نائب وزير الخارجية : طالبنا بإجراء إصلاحات عاجلة للسفينة حفاظا على البيئة البحرية وضرورة إرسال المعدات اللازمة لكن الأمم المتحدة تنصلت عما اتفقنا عليه .
إب نيوز ١٦ أغسطس /الثورة / وديع العبسي
نائب وزير الخارجية : طالبنا بإجراء إصلاحات عاجلة للسفينة حفاظا على البيئة البحرية وضرورة إرسال المعدات اللازمة لكن الأمم المتحدة تنصلت عما اتفقنا عليه
في مؤتمر صحفي عقده بمقر وزارة الخارجية بصنعاء حول أزمة سفينة صافر
أكد نائب وزير الخارجية حسين العزي أن صنعاء الطرف الوحيد الذي طالب بصيانة خزان صافر العائم من عام 2016 وحتى اليوم من منطلق الواجب، وجدد العزي اتهام الأمم المتحدة بأنها من تقف وراء عرقلة صيانة ناقلة النفط “صافر” الراسية قبالة ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، على بُعد 8 كيلو مترات/ 4.8 ميل بحري من الساحل.
وأوضح أن اليمن خاطبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بخطابات رسمية ومناشدات إعلامية خلال كل اللقاءات بالمسؤولين الأمميين لتحييد لوازم صيانة صافر من الحصار.
وقال حسين العزي خلال مؤتمر صحفي أمس طالبنا بإجراء إصلاحات عاجلة للحفاظ على البيئة البحرية وإرسال المعدات اللازمة تزامنا مع إجراء أعمال التقييم.. مضيفا “لا نريد للفريق الأممي أن يأتي بأيادٍ فارغة ونحن قد سهلنا التأشيرات لهم وطالبنا ببعض المعدات لإجراء الإصلاحات اللازمة”.
وأشار إلى أنه في عام 2016م كانت سفينة صافر بحالة سليمة والسلطة في صنعاء كانت أكثر حرصا على سلامتها، لكن تحالف العدوان منع دخول قطع الغيار ودخول المازوت لإجراء الصيانة الدورية لسفينة صافر وصنعاء ناشدت العالم من أجل ذلك.
وقال “نحن المستفيد الأول من إصلاح وصيانة سفينة صافر ونحن المتضرر الأول من أي كارثة قد تحصل وبذلك لا يمكن لنا أن نتراجع عن التزامنا أو نعيق أعمال الصيانة”.
تعامل غير مسؤول من الأمم المتحدة
ولفت العزي إلى أنه بعد ثلاث سنوات من المناشدات لصيانة سفينة صافر جرى اتفاق مع المبعوث غريفيث على إرسال فريق خبراء لتقييم أضرار سفينة صافر وإصلاحها، وإرسال فريق أنفيم إلى الحديدة للحد من القيود المفروضة على دخول السفن.. إلا الأمم المتحدة -والحديث للعزي- تراجعت عن إرسال فريق أنفيم حسب الاتفاق وطالبت بالتنازل عنه وعدم ربطه بسفينة صافر رغم إصدارنا لتأشيرات دخول الفريق الأممي.
وقال طالبنا مجدداً بإرسال فريق الخبراء للقيام بصيانة سفينة صافر للحد من وقوع الكارثة وجاءنا رد الأمم المتحدة بأجندة صادمة.
وتابع “أجندة الأمم المتحدة قالت إنها غير معنية بالصيانة وإطالة عمر السفينة والمبعوث وجد أن هناك مخالفة جسيمة، وعلى العالم أن يدرك أن التباطؤ في صيانة سفينة صافر من الأمم المتحدة ليس من السلطة في صنعاء”.
وقال: خاطبنا السويد وروسيا والصين بخصوص السفينة بعد أن لمسنا المماطلة والتباطؤ الأممي في صيانتها وقد استجابت هذه الدول لكنها اشترطت مشاركة أممية.. وأشار إلى أن الأمم المتحدة تصر على الزيارة الشكلية لسفينة صافر لرفع تقرير معد مسبقا لا يتضمن حتى التقييم.. وقال ” فريقنا الفني قدم جملة من الملاحظات بخصوص تقييم وإصلاح السفينة والأمم المتحدة أدركت ضرورتها وأهميتها، لكنها أصرت على الزيارة الشكلية لسفينة صافر لرفع تقرير معد مسبقا لا يتضمن حتى التقييم”.
مجلس الأمن بالانتصار لاتفاق السويد
ووجه نائب وزير الخارجية رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي وقال: تزايدون على صنعاء بخصوص سفينة صافر وأنتم شركاء في قتل الشعب اليمني وتدمير مقدراته.
