هل يلحق البريطاني غريفيث بسلفه الموريتاني ولد الشيخ
علي الدرواني
مع اشتداد أزمة الوقود في صنعاء وما حولها من المحافظات المحررة، ومع اقتراب أيام عيد الأضحى المبارك، يعاني اليمنيون جراء جريمة الحصار الخانق الذي تمارسه دول العدوان السعودي الأمريكي، واحتجاز سفن المشتقات النفطية، ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة.. كل هذا في كفة وفي الكفة الأخرى ابتلاع الأمم المتحدة لسانها أمام هذه التجاوزات الفاضحة والإجرامية لتحالف العدوان بحق الشعب اليمني وما يمكن أن تنتج عنها من تداعيات خطيرة على مختلف المستويات لا سيما الصحية منها، بصورة تزيد من المعاناة الإنسانية الأسوأ في العالم، وتشير إلى انحراف المبعوث الدولي عن مهمته الأممية والإنسانية.
هذا الانحراف دفع برئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام في تصريحاته الأخيرة لصحيفة 26 سبتمبر للإشارة إلى إمكانية طي أيام مارتن غريفيث، في حال أصرّ على الاستمرارِ في تصرفاته المتماهية مع أهداف العدوان، وتحويل الأزمة الإنسانية إلى ورقة للابتزاز السياسي، علها تحقق ما عجزت الآلة العسكرية السعودية عن تحقيقه في أكثر من خمس سنوات.
هذا المبعوث كان قد فشل خلال أكثر من عامين من مهمته الموكلة إليه في تحقيق أيّ تقدم ملموس حتى في الجوانب الإنسانية الأكثر الحاحًا، والمتمثلة بملف الحصار الاقتصادي، والملف الصحي خصوصًا في ظل تفشي كورونا، وكذلك في ملف الأسرى، رغم أنه قد عمل على فصل الملفات السياسية عن الإنسانية، لكن بطريقة تجعل منها مادة للابتزاز السياسي وليّ الذراع، وهو أمر تنبه له الوفد الوطني، وعاد لربط الملفات ببعضها بعضًا، ورفض لقاء غريفيث في زيارته الأخيرة لمسقط، حتى يتم الافراج عن سفن المشتقات النفطية، ويكف العدوان عن استخدامها ورقة للضغط.
ربما يتباهى غريفيث باتفاق السويد، لكن ما الذي حققه من هذا الاتفاق على الأرض طوال أكثر من عامين على توقيعه آخر العام 2018م، رغم جرعات الدعم الكبيرة التي قدمتها صنعاء عبر عدد من المبادرات العملية، سواء الميدانية بإعادة الانتشار في ميناء الحديدة والصليف، أو الاقتصادية عبر فتح حساب في فرع البنك المركزي في الحديدة لإيرادات الموانئ، بغرض صرف المرتبات وفقا للاتفاق، أو الإنسانية بعدد من المبادرات والافراج عن عدد من الأسرى من جنود وضباط العدوان، أكثر من مرة، إلا أن تلك المبادرات قوبلت بالتنكر والجحود، سواء من قبل الطرف الآخر أو من قبل المبعوث الدولي.
ومؤخرًا، عمد غريفيث في تصريحاته لمركز الأمم المتحدة الإخباري إلى توفير ما يشبه الغطاء لتشديد دول العدوان الحصار على ملايين اليمنيين، عندما وضع حجز سفن الوقود والغذاء والدواء ردا على ما سماها خطوة أحادية بالإشارة إلى صرف نصف راتب للموظفين في شهر رمضان المبارك لمواجهة أعباء المعيشة والتخفيف من آثار الأزمة الإنسانية التي صنعها العدوان والحصار الجائر.
ومع أن صرف نصف الراتب المشار اليه يأتي متوافقًا مع التزامات اتفاق السويد، فإن المبعوث الدولي قام بعكس الحقائق وقلبها رأسا على عقب ولم يجد حرجًا بجعلها مبررًا لأزمة الوقود التي تشهدها صنعاء وغيرها من المحافظات الحرة منذ أكثر من شهر، بدلًا من أن يشكر هذه الخطوة ويشيد بها، سواء من الناحية الإنسانية أو لناحية التنفيذ لنقطة مهمة من بنود اتفاق السويد، وتحميل الطرف الآخر مسؤولية التنصل وعدم الوفاء بما يخصه في الاتفاق، وإلزامه والضغط عليه لاستكمال مبالغ المرتبات المستحقة لجميع الموظفين في كل الجمهورية اليمنية.
من جهة أخرى، ها هو كورونا يفتك بالعالم، ويعجز المانحون للمساعدات الطبية عن إدخالها إلى اليمن نتيجة الحصار المفروض، فلماذا تقف الأمم المتحدة صامتة؟ لماذا لا تعمل على إيصال المساعدات الطبية في الزمن الأكثر إلحاحا، ولمواجهة فيروس عملت دول العدوان على إدخاله إلى البلاد عن عمد وترصد؟
كل هذه الأمور تفقد المبعوث الدولي حياده وإنسانيته معًا، وتضعه في صف العدوان، وعندما تكون الصورة بهذا القدر من الوضوح، يبرز السؤال: هل يلحق البريطاني مارتن غريفيث بسلفه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ؟