عودة للمعايير الإلهية ..

عبدالملك سامإب نيوز ٩ أغسطس

عبدالملك سام

لم يسرد القرآن قصة أمة كما سرد قصة بني إسرائيل وما فعلوه بالأنبياء ؛ وذلك لما في قصصهم من عبرة وشرح للنفسيات التي يمكن تتكرر بأوضح أسلوب وتصوير .. تاريخ يدور ويعيد نفسه في عصور متعاقبة ، وهذا ما يجعلنا ننتبه لأهمية قراءة هذه القصص بتمعن بدل قراءة القرآن كيفما أتفق وبحثا عن ثواب لا يمكن أن نناله إلا بالتدبر والتطبيق .

في مراحل معينة من الصراع بين أهل الحق والباطل ، وغالبا ما تكون عند نقطة صعبة ومفصلية ، تتطلب هذه المرحلة رجال مؤمنين من نوع خاص جدا ، فنتيجة هذه المرحلة تؤسس لتغيير جذري فيما يليها من مراحل ، فتتغير المعادلات وينتج وضع جديد لا مكان فيه للذين يقفون بحسب المصلحة وطمعا في المال والنفوذ .

منطقيا ووفق رؤية عامة الناس ، ما أمر به طالوت وهو يعبر بجيشه النهر كان غير منطقي ، بل وكان فيه أستفزاز لمشاعر الجنود العطشى ! وطبعا هؤلاء أعتبروا أنه من حقهم أن ينالوا ماهو من أبسط حقوقهم ألا وهو شرب الماء ، ولكن لم يدرك هؤلاء مدى قبح فعلهم إلا عندما سقط معظم هذا الجيش في الأمتحان ، ومن عبر النهر طائعا لله ولنبيه وللقائد الذي أختاره الله أستطاع الصمود وأستحق النصر والعزة ونال خير الدنيا والآخرة ، ففتحت أرض كنعان بخيراتها لأولئك الذين صمدوا وصبروا .

الإمام علي – عليه السلام – كان رجلا بسيطا ، ولم يكن يمثل بعيون أولئك المخدوعين بالمظاهر والأبهة ألا نسخة من طالوت الفقير ، وهذا ما جعل هؤلاء يخدعون كما خدع بنو إسرائيل ، ووصل الأمر بهم عندما أختلفوا عليه أن ضربوا بعضهم بالنعال في مسجد رسولهم ، وما لحق بالأمة من ظلم حتى تولى شرار الناس مقاليد السلطة ، فأتخذوا عباد الله عبيدا وتقاسموا أموال الأمة بينهم ، فهذا لقريبه وهذا لصاحبه ، وما نزال إلى اليوم ندفع ثمن ما أقترفه أولئك يوم رفضوا أوامر الله ..

النهر الذي منعهم طالوت من الشرب منه كان فاسدا كرأي كبار القوم يوم أجتمعوا بالسقيفة ، ولو أنهم رضوا بمن أختاره الله لهم – وهو من يجمع الكل بعلمه وقوته وتقاه وعدله – لما وصل الأمر إلى قتل الخلفاء وضربت الكعبة وأستبيحت الأعراض وسفكت الدماء ، وما وصل الأنحدار بنا إلى التشرذم والأنقسام والضعف والهوان حتى وصلنا إلى درجة أن نكون أمة ذليلة من قبل من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة !!

اليوم ، ونحن نرفع اليد التي رفعها رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فنحن نقول أن هذه هي المعايير التي يجب أن تنطبق على من يتولى أمور المسلمين ، وهو من سيحقق لنا العزة والكرامة والعيش الكريم ، وليس هؤلاء الزعماء والرؤساء الذين أختارهم لنا أعداؤنا ، فيجلسون من يشاؤون ويقصون من يشاؤون في الوقت الذي يريدون !!

لا سبيل للنصر ونيل الخير في الدنيا والآخرة إلا بالرضا بما أراده الله ، وقد جربنا كل السبل والحلول التي قدمها “جهابذة” الطرف الأخر ، فإلى أين وصلنا ؟! من أراد أن يواصل على طريق الضياع فليواصل ، ومن أراد أن يسلك طريق الحق والخير فنحن معه ، لنغير واقعنا بالعودة لطريق الله ومشيئته .. (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) .

You might also like