كما خاطب مجلس الأمن مطالبا إياه بتغيير سياسته والأخذ بما تم تقديمه من حقائق، وأن على المجلس أن يعيد النظر تجاه اليمن ويفتح عينه على صنعاء ويتيح الفرصة لاستماع وجهة نظرها.
وقال: مجلس الأمن مطالب باستعادة ثقة الشعب اليمني بإعادة النظر في سياسته وليعلم أن مقعد الجمهورية اليمنية مشغول بأناس لا يمثلون البلد.
ودعا العزي مجلس الأمن أن يحترم تطلعات الشعب وخياراته والا يقتصر في استقاء معلومات من جهة واحدة، معربا عن أمله أن يتخذ قراراً بفتح المطار ورفع القيود عن السفن انتصاراً لاتفاق السويد.
تسويف ومماطلة
وتعود قضية سفينة صافر إلى الواجهة بعد شهر من موافقة حكومة الإنقاذ كتابياً، على مطلب الأمم المتحدة تسهيل مهامّ فريق فني دولي لتقييم وضع السفينة العائمة “صافر” في سواحل محافظة الحديدة، مع المطالبة بتكليف فريق مؤهّل وذي خبرة ومعلوم الهوية بتلك المهمّة.
وقال محمد عبدالسلام، رئيس الوفد التفاوضي قبل أيام: مطالباتنا المستمرّة بإصلاح السفينة تُقابَل بعدم المبالاة والرفض، وذلك لأن مَن يشنّ حرب إبادة على شعب بأكمله ويفرض عليه أشدّ الحصار لا يبالي بمصير سفينة”، فيما قال نائب وزير الخارجية حسين العزّي، في وقت سابق “إننا أبلغنا الأمم المتحدة موافقتنا على التقييم والصيانة، لكن بقينا نعاني من التسويف، لذلك لجأنا إلى دول صديقة، وقد حصلنا على تجاوب جيّد، والترتيبات جارية لمباشرة العمل على صيانة السفينة”، مُحمّلاً أيّ جهة تحاول إعاقة ذلك المسؤولية عن التبعات.
مناشدات مستمرة
يُشار إلى انه ووفقا لما وُثق من المناشدات والمطالبات التي تقدمت بها اليمن بمختلف هيئاتها فإن اليمن قد رفعت صوتها التحذيري، وتكاد تكون أول من حذر من الكارثة المتوقعة من استمرار الإهمال لوضع السفينة.
منذ يوليو2016م، سارعت حكومة الإنقاذ إلى التحذير من هذا الخطر، عقب منع تحالف العدوان شحنة مازوت خاصة بالسفينة من دخول ميناء رأس عيسى، وهو ما أدّى إلى توقّف الغلاّيات الخاصة بها، ومع فشل جهود إدخال المازوت اللازم لتشغيل السفينة المتقادمة أصلاً، تمّ إخلاء العاملين على متنها، ليبدأ العد التنازلي في اتجاه نقطة الكارثة.
ثم رفعت الهيئة العامة للشؤون البحرية رسالة في 9 نوفمبر 2016م، تؤكد “حاجة سفينة صافر العائمة لتموينها بمادة المازوت لإعادة تشغيلها والقيام بأعمال الصيانة اللازمة لها تفاديا لحدوث تلوث كبير نتيجة تسرب النفط إلى البحر مما قد يؤدي إلى كارثة بيئية كبيرة لا يحمد عقباها”.
في 21 ديسمبر 2016م، التقى وزير النفط والمعادن قيادات الهيئات والمؤسسات النفطية وشدد على ضرورة التحرك لوضع معالجات للخزان العائم (السفينة صافر) والآثار الكارثية التي قد تُخلفها السفينة العائمة نتيجة تقادمها وتوقف أعمال الصيانة بسبب استمرار الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان”.. لم يلق الأمر أي تجاوب لتعلن هيئة الشؤون البحرية في إبريل 2017م، أن “شلل معظم الأنشطة ومنها الصيانة على الخزان العائم ينذر بكارثة بحرية ستشكل تحدياً لليمن والدول المجاورة”، واعتبرت الهيئة ممثلة بمديرها محمد معتوق أن “وضع الباخرة صافر في دائرة الاستهداف من تحالف العدوان وبهذا الشكل يعكس صورة واحدة للابتزاز الكبير الذي يتعرض له اليمن”.. وقال معتوق في تصريح صحافي: “وضع الباخرة صافر والظروف المحيطة بها تمثل هاجسا يؤرقنا في الهيئة، نحن نتحدث عن خزان عائم ضخم دخل الخدمة في اليمن قبل ثلاثين عاما والكمية التي يحتويها كبيرة وفي حال حصل انفجار أو حريق قد تضرب الكارثة البيئية عددا من الدول وستتسبب بعواقب وخيمة ولفترة زمنية، ولن تكون المشكلة آنية”.
