أ يُلامُ عاشق علي؟
إب نيوز ٦ أغسطس
إقبال جمال صوفان
أخطب الخطباء وإمام الأئمة الأتقياء، مصباح الدُجى وغيث الورى، ذُخر الأولياء ومُذل الأعداء، إختاره الله خليفة ليكون الوالي من بعد النبي مُحمد، يمتلك بحاراً من الفصاحة والبيان، لا يُضاهيهِ أحد في المكانة التي منحهُ الله إياها ورسوله أبو السبطين وسيف الله المسلول من سطع نجمهُ في الخندق عندما برز الإسلام كله للشرك كله من أبلى بلاءً حسناً في أُحد وقال رسول الله عنه :(لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار)، من قابل الإساءة من معاوية بالإحسان في معركة صفّين عندما تولى معاوية على نهر الفرات ومنع الإمام علي وجيشه من أن يشربوا منه قطرة واحدة فاضطر الإمام علي لاستخدام القوة وسيطر على النهر ولكنه سمح لمعاوية وجيشه بالشرب منه، من صبر في معركة الجمل وكان قوله لجيشه :(لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤكم بالقتال فإنكم بحمدالله على حجة).
إن ذكرى يوم الولاية تقترب مِنّا يوماً بعد يوم ، هذه الذكرى التي تُجسد معنى الفرح والسرور والابتهاج بيوم الثامن عشر من ذي الحجة يوم عيد الأرواح المُتعلّقة بالله ورسولهِ وآل بيتهِ الأطهار يوم رفعُ يد الإمام علي وقول الرسول :(من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه) طبّق رسول الله ماأُمر به وبلّغ يومها مايقارب الــ100 ألف حاج بولاية علي من بعده ولكن للأسف لم تُنفذ الأمة الإسلامية ماقاله النبي وتمت مبايعة أبا بكر في مكان يُسمى السقيفة ولكن الإمام علي كان المرجع الأساسي لأبا بكر وغيره من الناس حتّى قيل في تلك الأيام : “لو ولّيتموه أمركم، لحملكم على المحجّة البيضاء” ولكن حقد بعض الصحابة لم يسمح لعلي أن يجمع بين النبوة والخلافة رغم معرفتهم تمام المعرفة بأن هذا أمر الله ولكنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم .
توفّي رسول الله صلوات الله عليه وآله وعمر الإمام علي(33)سنة وحمل على عاتقهِ هم الأمة وأحكم كل جوانبها سواء الجانب الديني أو العسكري أو السياسي فقد انفرد الإمام علي عن غيره من الحكام السابقين في إدارة دولته الإسلامية فكان متميزاً بخصائص لا يفكر فيها أي مفكر إداري لأنه نظر للدولة بنظرة إنسانية تتجلّى في التّروي والاستبصار والدليل قوله عليه السّلام :(من أكثر أهجر ومن تفكر أبصر) وللإمام علي نظرات كثيرة وجوانب أكثر وسأتناول بعض منها:
1_الجانبُ العسكري:
إذا تأملنا في المدارس العسكرية الحديثة سنجد أنها تمتلك أحدث الأسلحة والتّقنيات ولكنها فقدت الرُّوح الإيمانية وهذا ماجعلها ناجحة في التّطور عاجزة في القتال ولذا نجد الإمام علي يرفع الرّوحية المعنوية لجيشه بقوله:
(ألا إنكم ملاقو العدو غداً إن شاءالله فأطيلوا الليلة بالقيام، وأكثروا تلاوة القرآن، وأسألوا الله الصّبر والنّصر، وألقوهم بالجد والحزم، وكونوا صادقين). وفي هذا الجانب خاصة نرى ثمرة تولي اليمنيين للإمام علي وثباتهم على نهجه ومساره فنجد المجاهدين يُقاتلون المعتدي بالحجارة وهم حُفاة يتقدمون ونرى أَسر 1000 جندي في يومٍ واحد ونرى مجاهد يحمل رفيقه بين وابلٌ من الرصاص فيصل سالماً مُعافا ونرى إقتحام موقع عسكري بالسُلم الحديدي ونرى حرق دبابة أمريكية بولاعة محلية فالحمدلله على هذه الإنتصارت المُبهرة للعالم أجمع وصدق الله القائل:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)
2_الجانبُ المالي:
سعى الإمام علي على إرساء دعائم النظام المالي على أسس وقواعد تختلف عما كان معمول به قبل توليه، وقد حرص عليه السّلام على محاسبة المفسدين الذين نهبوا أموال المسلمين بغير حق فأصدر أوامر بجمع الأموال المسروقة، وإعادتها إلى خزينة الدولة لأنه تميّز بالعدالة ، والإنصاف للمظلوم بل أنه عندما امتلأ بيت مال المسلمين وزّع كل مافيه من مالٍ ثم وقف وقال :(الله أكبر، ياصفراء يابيضاء غرّي غيري).
