاً يحدوا إلى التبعثر.
فالعقل ابتعد بمسافات طويلة ويريد أن يبحث له عن حياةهادئة بلا شك ولافوضى،والقلب فقد البصيرة ولاح مودعاًالعقل ليبحث عن النور المفقود والسلام المسلوب ،والنفس بعد هذا التبعثر تأهبت بتحكيم هواها على كل صغيرة وكبيرة.
فأرجعت العقل رغم بعدالمسافات وأسكنت القلب عن التوديع لتحكم هي وتصبح أيها الإنسان أسيرًا لتلك الأحكام التسلطية فا أنت لا أصبحت تتحكم بعاطفة قلبك
وما عدت تدري أين التعقل والحكمة من عقلك
وتبدأ النفس تعلن المراسم السوداء،وتعلن عن الأفراح اليتيمة التي منحت النفس الحق في فرض الأحكام بأمر من القرين فيحل هذا القرين بعقلك ويستخدم قاموسك الفكري والكلمي ليكتب ما أراده هو، لا ما أردته أنت، يهاجم تخيلك الواسع ليريك قصص وروايات وأحداث ومجريات يصعب عليك أن تحسبها من الواقع أو من الخيال.
يصعب عليك أن تعدها من الحقيقة أوالوهم فتصبح إنسان مدعي الصمت وفي داخله الف رواية والف حكاية وكم يصعب عليك شرحها للبشر .
وبين برهة ولحظة تأتيك أصوات تسمى أصوات النجاة،أو باﻷصح،صحوةمابعد القرين المتسلط.
فتهمس في أذنك رغم الضجيج وتقتحم أسوار الجمود والتغليف لتصرخ بصوت عالي قائلة لك:..
لماذا هذا التبعثر؟؟
لماذا هذا الجمود؟؟
لماذا هذا التبلد؟؟
لماذا هذا السكوت؟؟
أجيبوني باسم الفطرة لماذا هذ اللحود حاورني عن السبب ومن أين كان.
أجبته: ياهذا الصوت إن الفكر مسلوب، ياهذا أنا أعيش في غيبوبة الوجود،ياهذا لا أدري ماحل لحالي،فالصمت و البوح صار عندي في المعنى سوائي.
تعاظم الصوت ،وناشد مهجتي وقال :..هلمي يافطرة وأرشدي،
وعادالصوت وأنا نائمة بمضجعي
وقال: ياإنسانية فلتستيقظي،رجع الصوت وقال :نسيت الضمير فلتأتوا به ولنلتقي.
أين سنلتقي ياهذا الصوت؟؟
عند المتسلط المتعنتي ولنعلنها حرباً ولتقتضي فالحكمة في هذا الحرب هي نواجه بلا خوف ونرتقي ولتتأهبي يانفس،ولترجعي فالقرين ضعيف إذا استعلى عليه صوت مفعم بالاستعانة يرتجي.
فصرخ الصوت وناشد مهجتي وقال: يانفس إني أغوص في الأغوار لأستقي من الأنوار التي تخرجنا من ضيق الأحوال إلى منابع النوران.
يانفس إني أقف على أطلال داخلي المبعثر لاصلح ماأفسدته ظروف وأيام بفعل منا نحن الأنام وحاشا أن يسب الدهر إنسان .
يانفس،إني أقف، وأقف بحلقة الانتظار لاخرج إلى منافذ الأقدار المبعوثة بلطف من الرحمان،لتكون رسالة مجسدة عن حب الإله لهذا الإنسان .
وتوالت النداءات إلى أن اختفى الإلحاد وذهب وقته وطقسه.