وضع “صافر”
وكانت وكالة الاسوشيتد برس كشفت عن وثائق سرية تظهر بأن مياه البحر قد دخلت إلى حجرة محرك الناقلة اليمنية “صافر” العائمة في عرض البحر، والتي لم يتم صيانتها لأكثر من خمس سنوات، مما تسبب في تلف خطوط الأنابيب وزيادة خطر الغرق.
وقالت الوكالة الأمريكية، في تقرير لها: إن الصدأ بدأ يغطي أجزاء من الناقلة كما تسرب الغاز الخامل الذي يمنع الخزانات من تجميع الغازات القابلة للاشتعال.
الأمم المتحدة ذاتها التي تقول ولا تفعل شيئا حذرت من أن عدم إجراء إصلاحات في السفينة يمكن أن يؤدي إلى كارثة بيئية من صنع الإنسان في البحر الأحمر أكبر بأربع مرات من التسرب النفطي لشركة إكسون فالديز عام 1989م.
ويؤكد مرصد النزاعات والبيئة البريطاني (CEOBS) أن انعدام المازوت، يعني ببساطة أن محركات خزان صافر لا تعمل منذ سنوات عدة، وهو ما تسبب في تعرّض الهيكل للرطوبة والتآكل مع شحة الصيانة، في ظل وجود هيكل واحد قد يكون معرضاً للخطر.
ويؤكد مدير البحوث والسياسات في مرصد النزاعات والبيئة في المملكة المتحدة، دوغ وير، في حديث لشبكة CNN: ” أن جزيئات النفط في السطح، معرضة للتفكك، وإعادة الاتحاد مع جزيئات الهواء في الخزان، وبفعل عامل الوقت يتصاعد خطر هذا التفاعل الكيميائي الذي يودي إلي نشوب حريق، أو انفجار في نهاية المطاف”.
ويضيف وير: ”للتقليل من هذا الخطر وتفادي الاشتعال، نظراً لأن المحركات لا تعمل، فإنه من الضروري إبقاء نسبة الأكسجين في الخزان دون 11% عن طريق حقن الخزان بالغاز الخامل، للمحافظة على تركيز منخفض من الأكسجين. ولنا أن نتخيل خطر حدوث الانفجار في أي لحظة في ناقلة صافر التي تركت بلا صيانة طيلة 4 سنوات، الأمر الذي يفاقم نسبة المخاطر البيئية والآثار المترتبة”، خصوصاً مع انتهاء العمر الافتراضي لها قبل 10 سنوات/ 2011م، وتوقف مراجلها الداخلية “الغلّايات” عن إنتاج الغاز الخامل في صهاريج الخزانات، وتكمن أهميته في العمل على الحيلولة دون حدوث أي انفجار أو أي تفاعل كيميائي يؤدي إلى حدوث الانفجار، نتيجة الغازات المُنبَعِثة من النفط المخزَّن في السفينة، بسبب عدم توافر مادة المازوت اللازمة لتشغيل تلك الغلاّيات، ما يهدد بحدوث تسرب نفطي أو تراكم الغازات شديدة الاشتعال، وبالتالي انفجار السفينة، نتيجة لتكوّن الغازات الهيدروكربونية المنبعثة من النفط الخام في تلك الخزانات، وحدوث كارثة بيئية واقتصادية هائلة.
في هذا السياق يلفت وزير الثروة السمكية “محمد الزبيري إلى أن ما يقارب 121 جزيرة و650 نوعاً من الأسماك تتواجد في محيط خزان صافر، وبالتالي انفجاره سيؤدي للقضاء على هذه الأنواع النادرة من الأسماك، ناهيك عن الآثار البيئية التي ستؤثر على مئات الآلاف من الأسر التي تعيش على الصيد نتيجة للضرر في خزان صافر.
وبين أن انفجار خزان صافر سيؤثر أيضا على الكثير من الدول الموجودة على سواحل البحر الأحمر وخليج عدن.