3_الجانبُ السياسي:
مفهوم السياسية عند الإمام علي كان العدل والعفو وجهاد النفس وقد ركز على سياسة النفس بالدرجة الأساسية لأن مستقبل الساسة رهين بحسنها وصحة مسارها لذا قال في هذا الجانب :(لكل دولة برهة) وهذه المقولة تدل على قيم سياسية وإدارية وإرشادية منها العدل، واليقظة، والانتباه.
4_الجانبُ الاقتصادي :
جعل الإمام علي المساواة في العطاء بين الناس أساساً لسياستهِ الاقتصادية وقد سار على هذا النهج بكل صدقٍ وحزم رغم ماواجه من التّذمر والحقد من أصحاب المصالح والأطماع وكان نِعم الرجل العدل وقال:(أيُّها الناس إني رجل منكم لي مالكم وعليّ ماعليكم وإني حاملكم على منهج نبيكم).
مكانةُ الإمام علي عظيمة جدّاً عند الله فنجد عدة آيات قرآنية نزلت فيه كقوله تعالى:
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) أجمع العلماء أن هذه الآية نزلت في الإمام علي أنه ولي المسلمين من بعد الرسول.
(لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)
عند نزول هذه الآية قال رسول الله صلوات الله عليه وآله :(هي أذنك ياعلي).
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) نزلت هذه الآية في الإمام علي والعباس وشيبة فقال العباس:(أنا الأفضل لأن سقاية الحاج بيدي) وقال شيبة :(أنا الأفضل لأن حجابة البيت بيدي ) وقال الإمام علي :(أنا الأفضل فإني آمنت قبلكما وهاجرت وجاهدت).
أما مكانتهُ عند النبي فكانت مكانة مرموقة وشأنها رفيع فقال فيه الرسول:
(خُلقت من شجرة واحدة أنا وعلي)
(أنا المُنذر والهادي من بعدي علي)
(أعلم أمتي من بعدي علي)
(أنا مدينة العلم وعلي بابها)
(حامل لوائي في الدنيا والآخرة علي)
والكثير الكثير من المناقب التي تميّز وتفرّد بها الولي الهاشمي.
وكنقطة أخيرة استوقفتني هي حُبّ الأب لابنته فعندما كانت زينب الكبرى تذهب لزيارة جدها رسول الله كان الحسن على يمينها والحسين على شمالها خوفاً عليها لم يكن يُسمع لها صوتاً في بيتها وكانت تذهب ليلاً وما إن تقترب من القبر إذا بالإمام علي يسبقها ويخمد ضوء القناديل لمَ كل ذلك؟! خشية أن يرى أحد زينب!! أي صون أي خوف أي غيرة أي حنان أي مودة من ذلك الأبّ المرافق لبُنيتهِ بقلبه وبروحه قبل وجوده ماأعظم الأبوّة الممزوجة بالفخر والثقة والعطف والحنان والقوة والثبات رجل يُقتدى به في الحياة كلها .
والآن أخبرني قارئي أ يُلامُ عاشق علي؟