القنبلة العائمة
هي إذن قنبلة ضخمة عائمة في البحر الأحمر، كما وصفته منظمة The Atlantic Council الأمريكية في أبريل 2019م، ويتفاقم الأمر اكثر مع إفادة تقارير بحدوث ثقب في أحد الأنابيب وتسرب مياه البحر إلى غرفة المحركات.
وتهدد مخاطر تسرب أو انفجار الخزان العائم بتلوث بحري قد تمتد مساحته إلى أكثر من 939 تريليون متر مربع، وبالتالي وضع المنطقة برمتها وليس اليمن فحسب أمام كارثة بيئة إقليمية تقارب أربعة أضعاف حجم التسرب النفطي في “أكسون فالديز” بالولايات المتحدة الأميركية (ألاسكا عام 1989م).
انفجار خزانات صافر المتهالكة وتسرب مخزونها النفطي إلى مياه البحر، يعني ببساطة جعل المنطقة في مواجهة مباشرة مع أكبر وأكثر الكوارث البيئية مأساوية في التاريخ البشري بحسب تحذير مركز الدراسات الأميركي “ذا أتلانتك كاونسل”، قد تبقى آثارها التدميرية على الحياة البحرية في المياه الإقليمية اليمنية لأكثر من 150 سنة، كما يهدد انفجارها وفقاً لتقارير محلية أكثر من 150 ألف صياد في اليمن وحده، وتهديد حياة أكثر من مليون و350 ألف أسرة تعتمد في معيشتها على الصيد كمصدر وحيد للدخل، والتأثير على 5 دول في الإقليم.
من المخاطر أيضا:
1 – ضياع وتدمير محمية شمال جزيرة كمران بسبب وقوعها على مقربة من السفينة، وهي من الجزر الغنية بأشجار المنجروف والشعاب المرجانية وأنواع كثيرة من الأسماك والقرشيات، وواجهة سياحية مهمة للغوص، ومركز اصطياد سمكي ممتاز.
2 – فقدان الشعاب المرجانية موئلها الطبيعية، ونفوق المرجان، وعدم تجدد غالبية الكائنات الحية في نظامها الإيكلوجي، وتعتبر الشعاب المرجانية الحاضنة لتكاثر الأسماك، والعوالق البحرية الصغيرة، التي تشكل الغذاء الرئيسي للأسماك الكبيرة.
3 – إلحاق أضرار قاتلة بالهائمات النباتية والطحالب، وهي المسؤول الأول عن تثبيت الطاقة في البيئة البحرية.
4 – حدوث تداعيات كارثية على القرشيات والرخويات والأحياء البحرية الأخرى، ومياه الشرب والتحلية، والطيور والمزارع السمكية، والخدمات الملاحية، وجمال الشواطئ، ومراسي القوارب، والموانئ، والكورنيشات، والسواحل، وإنتاج الملح.
5 – الإضرار بالقاعِيّات، بسبب تترسب أجزاء النفط الثقيلة في أعماق البحر، وهذا تأثيره طويل المدى، وعملية معالجته صعبة ومعقدة ومُكلفّة.
6 – ترك أضرار جسيمة على صحة السكان في المناطق القريبة، حيث تتوقع دراسات ميدانية تبخر ثلثي الكمية المتسربة والمنسكبة من الخزان في مياه البحر في غضون أيام عند حدوث التسرب، بالإضافة إلى الغازات المصاحبة التي ستنتج عنها، والتي ستنتشر في الهواء، ويستنشقها السكان، ما يتسبب في حدوث الكثير من المتاعب والأمراض في الجهاز التنفسي.
وقال لوكوك العام الماضي لمجلس الأمن إنه اعتمادًا على الوقت من العام وتيارات المياه ، يمكن أن يصل التسرب من الناقلة من باب المندب إلى قناة السويس – وربما حتى مضيق هرمز.
وقال في كلمة أمام مجلس الأمن “أترك لكم أن تتخيلوا أثر مثل هذه الكارثة على البيئة وممرات الشحن والاقتصاد العالمي”.
في نفس السياق، قال السفير البريطاني لدى اليمن، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إن خزان صافر، ناقلة النفط العائمة في ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة غربي اليمن، يهدد بتدمير البحر الأحمر وسواحله.
ومن المؤسف كما يبدو أن هذا التوافق في إدراك المخاطر التي يمكن أن تلحق الأذى بجزء كبير من البشر والمساحة الجغرافية على الأرض لا يحرك الهمم والنوايا لاتخاذ موقف حازم يلزم قوى السعودية بالتعامل مع الأمر بجدية والسماح للحلول المتاحة التي تفيد ولا تضر بأخذ مسارها إلى الواقع